< قائمة الدروس
ضل

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

- إذا أتت بفاحشة جاز عضلها لتفتدي نفسها.

- معنى الفاحشة، واستعراض استعمال القرآن للفظ الفاحشة.

- عدم وجود حقيقة شرعيّة للفظ " الفاحشة " فنذهب إلى الحقيقة اللغوية، وهي ما زاد عن الحد زيادة كبيرة، نعم تنصرف إلى المعاصي لمناسبة الحكم للموضوع، ولا نقتصر على القدر المتيقّن وهو الزنى، لإطلاق لفظ الفاحشة في الآية الكريمة.

- النتيجة: الفاحشة تشمل كل معصية زادت عن الحد المتعارف كثيرا، الزنى والغيبة والتعدي على الناس والقتل وغيرها.

قلنا ان هناك أقوال لمفهوم لفظ " فاحشة " " أتت بفاحشة ": بأنه الزنى أو كل معصية عليها حدّ، أو تعذير، أو كل معصية، أو السحت، كما ورد في بعض الروايات، أو البذاء على أهلها.

إذن المراد مشكوك، قلنا في الشبهة المفهوميّة أننا أولا نطرق باب الشارع إذا كان هناك حقيقة شرعية أو لا، فان لم نجد فنطرق باب العرف في زمانه، فإن لم نجد نطرق باب اللغة عند العرب، فان لم نجد نأخذ بالقدر المتيقّن، فان لم نجد يصبح الدليل مجملا فلا نأخذ به.

نقل في الحدائق عن مجمع البيان للطبرسي (ره) قيل: هو البذاء على أهلها (الظاهر انهم أهل البيوت) فيحل لهم إخراجها وهو المروي عن ابي جعفر (ع) وابي عبد الله (ع). وروى علي بن اسباط عن ابي الحسن الرضا (ع) قال: الفاحشة ان تؤذي أهل زوجها وتسبهم ". [1]

إذن الاقوال في المسألة: الفاحشة هي الزنى. 2-المعصية التي عليها الحد. 3- كل معصية. 4- البذاء على أهلها. 5- وفي الرواية أيضا السحاق.

اما استعمالات الفاحشة في القرآن الكريم منها:

1 - ﴿وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ [2] .

2- ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [3] .

    1. ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [4] .

    2. ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [5] .

    3. ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً﴾ [6] .

    4. ﴿وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ﴾ [7] .

    5. ﴿وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [8] .

    6. ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً﴾ [9]

    7. ﴿يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً﴾[10] .

وفي رواية إكمال الدين: هي " السحاق دون الزنى ". بسنده فيه عن سعد بن عبد الله القمي " قال : قلت لصاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه: أخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته، فقال ( عليه السلام ): الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنى، فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد، وإذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم أخزى، ومن قد أمر الله برجمه فقد أبعده ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه " [11] .

نكمل كلام صاحب الحدائق: " وأكثر هذه الأخبار على تفسير الفاحشة بالأذى لأهل زوجها، ومرسلة الفقيه فسرتها بالزنا، ورواية إكمال الدين بالسحق، وبذلك يظهر أن ما ذكره الأصحاب من التفسير بمطلق الذنب وأن أدناه أن تؤذي أهله لا أعرف له وجها لأن الروايات صريحة في التخصيص بأذى أهله، وليس في شيء منها إشارة إلى مطلق الذنب، وكذلك ما ذكره بعضهم من التفسير بمطلق ما يوجب الحد وجعل من جملته الزنا فإنه لا وجه له لاختصاص المرسلة التي هي مستند ذلك بالزنا، فالتعدية إلى مطلق ما يوجب الحد على هذا القول وكذا التعدية إلى مطلق الذنب على القول الآخر لا معنى له ".

رواه في الكافي عن محمد بن علي بن جعفر " قال: سأل المأمون الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل ﴿لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾ " قال: يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها، فإذا فعلت ذلك فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل "

وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه ( 2 ) عن الرضا ( عليه السلام ) " في قوله عز ﴿وجل لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾ قال : أذاها لأهل الرجل وسوء خلقها " .

وما رواه في الفقيه ( 3 ) مرسلا " قال : سئل الصادق (عليه السلام) [12] عن قول الله عز ﴿وجل واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾ قال: إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد (عليه السلام).[13]

الرواية عن علي بن ابراهيم، عن الرضا (ع): " إذا آذت أهل زوجها "، هل أذا زنت بالاولوية تخرج من بيتها؟

في النص الأول أذا آذت أهل زوجها وهذا يعني ما فوق أذية أهل الزوج عرفا من باب الأولوية ومفهوم الموافقة ما كان زيادة صار فاحشة.

السؤال انها إذا زنت هل يجوز اخراجها؟ من الروايات لا يعلم ان هناك اولويّة.

اما رواية الفقيه فموردها خروجها اثناء العدّة وليس موردها الحد.

لا بأس ببيان مقدمة قبل التحقيق في المسألة:

عندما يأتي عنوان ويفسّر بأشياء متعددة، فلا مانع من بقاء العنوان وتكون هذه تطبيقات. أو إذا استظهرنا من العنوان ان هذه الأفراد تفسّر المفهوم تصبح من قبيل الجملة الشرطية: " إذا خفي الأذان فقصر، وإذا خفيت الجدران فقصّر "، يوجد تعارض بين مفهوم احداهما ومنطوق الأخرى. قلنا إما نجمع بينهما بـ " أو " أو الجمع بـ " و " والجمع بـ " أو " أولى من الجمع " بالواو "، فنقول: " إذا خفي الأذان أو خفيت الجدران فقصّر " .

فلنطبق المسألة هنا، عندنا عدّة موارد - لو سلمنا باعتبارها – وهناك إجماع على أن الزنى هو القدر المتيقّن، لكن بحسب الروايات هناك أمور أخرى كالسحق وأذية أهل الزوج وغير ذلك.

نقول: ان هذا مجرّد استعمالات لمعنى الفاحشة. فاستعمالات القرآن ليست دليلا إلا إذا كان هناك ظهور في كون الاستعمال في أحد معانيها، مثلا: مس المرأة " استعمل في الوطء.

فالاستعمالات قد تكون متعددة وتكون مجازا أو حقيقة، أو ان يراد منها المراد الجدي، فلا اشكال، لكن إذا استظهرنا ان المراد في القرآن ان كلمة فاحشة بمعنى واحد يكون هذا الظهور حجّة.

نحن لم نستظهر من هذه الآيات إلا ان الفاحشة تستعمل في معناها اللغوي، لم نستظهر معنى خاصا.

إذن يبدو أن الشارع المقدّس ليس له معنى خاص إلا من رواية علي بن ابراهيم، ولا توجد حقيقة شرعيّة لعدم ثبوتها ولعدم وجود رواية معتبر لتفسير معنى الفاحشة، وحصر المراد بهذا المعنى. وإذا وصل الأمر إلى الحقيقة اللغوية فإن الفاحشة لغة هي الزيادة الشديدة الكبيرة عن الحدّ العرفي وليس كل زيادة. ولذا لا تحمل على مطلق المعصية ولا على كل معصية، ولا تحمل أيضا على خصوص القدر المتيقّن وهو الزنى كما قال صاحب المسالك، وذلك لثبوت إطلاق لفظي لكلمة الفاحشة، ومع ثبوت الاطلاق اللفظي أي وجود الحقيقة اللغوية لا نلجأ إلى القدر المتيقّن. فالأولى الذهاب إلى أن المراد كل معصية زادت عن حدّ المعصية العاديّة زيادة كبيرة كالزنى والقتل. فلا تشمل مثل اللمس والنظر أو التعدي البسيط أو غير ذلك.


[11] إكمال الدين وإتمام النعمة، ص459.
[12] قال بعضهم ان مرسلات الصدوق (ره) إن كانت قال رسول الله فهي حجة، يعني ان الصدوق يعتبرها ويتبناها. اما إذا قال روي عن رسول الله يعني انه لا يتبناها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo