< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/07/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الهلال: بداية الشهر القمري.

     وحدة الأفق، ادلة السيد الخوئي (ره).

     الدليل الثاني النصوص، الرواية الثالثة: موثقة إسحاق بن عمار. استدل فيها بإطلاق: "فإن شهد أهل بلد".

     الجواب: نفي الاطلاق بقرينتين: احداهما لبيّة وهي كون بداية الشهر هي بوصول القمر إلى مرحلة الهلاليّة. والثانية: بتقييد موضوع السؤال بالبلد الذي يكون المانع فيه هو الغيم، "يغمّ علينا".

     الرواية الرابعة: صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد الله، والاستدلال والجواب كما في سابقتها.

 

نكمل الدليل على وحدة الأفق من الروايات:

الرواية 3- موثقة اسحاق بن عماّر: ح (13415) - 3: محمد بن الحسن بإسناده (معتبر)، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة (ثقة)، عن أبان بن عثمان (ثقة)، عن إسحاق بن عمار (ثقة فطحي)، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال: لا تصمه إلا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه، وإذا رأيته من وسط النهار فأتم صومه إلى الليل. [1]

من حيث السند: الرواية معتبرة

ومن حيث الدلالة: الاستدلال هو بإطلاق " أهل بلد آخر " أي بلد بالدنيا، حيث لم يقيّد بكون البلد الآخر قريبا أو متحدا في الأفق أو متعددا.

أقول: للأنصاف استدلال متين لكنّه مردود، يرد فيه ما ورد في الرواية الأولى بالتقييد اللبي بكون البلد الآخر مما يمكن رؤية الهلال فيه، وليس كما ذكر الحر العاملي (ره) بان المراد البلد القريب، فالقرب والبعد لا علاقة له بثبوت إمكانية رؤية الهلال، لذلك عبرّنا انه مخصص لبيا وهذا غير الانصراف. وسبب التخصيص اللبي أنه يجب ان يكون هناك قابليّة ان يرى، فلا معنى لان نثبت وجود الهلال في مكان لا قابليّة للرؤية فيه، نعم يمكن ذلك إلا على نحو الحكومة بان يكون اعتبار من الشارع لذلك كما ذكرنا سابقا، والحكومة تحتاج إلى دليل وتكلّف واسع، وهذه الروايات غير كافية لذلك، بل هي اجنبيّة عنه كما سنرى.

والذي يدل على هذا التخصيص المدّعى وجود قرائن على قابلية وصول القمر إلى حدّ الهلاليّة، هو نفس الرواية وغيرها عندما يقول: " يغمّ علينا " أي ان هناك مانع من الرؤية وهو الغيم، وليس انه لا يمكن رؤية الهلال ومحل رؤيته ومع ذلك يعتبره الشارع أول الشهر، كما لو ثبت في واشنطن مثلا وفي بيروت محال رؤيته لعدم القابليّة لذلك، وهذا غير المانع من وجود غيم فلا يرى، نفس الرواية تدل على هذا التخصيص اللبي.

إذن لا يوجد في الرواية إطلاق، والسبب تقييد السؤال له، فإن السؤال قد يكون مقيّدا للإطلاق.

مثلا: لو صدر أمر من المولى بإعطاء أهل بلدة جاؤوا يزورونه لكل شخص عشرة دنانير، فيسأل الخازن: هل يعطي الجميع؟ فيقول المولى: اعط من كان محتاجا، أو اعطه إذا كان محتاجا. فهنا الجواب قيّد العموم فلا يجب إعطاء إلا المحتاج، ولا يصح ان يقال: يجب إعطاء كل الناس المحتاجين لعموم الجواب. فان عموم الجواب أي: اعط كل من كان محتاجا وإن كان ممكنا إلا انه يحتاج إلى دليل.

وما نحن فيه من هذا القبيل.

ولذلك هذه الاطلاقات غير تامّة لعدم إمكانية رؤية الهلال في هذا البلد إلا على نحو الحكومة كما سنرى.

وملخصه ليس هناك دليلٌ حاكم بتوسيع مفهوم الشهر لكل المناطق سواء رؤي الهلال فيها أم لا.

وفي خصوص هذه الرواية كان السؤال عن البلد الذي فيه غيم مانع من الرؤية، فقد يدّعى تقييد إطلاق " بلد آخر " بمورد السؤال: " الغيم ".

إلا أن يقال: إن المهم هو إطلاق الجواب الشامل لمورد السؤال ولغيره، فإن المورد لا يخصص الوارد.

ولكن، ذكرنا مرارا أن الإطلاق هو ظهور أي أنه أمر وجودي، ولذا لا بد من كون اللفظ ظاهرا في الإطلاق كي يكون دليلا، وليس من التعسف إدعاء عدم الظهور مع ملاحظة هذين الأمرين: الأول: التقييد اللبي وهو أن المنطقة التي يمكن أن نثبت فيها اول الشهر يجب ان تكون منطقة يمكن ان يرى الهلال فيها، الثاني: تقييد السؤال بالبلد الغائم. فهذه الروايات لا تدل على الاطلاق.

قد يقال: ان بعض الروايات لم يذكر فيها المانع من الغيم وشبهه فالإطلاق قائم؟.

فانه يقال: أن الشهر واحد والمفهوم واحد والاصل تطابق الروايات في الكشف عن الحكم، وليس ان يكون لكل رواية حكم وجعل خاص.

    1. - صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد الله قال: ح 2: محمد بن الحسن بإسناده (معتبر)، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال: لا تصم إلا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر فاقضه. [2]

والكلام في هذه الرواية كسابقتها من حيث كون السؤال في خصوص البلد الغائم، ومن حيث قابلية السؤال لتقييد إطلاق الجواب وعدمه.

إذن الروايات كلها التي قالت بوحدة الأفق ظاهرة في الإطلاق وتدل على وحدة الأفق، لكن فيها مشكلتين:

اولا: انها مقيّدة أولا بتقييد لبي وهو انه لا يثبت بداية الشهر إلا في مكان يمكن رؤية الهلال فيه، ثانيا: ان السؤال وسبب عدم الرؤية هو الغيم. بهاتين القرينتين ننفي إطلاق هذه الروايات، وليس من التعسف ادعاء عدم الظهور. وسنبيّن لاحقا ما نقول به.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo