< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

     هل يشترط علمه برجوعها.

     إذا كان جاهلا بالحكم فرجوعها صحيح لاطلاقات أدلته.

مسالة: هل يشترط علمه برجوعها:

وهنا حالتان: أن يكون جاهلا بالحكم وهو عدم علمه بأن له حق الرجوع، وأخرى أن يكون جاهلا بالموضوع أي عدم علمه برجوعها عن البذل.

إذا كان جاهلا بالحكم فلو رجعت بالبذل وعلم بانها رجعت لكن كان لا يعلم بحق الرجوع حين خرجت من العدّة فهو حينئذ جاهل ومقصّر، فحينئذ الظاهر صحة رجوعها واستحقاقها للفداء، وذلك لاطلاق أدلة حق رجوعها بالبذل. وقد ذكر الفقهاء وجوب تعليم الاحكام للجاهل إذا كانت محل ابتلاء، وايضا على الجاهل ان يتعلم المسائل التي تكون محل ابتلاء [1]

قد يقال: قاعدة " لا ضرر ولا ضرار " تنطبق عليه. لانها استغلت جهله ورجعت بالبذل، ولعدم علمه يقع الضرر عليه.

فانه يقال: تنطبق في حالة كان منشأ الضرر خارجا عنه، أما في صورتنا فان الضرر منشؤه هو، فهو مقصّر، للزوم تعلم الاحكام التي يبتلى بها، والقانون لا يحمي المقصرين [2] . هناك فرق بين القاصر كالصورة الاولى التي يرتفع فيها الحكم الضرري والمقصر كالصورة الثانية التي لا يكون فيها حكم ضرري ليرتفع.

الاصل اللفظي والاصل العملي:

ثم إن إطلاق الأدلّة ينفي اشتراط أي شيء ومنها علمه بالحكم حتى يثبت دليل على ذلك.

قلنا في المعاملات يجري اصل الاطلاق فإذا شككنا في شرط أو جزء أو مانع باطلاق الروايات أي الأصل اللفظي نطرد الشروط والاجزاء والموانع، نعم لو وصل الأمر إلى الأصل العملي فالأصل الفساد.

في المعاملات عند الشك في الشروط الأصل اللفظي يختلف عن الاصل العملي، الاصل اللفظي وهو الاطلاق يؤدي إلى طرد الشروط، والاصل العملي وهو أصالة الفساد أو بقاء الحالة السابقة فيجب الاحتياط والعمل بالشروط.

ففي مسألتنا هل يشترط العلم برجوعها بالبذل لتصحيحه واتصحيح رجوعه بالاطلاق؟

الاصل اللفظي وهو اصالة الاطلاق، أي اطلاق ادلة جواز رجوعها تؤدي إلى عدم هذا الاشتراط. ولو وصلت النوبة إلى الاصل العملي، وهو اصالة الفساد فهو يؤدي إلى فساد رجوعها بالبذل، أو استصحاب بقاء الحالة السابقة على الرجوع بالبذل أي استصحاب بقاء المال لها، وهذا يؤدي إلى اشتراط علمه برجوعها بالبذل إذا اردنا تصحيح البذل.

لكنا نعلم ان الاصا اللفظي مقدّم على الاصل العملي ولا يجري الاصل العملي.

 


[1] استطراد: الشبهات الحكميّة يجب تعلم الحكم فيها والفحص فيها، أما الشبهات المصداقية - الموضوعات – لا يجب الفحص. مثل: إذا ابتليت بدم لا اعلم انه طاهر أو نجس كدم البعوضة مثلا، فإذا كان الجهل بأصل الحكم يجب أن افحص، اما إذا كان الجهل بالموضوع ولا اعلم انه دم بعوضة أم دم بقر فلا يجب الفحص في الموضوعات.إذن في الشبهات الحكمية يجب فيها الفحص وإلا خرجنا عن كوننا مكلفين لانه عند إجراء اصل البراءة والحليّة من دون فحص لم لم بيق سوى النذر اليسير من الضروريات فيخرج عن الدين والتشريع، اما الشبهات المصداقيّة فلا يجب فيها الفحص لانها لا تستوجب خروجا عن الدين. ففي الشبهات الحكمية إذا أجرينا الأصول خرج الدين عن كونه دينا، اما في الشبهات الموضوعة فلا يستلزم إجراء الأصول الخروج عن الدين.
[2] للأسف في القانون المدني الوضعي يقولون: القانون لا يحمي المغفلين، وهو ظلم، والصحيح العقلائي المنطقي هو ما ذكرناه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo