< قائمة الدروس
ضل

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/06/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

العلم الاجمالي، مسألة: التناقض بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي:

     ذكر كلام السيد الخوئي (ره) في التفريق بين العلم الاجمالي والشبهة البدويّة في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.

     التناقض بين الواقعي والظاهري هو في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي دون الشبهة البدوية لان العلم علّة تامة في التنجّز سواء وصل تفصيلا أم اجمالا.

     دليل من قال بحرمة المخالفة الاحتمالية أمران: وصول العلم بالجامع والعلم علّة تامة في التنجيز، والثاني لزوم هتك المولى.

تفريق السيد الخوئي (ره) بين العلم الاجمالي والشبهة البدويّة في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي:

" هذا بخلاف الحكم الظاهري المجعول في أطراف العلم الاجمالي، فان التنافي - بينه وبين الحكم الواقعي الواصل بالعلم الاجمالي في مقام الامتثال -واضح، لما تقدم من عدم الفرق في حكم العقل بلزوم الامتثال بين وصول الحكم بالعلم التفصيلي والاجمالي، فان كان الحكم الظاهري على خلاف الحكم الواقعي المعلوم بالاجمال علي ما هو المفروض لزم محذور اجتماع الضدين في مقام الامتثال، فكيف يقاس المقام بالشبهة البدوية. نعم يرد النقض بالشبهة غير المحصورة لوصول الحكم الواقعي فيها أيضا بالعلم الاجمالي. ومجرد قلة الأطراف وكثرتها لا يوجب الفرق في حكم العقل بلزوم الامتثال. واما نحن ففي فسحة من هذا النقض، لأنا نقول بعدم الفرق بين قلة الأطراف وكثرتها في حكم العقل بلزوم الامتثال، فكما لا نلتزم بجريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي مع قلتها، كذا لا نقول بجريانه مع كثرتها، نعم لو كانت الشبهة مما لا يمكن احراز الامتثال فيها أصلا – لعدم قدرة المكلف على الاتيان بجميع الأطراف في الشبهة الوجوبية، أو على ترك جميع الأطراف في الشبهة التحريمية، أو كان فيه ضرر أو حرج على المكلف - لا يكون العلم الاجمالي فيها منجزا، إذ لا يكون امتثال الحكم الواقعي حينئذ لازما، لعدم التمكن منه، أو لكونه ضررا أو حرجا، ومع عدم لزوم امتثاله لا مانع من جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي، بلا فرق بين قلتها وكثرتها أيضا. فإذا قلنا ان الشبهة غير المحصورة لا يكون العلم الاجمالي منجزا فيها، كان مرادنا هو هذا المعنى، ولا مناقشة في الاصطلاح، وكم فرق بينها وبين الشبهة المحصورة، بمعنى كون الحكم الواقعي في أطراف أمكن امتثاله بلا لزوم حرج أو ضرر، فإنه يحكم العقل حينئذ بلزوم امتثاله كما عرفت. ومعه لا يمكن جعل الحكم الظاهري فيها كما تقدم". [1]

ثم إن السيد الخوئي (ره) بعد ان بيّن عدم المنافات بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي في الشبهة البدويّة، لا من حيث المبدأ ولا من حيث المنتهى ذهب إلى التنافي بينهما في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي في خصوص المنتهى أي الامتثال.

فأن العلم منجّز عقلا سواء كان تفصيليا أم إجماليا، فهو علّة تامة للتنجيز كما ذهب إليه (ره) وبالتالي لا بد من الامتثال وبالتالي المخالفة القطعيّة وكذلك الاحتمالية صارت محرمة، فإن كان الحكم الظاهري على خلاف الواقعي لزم اجتماع الضدين في مقام الامتثال، وهذا محال.

فإذا وصل الحكم الواقعي اجمالا وليس تفصيلا، فإذا اردت ان اجري الاصل وهو الحكم الظاهري بطرف من الاطراف واقول بحليته والحكم الواقعي هو الحرمة لان الحكم وصلني اجمالا اصطدم الحكم الواقعي مع الحكم الظاهري. إذن في عالم الامتثال يصطدمان.

والجواب: ان هذا صحيح نسلّم به لكن على مبناه من كون العلم الإجمالي علّة تامّة في التنجيز مثله مثل العلم التفصيلي.

أما على ما ذهبنا إليه من أن العقل لا يحكم بانه علّة تامّة في التنجيز لاننا نكون قد أهملنا الجهل في تشخيص المعلوم اجمالا، لان العلم الاجمالي مركب من امرين علم وجهل، فلا يحق لي أن أهمل الجهل كما لا يحق لي ان اهمل العلم. والمخالفة الاحتماليّة ليست معصية عقلا، فالتفريق غير صحيح، بل حال إرتكاب أحد طرفي العلم الإجمالي في المخالفة الاحتماليّة كحال الشبهة البدويّة تماما، ولا منافاة بين الحكم الظاهري والواقعي لا من حيث المبدأ ولا من حيث المنتهى.

لنا على هذا الموضوع اشكالان: هل اختراق احد الطرفين احتمالا هو هتك لحرمة المولى؟ فإذا ارتكبت الطرفين حصلت المخالفة القطعيّة ووقع الهتك، اما مع ارتكاب طرف واحد هل يكون هناك هتك أو لا؟ والهتك أحد الادلة الرئيسة التي اعتمدوها لتحريم المخالفة الاحتمالية.

ما تمسك به القائل بعدم جواز المخالفة الاحتماليّة: امران: الاول انه هتك للمولى، والثاني: ان المعلوم قد وصل ولو اجمالا. وسندرس الأمرين لاحقا فانتظر.

من التفريعات التفريق بين الشبهة المحصورة وغير المحصورة:

قد اجمعوا على أن الشبهة غير المحصورة يجوز إرتكاب بعض أطرافها بلا شك.

نعم إن السيد الخوئي (ره) بعد أن التزم بالتنافي في مقام الإمتثال في خصوص الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي الذي هو علّة تامة في التنجيز، أشكل على نفسه بالشبهة غير المحصورة. فإنه فيها يجوز إرتكاب بعض الاطراف بل على قول جميع الأطراف رغم وصول المعلوم إجمالا.

فإذا علمنا بأن ذبيحة واحدة محرّمة من أصل ألف ذبيحة، فهذا العلم منجّز لوصوله، فكيف جاز اقتحام بعض الاطراف مع وضوح المنافاة هنا؟ ولا فرق بين كثرة الأطراف وقلتها عقلا في تنجيز المعلوم.

إلى هنا أنا أقول بجواز المخالفة الاحتماليّة لانه ليس علّة تامّة في التنجيز، قالوا ان المخالفة الاحتمالية محرّمة إما لانها هتك للمولى أو انه علّة تامّة في التجيز.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo