< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

- هل يجب الخلع على الزوج لو تمّ موضوع الخلع في حال بذلت له مقابل الطلاق؟

- الاحتمال الثاني في الآية وجود مقدّر مضمر " فليخلعها أو خلعها".

- ما ذكرناه في كتاب وسيلة المتفقهين.

- الدليل الثااني على وجوب الخلع الروايات.وليست بتامة لضعف سندها، ولاحتمال إرادة طلاق الحاكم عند ضرب الزوجة.

إذن لا بد من مضمر في الآية القرآنية إما " فليخلعها أو لو خلعها " ففي التقدير الاول يتم الوجوب وفي الثاني ليس هناك وجوب، لكن قد يكون القرآن قد اضاء على مشكلة من دون بيان حلّ لها.

وقد ذكرت في كتابي وسيلة المتفقهين، ج3،ص56: " وليس هذه المسألة كبقيّة المشاكل التي ترك القرآن حلّها للناس كالأمور الاداريّة والطبيّة وغيرها، التي لم يضيء عليها.

وبالنتيجة: يكون الجواب مقدّرا، وهذا الأمر من بلاغة القرآن، والتقدير في القرآن كثير، فان خير الكلام ما قلّ ودلّ.

نعم لا بد من دليل على المقدّر عند عدم وصوحه.

نعم لما كانت الآية الشريفة: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ [1] ظاهرة في عدم جواز أخذ شيء من المهر، وبعمومها وباطلاقها تشمل كل الحالات حتى حالة الكره من الزوجة وبذلها، نصّ القرآن على ذلك لرفع وهم حرمة المال المأخوذ منها، مبيّنا حليّة البذل المبذول".

لا يقال: إن الأمر بعد توهّم الحظر لا يدلّ على الوجوب، بل على الجواز، كما درسنا في مباحث الألفاظ في علم الاصول.

فإنه يقال: إن ما بعد "الفاء" دليل على المقدّر، وهو " فليطلّق " ونعلم من خارج أن الطلاق جائز للزوج، فلا معنى لبيان جواز الطلاق مع العلم به من الخارج، وهذا قرينة على إرادة الوجوب، لا مجرّد التحريض.

النتيجة: أن الآية المباركة يحتمل قويا دلالتها على وجوب الخلع على الزوج إذا تحقق موضوعه وهو الخوف من الوقوع في المعصية أو الكراهة الشديدة كما قالوا.

الدليل الثاني على وجوب الخلع السنّة: وذكرت في وسيلة المتفقهين ايضا ج3،ص 54:

ويؤيد الوجوب (لانه في سند الروايات خدش) بعض الروايات من طرف أبناء العامّة منها:

عن يحْيَى بْنُ سَعِيدٍ - عَنْ عَمْرَةَ {عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ؛ قَالَتْ: امْرَأَةٌ كَانَ هَمَّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَتَزَوَّجَهَا وَكَانَ فِي خُلُقِ ثَابِتٍ شِدَّةٌ فَضَرَبَهَا.

فَأَصْبَحَتْ بِالْغَلَسِ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ حَبِيبَةُ: أَنَا يَا رَسُولُ اللَّهِ لَا أَنَا وَلَا ثَابِتٌ.

قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ أَنْ جَاءَ ثَابِتٌ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبْتهَا؟ قَالَ نَعَمْ.

ضَرَبْتُهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ مِنْهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ عِنْدِي كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ.

فَقَالَ: فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي بَيْتِهَا}. [2]

من حيث السند، ضعيف.

ومن حيث الدلالة: في "خذ منها"، ولم يخيّره الروسول (ص)، بل أمره من دون تخيير. " وجلست في بيتها " الطلاق رجعي وليس بائنا. مع ملاحظة أن النبي (ص) سأله: هل ضربتها، ثم رتّب عليه امره بطلاقها. وهذا فرع فقهي وهو ان للحاكم ‘جبار الزوج على الطلاق لو ثبت ضربه لزوجته، وحينئذ تكون الرواية اجنبيّة عن المقام.

وفي تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي (ره): قوله: "الا ان يخافا" فانزل في ثابت بن قيس بن شماس، وزوجته جميلة بنت عبد الله بن ابي، وكان يحبها وتبغضه، فقال لها: "أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، وأزيده، قال: لا حديقته فقط، فردت عليه حديقته فقال: يا ثابت، خذ منها ما اعطيتها، وخلّ سبيلها، ففعل فكان أول خلع في الاسلام. [3]

من حيث السند: لم يذكر الشيخ سند الرواية، إلا انه يرويها وكأنها ثابتة مسلّمة، وكأنه يتبناها.

ومن حيث الدلالة: فقد أمره رسول الله بإخلاء سبيلها من دون تخيير.

فإذن ليس هناك دليل واضح من السنّة على وجوب الخلع.

 


[2] مجموعة الفتاوي، ابن تيميّة، ج1، ص327.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo