< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

- هل يجب الخلع على الزوج لو تمّ موضوع الخلع في حال بذلت له مقابل الطلاق؟

- الاحتمال الثاني في الآية وجود مقدّر مضمر " فليخلعها أو خلعها".

- فإذا تمّ تقدير صيغة الأمر" فليخلعها"، وجب عليه الخلع.

- وإذا كان التقدير بصيغة الخبر، بقيت المشكلة بلا حلّ ويكون القرآن قد أضاء عليها من دون ذكر الحلّ؟!

 

إذن في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [1]

الاحتمال الثاني في الآية وجود مقدّر أو مضمر وهو " فليخلعها أو خلعها". وهو كثير في القرآن الكريم والسنّة وفي لسان العرب ولسان العجم أحيانا، حتى قالوا: " خير الكلام ما قلّ ودلّ"، والاحتمال موجود، نعم، يحتاج إلى دليل عليه.

مثلا: قوله تعالى في سورة الشعراء آية 10/19: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[2] ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ﴾[3] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾[4] ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾[5] ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾[6] ﴿قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾[7] ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[8] ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾[9] ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾[10] ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾[11]

وهنا لا بد من تقدير: ﴿فأَتَياه وقالا ذلك﴾، فقال: "الم نربك فينا" ولعلّ الاضمار إيضا "فجاء هارون"، قبل "فاذهبا بآياتنا".

ومثال آخر من سورة يوسف آية 20: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ﴾[12] ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً﴾ [13]

والتقدير "فباعه الذي اشتراه" وهو مالك بن زعر إلى عزيز مصر...

ومثال آخر من سورة الكهف 20: ﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً﴾[14] وكذلك الآية 21: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا﴾[15] ، والتقدير: فارسلوا احدهم "مكسميليانوس" وحدث معه ما حدث ليطلع الناس عليهم.

والامثله كثيرة.

ونعود للآية الكريمة الواردة في الخلع: إذا كان لا بد من تقدير فهو في الآية أحد أمرين:

     إما تقدير: وإن خفتم الا يقيما حدود الله، فيجب عليه خلعها "فليخلعها"، وحينئذ لا جناح عليهما فيما افتدت به. فإذا قدرنا الخلع بصيغة الوجوب فقد تمّ المطلوب.

     وإما تقدير: وإن خفتم الا يقيما حدود الله، "وخلعها". فحينئذ حلّ له ما أخذ منها، أي الخلع بصيغة الإخبار بناء على هذا، فحينئذ التقدير فالآية لا يدل على وجوب الخلع.

إلا أن في ذلك إشكالا وهو: أنه إذا لم يخلع ويطلّق فإن القرآن الكريم يكون قد أضاء على مشكلة وهي أنه مع استمرار الحياة الزوجيّة يبقى الخوف من الوقوع في المعصية، وبعد ذلك فلا بدّ من حلّ. [16]

فإذا وجدت حلول أخرى كأن يجتنب سبب الكراهية لم يجب الخلع، وإلا فمع إنحصار الحلّ بالخلع فقد وجب، إذ مع عدم وجوبه يكون القرآن الكريم قد طرح مشكلة من دون طرح حلّ لها، وليس من شأن القرآن ولا من كمال الدين ولا عظمة التشريع ذلك.

وإنما يتم الانحصار بعد عدم تحقق الحل في "خوف النشوز" أي إذا لم ينفع الوعظ والهجر والضرب، ولا شك في كون النشوز معصية وعد إقامة لحدود الله من قبلها.

وكذلك عدم توصل الحكمين إلى صيغة تجمع بين الزوجين في حال خوف الشقاق. فلو لم تنفع هذه الحلول، وانحصر حلّ عدم وقوعها في المعصية فما هو الحلّ؟ وهل يمكن تعقل طرح القرآن والإضاءة على مشكلة من دون ان يعطي حلا؟!

 


[16] التذكير بالفرق بين آية الشقاق التي هي موضوع لبعث الحكمين، وآية الخلع التي هي موضوع للخوف من الوقوع في المعصية، وبين آية النشوز التي هي موضوع للوعظ أو الهجر في المضاجع أو الضرب. وذكر القرآن الكريم لكل موضوع حلّ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo