< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/06/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

     لو رجعت الزوجة بالبذل، فهل ينقلب الطلاق رجعيا بحيث ثبت كل احكام المطلّقة الرجعية من قبيل جواز التزيّن للزوج ووجوب النفقة وثبوت الارث وغير ذلك، أم لا يثبت سوى حق الزوج بالرجوع؟

     دليل من قال بعدم رجوع بقيّة الاحكام هو الأصل، إذ هي انتفت فعودها يحتاج إلى دليل.

     دليل من قال بالرجوع: أولا: الروايات. وفيها انها تشير إلى انقلاب الطلاق رجعيا مع كامل احكام المطلقة الرجعيّة دون ان تصل إلى مرحلة الظهور.

مسألة: لو رجعت الزوجة بالبذل، فهل ينقلب الطلاق رجعيا بحيث تثبت كل أحكان المطلّقة الرجعية من قبيل جواز التزيّن للزوج ووجوب النفقة والإرث وغير ذلك، أم لا يثبت سوى حق الزوج بالرجوع؟

وجهان، بل قولان:

دليل من قال بعدم رجوع الأحكام الأخرى المتعلّقة بالزوجة الرجعيّة، هو الأصل العملي وهو استصحاب البينونة الحالة السابقة، فإن المرأة كانت مطلّقة بائنة وقد ثبتت لها كل احكام البينونة، دون أحكام الرجعية، وبرجوعها فالمتيقن هو ثبوت حكم واحد وهو حق الردّ للزوج الذي كان منتفيا قبل رجوعها، ومع رجوعها أشك في ثبوت الأحكام الأخرى -أي الثابتة للمطلقة الرجعيّة والأصل استصحاب عدم الثبوت.

وفي الجواهر في مقام الاستدلال على هذا القول: لانها ابتدأت على البينونة وسقوط هذه الأحكام، فعودها بعد ذلك يحتاج إلى دليل، والأصل بقاء الأحكام السابقة، ولا يلزم من جواز رجوعه على الوجه المزبور كونها رجعية مطلقا، لجواز أن يراد بالرجعة ما يجوز للزوج فيها مطلقا، بل في المسالك هو الظاهر. [1]

الظهور عند صاحب المسالك من باب الاصل وأن كل حكم يحتاج إلى دليل فالثابت بقاء حق الرجوع فقط، اما باقي الاحكام فيحتاج ثبوته بعد انتفائه إلى دليل.

دليل من قال برجوع جميع الأحكام المتعلّقة بالمطلّقة الرجعية:

     ظهور الروايات في ذلك:

ففي الوسائل: ح 9 محمد بن الحسن الطوسي (ره) بإسناده (معتبر صحيح) عن احمد بن محمد بن عيسى (ثقة)، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع (ثقة، وهو بنظري أحد الستة الذين لا يروون إلا عن ثقة) قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت [2] ، فقلت: فإنه قد روي لنا أنها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال: ليس ذلك إذا خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم.

ورواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد. [3]

من حيث السند: السند معتبر صحيح.

ومن حيث الدلالة: فإن عبارة: " وتكون امرأته " ظاهرة في حق ارجاعها إما زوجة أو بحكم الزوجة، وهذا هو جواب الشرط المترتب على الشرط " وإن شاءت أن يرّد إليها ما أخذ منها " هذا ما تشير إليه الرواية، بل هو الظاهر، ويستبعد أن يكون المراد أنه بعد رجوعها ورجوعه بالفعل تكون امرأته دون ما قبل رجوعه.

نعم، في الروايات إشارات لا تصل إلى حد الظهور، مثلا في ح 4 من نفس المصدر، صحيح عبد الله بن سنان:

علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان يعني عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الخلع لا يكون إلا أن تقول المرأة لزوجها: لا أبر لك قسما ولأخرجن بغير إذنك ولأوطين فراشك غيرك، ولا أغتسل لك من جنابة أو تقول: لا أطيع لك أمرا أو تطلقني، فإذا قالت ذلك فقد حل له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها، وكل ما قدر عليه مما تعطيه من مالها فإن تراضيا على ذلك على طهر بشهود فقد بانت منه بواحدة وهو خاطب من الخطاب، فان شاءت زوجته نفسها وإن شاءت لم تفعل فان تزوجها فهي عنده على ثنتين باقيتين وينبغي له أن يشترط عليها كما اشترط صاحب المباراة، وإن ارتجعت في شيء مما أعطيتني فأنا أملك ببضعك، وقال: لا خلع ولا مباراة ولا تخيير إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين، والمختلعة إذا تزوجت زوجا آخر ثم طلقها يحل للأول أن يتزوجها، قال: ولا رجعة للزوج على المختلعة ولا على المباراة إلا أن يبدو للمرأة فيرد عليها ما أخذ منها. [4]

وهكذا الحديث الثالث والأول، فإنها فيها إشارات إلى رجوعها مطلّقة رجعيّة مع كامل الأحكام، دون أن تصل مرحلة الظهور.

إذ يمكن أن يقال: إن القدر المتيقّن هو خصوص حق ارجاعها دون غيره كتفعيل الحق بالكامل، تفعيل الحق وثبوت جميع الأحكام شيء، وحق الارجاع شيء آخر.


[2] هذه تنفعنا في مسألة انها إذا تراجعت عن البذل هل يشترط رضاه؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo