< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

     ما هو حكم الخلع الواقع عن إكراه للبذل؟

     الاجماع والشهرة على عدم استحقاق البذل، وعلى بطلان الخلع، وعلى وقوع الطلاق رجعيا.

     التحقيق: عدم استحقاق البذل، وعدم صحّة الخلع، وعدم وقوع الطلاق رجعيا، لان ما وقع لم يقصد، وما قصد لم يقع.

 

قلنا في مسألة الاكراه ان الاكراه في الإيقاع والعقد لا يبطل أصل العقد، بل يبطل تأثيره أي يصبح معلقا ليس له قيمة عمليّة إلا بعد الرضا.

الامر الثاني: ما هو حكم الخلع الواقع عن إكراه في البذل؟

     لا شك في حرمة الاكراه، والزوج فعل حراما، فهو ظلم بلا إشكال.

     لا يستحق الفدية، لما ذكرناه من أن العاقد وإن قصد عن اكراه إلا أنه لا أثر لهذا العقد إلا مع الرضا.

     وهل يصح طلاق المكرِه؟

يقول المحقق في الشرائع: لو طلق به (الاكراه) صح الطلاق ولم تسلم له الفدية وكان له الرجعة. [1]

ويقول الشيخ محمد حسن النجفي صاحب الجواهر: نعم لا خلاف معتدا به في صيرورة الطلاق رجعيا إذا كان مورده كذلك، ولا يستلزم بطلان الفداء بطلانه، ولعله لما عرفت من عدم المعاوضة الحقيقية، بل كان الفداء باعثا، وربما كان كلامهم في المقام مؤيدا لذلك، ضرورة كون المتجه على المعاوضة حقيقة بطلان أصل الطلاق، لمعلومية بطلان المعاوضة ببطلان العوض الذي هو أحد أركانها، ولذا قال في المسالك من غير نقل خلاف: " إنه إن كان الواقع خلعا بطل، وإن قلنا: إنه طلاق فلا يكون رجعيا، لأن ماهيته لا تتحقق بدون صحة البذل عندنا " [2]

إذا قلنا انه معاوضة وكان أحد الطرفين باطل فيبطل الفداء ايضا. وإذا قلنا انه مجرّد باعث وداع، فالطلاق والخلع صحيح لكنه طلاق رجعي.

والتحقيق: إن خلع المكرِه يقع إنشائيا لا فعليا، بمعنى أن إنشاءه قد تمّ، ولكن لا أثر له، لكونه عن عدم رضا.

هذا إذا قلنا بكون الخلع معاوضة واضح. وكذلك على القول بكونه إيقاعا والفدية تابعا له، لان الخلع بني على أمر لا فعلية له، ومكرَه عليه، وهو البذل، فإن تقدم البذل له دخالة في تحقق الخلع، ومجرّد كونه إنشائيا لا يجعل الخلع صحيحا.

ثم إنه لا يقع الطلاق رجعيا، لأن ما قصد لم يقع، وما وقع لم يقصد.

إلا إذا قلنا ان البينونة وصف وإذا انتفى أحد الوصفين يبقى الآخر. لكن إذا انتفى الجزء انتفى الكل لان البينونة جزء من الإيقاع وله قصد خاص.

بعبارة أخرى: الطلاق البائن والطلاق الرجعي قسمان من اقسام الطلاق وكلاهما يحتاج إلى إيقاع، فلو أنشأ الطلاق البائن وتبيّن بطلانه فهذا لا يعني إنشاء أصل الطلاق، لان أصل الطلاق غير موجود إلا بوجود فرده، وهو أحد قسمي الطلاق: البائن والرجعي.

ولذا لو قصد الطلاق البائن وتبيّن بطلانه فانه لا يثبت الرجعي لان ما وقع لم يقصد، وما قصد لم يقع.

لا يقال: إن الطلاق قد تمّ والبينونة مجرّد أثر.

فانه يقال: إن البينونة جزء من المنشأ، وإذا لم يقصد الجزء لم يقصد الكل، وليست البينونة هنا مجرّد أثر.

لذلك هنا نستطيع ان نطبق القاعدة المذكورة، انه هو قصد الخلع أي الطلاق البائن.

النتيجة: أنه لو أكرهها على الفدية فعل حراما، ولا يقع الخلع ولا الطلاق، ولكن احتراما للإجماع المنقول فإننا نحتاط في ذلك ونقول بأن الخلع مع الاكراه يقع الطلاق فيه رجعيا احتياطا لا فتوى وحكما، والاحتياط سيف ذو حدّين، فلا بد حينئذ من اعتباره طلاقا رجعيا وأيضا في اعتبارها غير مطلقة ولا بد من إعادة انشاء الطلاق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo