< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

     لو أكرهها على البذل أو على قيمته أو على الزيادة؟

     دور القصد في حصول خلع المكرَه.

     الفرق بين المكره وبين النائم والهازل والسكران.

     الفرق بين الاضطرار والاكراه.

     الرضا شرط في التأثير لا شرط في تمامية الإنشاء.

كان الكلام في الاكراه ثم دور الإكراه ومعناه كما قال المحقق الحلي (ره) وناقشناه.

دور القصد في حصول خلع المكره:

لا شك أن الإنشاء لا يقع بدون قصد، ولذا لو لم يقصد الطلاق أو الخلع من الالفاظ لم يتحقق، وكان مثل النائم والهازل، - إلا عند أبناء العامة -، فالقصد إلى معنى اللفظ أمر مقوّم للإنشاء. وقد يقال أن أصل البذل لم يقع.

ففي حال الاكراه لا بد من قصد المكره، لكن كيف نتصوّره.

والتحقيق: الفرق بين الهازل ويبن النائم والسكران والساهي والمكره:

في المكره هنا انشاء وقصد، اما النائم والهازل والسكران فلا قصد لهم، لذلك فرق بين الإنشاءين.

ففي الهازل والنائم الانشاء باطل لعدم قصد المعنى من الأساس، بعكس المكره فانه يقصد المعنى.

فلو أن النائم أنشأ زواجا، فعندما ينشأ الصيغة وبعدها ترضى الزوجة فهل رضاها يصحح هذا النوع من عقد الزواج؟

الجواب: لا علاقة لهذا الرضا بتصحيح العقد لان قصد المعنى في هذا الانشاء غير موجود أصلا، فيكون أصل العقد غير متحقق. ولذلك لو ارادت الزوجة نكاحا يجب عليه أو عليها ان يعيد او تعيد الصيغة مرّة أخرى ولا يكفي رضاه أو رضاها.

اما المكره فقد قصد المعنى ولذلك تمّ العقد بالمعنى الأصولي وليس بالمعنى الفقهي، لذلك يكفي الرضا لتماميّة العقد ولا داعي لعقد جديد. [1]

الفرق بين الاضطرار والاكراه:

ورد في الخصال: ح- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص‌) رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةٌ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا لَا يَعْلَمُونَ‌ وَمَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ وَالْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ وَالتَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ‌ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِشَفَةٍ.[2]

الاضطرار لا يرفع إنشاء ولا فعلية، بل يقع العقد أو الطلاق صحيحا وفعليا ويتحقق آثاره. وذلك لان عدم تأثير الاضطرار خلاف المنّة على المكلّف فلو فرضنا ان رجلا اضطر لبيع عقار لتأمين علاج لابنه فالحكم بعدم الصحة أو بعدم التأثير ينافي المنّة إذ يؤديّ إلى هلاك ابنه.

اما الاكراه فكما ذكرنا فيمنع من التأثير دون الصحّة.

قلنا في المضطر يكون البيع أو العقد أو في كل الايقاعات وكل المعاملات تتم إنشاءا وأثرا. ففي الخلع إذا اضطرّرت إلى البذل يتم البذل ويمّ الأثر أي يقع الخلع. ولو لم يكن كذلك لما كان منّة على المكلّفين ان يقول: " رفع عن امّتي ما اضطروا اليه ".

اما عند المكره فيوجد انشاء تام، لكن يتوقف اثره على الرضا.

دور الرضا: ما هو دور الرضا: هل هو له دور في صحّة الانشاء؟

الرضا ليس شرطا في تماميّة نفس الانشاء، الشرط في الانشاء هو قصد المعنى سواء كان عن اكراه أو اضطرار.

إذن الانشاء يتوقف على قصد المعنى نعم، تأثير الانشاء يتوقف على الرضا، الرضا شرط في تأثير العقد أو الإيقاع أو غيرها من الانشاءات كالأوامر لا في تماميّته.

مثلا: لو أمر المولى وهو مكره عبده بأن يضرب فلانا مثلا، العبد لا ينفذ الأمر بالرغم من انشاء الأمر قد تمّ، لعلمه بكون سيده مكرها. حسن الطاعة هنا ليس موجودا إذ لا يوجد حسن الطاعة بمجرّد وجود اللفظ أي الانشاء، لن موضوع حسن الطاعة هو الإرادة الجديّة للمولى بالمأمور به. هنا تمّ الانشاء وللعبد ان لا يلتزم لان انشاء الامر تم من دون أثر.نعم، لو علم العبد بعد ذلك برضا المولى بالفعل لامتثل العبد ولا داعي لأمر آخر ولا إلى تجديد الانشاء.

من هنا نعلم ان الرضا ليس شرطا في تمام المعاملة -الانشاء-، نعم هو شرط في التأثير، الصحيح تام الأجزاء والشرائط بالمعنى الفقهي.

النتيجة: أن الاكراه لا يبطل الانشاء، ولذلك لسنا بحاجة إلى انشاء جديد لو رضي بعد ذلك، ففي الاكراه يقصد المعنى وإذا قصد المعنى تمّ المنشأ سواء كان عقدا أو ايقاعا أو معاملة، اما الفعلية فهي التي تحتاج إلى رضا.

وبهذا نفسّر معنى العقد الفضولي، وان كل ما يقال في تصحيح العقد الفضولي لا داعي له فالعقد الأول صحيح تام الأجزاء والشرائط لكن بالرضا أكون قد فعلّته. فالرضا بفعل العقد الأول المنشأ، ولذا فالرضا ليس ناقلا ولا كاشفا أصلا في صحة العقد بل الانشاء تام، نعم لا أثر له إلا بالرضا.

فرق كبير بين الصحة والتمام وبين الأثر. اما بالمعنى الفقهي أي ما كان له أثر فالعقد ليس تاما، لان الأثر يتوقف على الرضا، اما بالمعنى الاصولي فقد تمّ الانشاء فالعقد تام، ولكن لا أثر له إلا بالرضا.

نكرر ان الانشاء لا يحتاج إلى أكثر من قصد المعنى وأثره هو الذي يحتاج إلى الرضا.

فالإيقاع له مرحلتان: إنشاء وفعليّة.

اما مرحلة الانشاء فتحصل بالصيغة مع القصد إلى المعنى.

واما مرحلة الفعليّة فتحتاج إلى الرضا. وقلناها مرارا سابقا إن الرضا شرط في التأثير لا في صحّته.

ولذا لو أجرى المكره عقدا فانه لا أثر له، ولو رضي بعد ذلك لتم الأثر.

ولو كان الرضا شرطا للصحة والتماميّة لما تمّ الأثر.

ولو أجرى النائم أو السكران عقدا فلا يتمّ أصلا ولو رضي بعد ذلك بل لا بد من عقد جديد.


[1] للتذكير: في الأصول بحثنا مسألة الصحيح والاعمّ، قلنا في الصحيح ان هناك ثلاثة اصطلاحات: الاصطلاح الأصولي: وهو ان الصحيح ما كان تامّ الأجزاء والشرائط. الاصطلاح الفقهي: وهو ما له أثر أي ما يسقط معه الإعادة والقضاء في العبادات وما يتم أثره في المعاملات. الاصطلاح في علم الكلام: هو ما كان عليه الثواب وفي مقابله العقاب. وهذا أثر أخروي وليس له آثار تشريعيّة. لكل علم اصطلاحه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo