< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/07/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

- هل يجب الخلع على الزوج لو تمّ موضوع الخلع في حال بذلت له مقابل الطلاق؟

- الاستدلال على وجوب الخلع بالروايات.

- ومنها موثقة جعفر بن سماعة، والكلام في الدلالة.

 

كنا في مقام أن الخلع يتم بهذه الألفاظ أو لا، وان هناك تصويرين: الاول أنه بمجرد قولها هذه الالفاظ وتمامية الاتفاق ولا داعي للقول أنت مختلعة أو لاتباع الطلاق، فيصبح الخلع بخصوصه تكفي فيه هذه الالفاظ. [1]

وذكرنا أمس بعض الروايات التي يمكن الاستدلال بها على الأول. والثاني أنه بعد تمامية الاتفاق الحاجة إلى تلفظ الخلع.

ونكمل الروايات ومنها: ما في الوسائل عن الكافي: حميد بن زياد (ثقة واقفي)، عن الحسن بن محمد بن سماعة (ثقة واقفي)، عن جعفر بن سماعة (ثقة) ان جميلا شهد بعض أصحابنا وقد أراد أن يخلع ابنته من بعض أصحابنا فقال جميل للرجل ما تقول رضيت بهذا الذي أخذت وتركتها فقال نعم فقال لهم جميل قوموا فقالوا يا أبا علي ليس تريد يتبعها الطلاق قال لا. قال وكان جعفر بن سماعة يقول يتبعها الطلاق في العدة ويحتج برواية موسى بن بكر عن العبد الصالح عليه السلام قال قال علي عليه السلام المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة. [2]

من حيث السند فهي موثقة.

ومن حيث الدلالة فقد استدل المستدلون بفعل جميل (من أصحاب الإجماع) حيث قال لهم" قوموا" من دون طلب إيقاع الخلع كأن يطلب منه التلفظ بقول: "خالعتك" أو " أنت مختلعة، أو أنت طالق". وهذا ظاهر في أنها بمجرّد قالت هذا الكلام: "لا اطيع لك أمرا ..." فقد تمّ الخلع.

والجواب: أن هذه الدلالة محتملة، لكن يوجد إحتمال آخر، وهو أن جميلا لما سأله عن رضاه وهل تركها بذلك، فقال نعم، فإن هذا يدلّ على كفاية ما صدر عن الرجل مهما كان من قول أو فعل لكفاية قول الزوج نعم، بعد رضاه بما بذلت، أي أنه يجب أن يصدر عنه شيء من لفظ أو فعل يدلّ على الرضا والترك، أي يدل على الخلع أو الطلاق، حيث يقول: "أرضيت وتركتها" ولو وقع الخلع بمجرد قولها وكلامها لما احتاج الأمر إلى طلب تركه لها. وبالتالي فإن الظاهر أن الرواية تفيد أن الخلع يقع بكل ما دلّ على الإيقاع من فعل أو لفظ.

وهذا الاحتمال الثاني هو الأظهر عندي، فلو تمّ - ما في الرواية المعتبرة - يكون معارضا لما دلّ على اشتراط لفظ الخلع أو الطلاق. ويصبح من باب العام والخاص، فيكون كل طلاق يشترط فيه اللفظ إلا خصوص الخلع يدل عليه أي فعل أي لفظ.

نعم، لا بد من لفت النظر إلى ان الرواية لم يرد فيها فعل المعصوم (ع)، بل ورد فيها فعل جميل، وهو ليس مصدرا للتشريع، ولكن نقول: إن جميل هو ابن دراج على الظاهر من اصحاب الإجماع، أي من الذين اجمعت العصابة على تصديقهم والاقرار لهم بالفقاهة. صحيح ان اجتهاده ليس حجّة علينا وأن الحجة هو خصوص خبره، لكنه مع عظيم شأنه، قد نبهه بعض الحاضرين إلى ان جعفر بن سماعة كان يتبع بالطلاق اتكالا على رواية الامام موسى الكاظم (ع)، ومع ذلك لم يأبه لهذا النقل عن موسى بن بكر، واكتفى بقول الزوج " نعم".

وعودا على بدء: بناء على هذا القول، أي تماميّة الخلع بمجرّد كلامها، فهذا يدل على قهريّة وقوع الخلع، ولا يحتاج إلى إيقاع جديد، وحينئذ لا تحتاج الآية إلى تقدير فيكون الخلع واقعا لا محالة، ولا داعي لايجابه على الزوج، إلا اننا استبعدنا ذلك.

الاحتمال الثاني في الآية وجود مقدّر مضمر " فليخلعها أو خلعها". وهو كثير في القرآن الكريم والسنّة.


[1] ذكرنا في مباحث سابقة ان الطلاق يشترط فيه بعض الألفاظ إما انت طالق أو اعتدي، بخلاف النكاح برأيي انه لا يشترط فيه لفظ معيّن، والخلع هنا أحد الطلاقات فلا بد ان يكون فيه لفظ الطلاق، لكن الخلع هو بخصوصه من بين بقيّة اقسام الطلاق يكفي فيه هذا الالفاظ " لا أطيع لك أمرا ولا ابر لك قسما ... "، لوجود قول من بعض المتأخرين أن هذا القول كافٍ في تحقق الخلع أي ان موضوع الخلع قد تمّ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo