< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

- هل يجب الخلع على الزوج لو تمّ موضوع الخلع في حال بذلت له مقابل الطلاق؟

- الكلام في وسائل اثبات موضوع الخلع، والمشكلة انه لا يعرف إلا من قبلها.

- لو أنكر الزوج ذلك، وأقامت الزوجة دعوى طلب الخلع لدى الحاكم احلفها الحاكم، فان حلفت فالاحوط وجوبا على الزوج إجراء الخلع.

تنقيح المسألة:

لو ثبت في عالم التشريع ان الرجل يجب عليه ان يخلع زوجته لو ادّعت انها وصلت إلى مرحلة الكراهة أو خوف الوقوع في المعصية، حينئذ كيف نثبتها وحالتها النفسيّة لا تعرف إلا منها؟ أي ان الكلام في وسائل الاثبات.

إنني لم أجد بابا في القضاء يفصل في الأمور بين ما لا يعرف إلا من قبل المدّعي وغيره.

وعليه في القضاية العاديّة، فإذا أقام المدّعي الدعوى بشروطها، فالمدعي يطلب منه البيّنة، اما المدعى عليه: فإما أن يسكت، وإما أن ينفي العلم، وإما أن يقرّ، وإما أن ينكر.

قد يقال: هذه المسألة ليست من باب الدعوى، لان الزوجة تدّعي امرا مختصا بها، وهو من قبيل انها تصف حالتها فهي لا تدعي على زوجها، بل تعبّر عن ما في نفسها، من هنا تخرج عن كونها من باب القضاء، ولا معنى لا لكونها مدّعية ولا لكون زوجها منكرا، فلا يطلب منها بيّنة اصلا، ولا يطلب منه كذلك.

فانه يقال: وإن كان الأمر كذلك، إلا انها تدّعي حالة في نفسها لها أثرها على الزوج، أن يطلب منه خلعها في حال ثبت دعواها، وبهذا ادخلناها في باب القضاء.

فإن سكت ولم يجب لا بإثبات ولا بنفي، حق للحاكم طلب الجواب منه. وهل يحبس حتى يحصل الحاكم على جواب أو يترك حتى يجيب بنفسه وتبقى الدعوى قائمة؟ أو اعتبره الحاكم ناكلا ويرد اليمين على المدّعي.

وان أقرّ المدعى عليه فقد تمّت الدعوى.

وإن نفى العلم، بأن قال المدّعى عليه: لا أدري أدعوى المدّعي حق أو باطل؟ فلا تسمع الدعوى إلا مع البيّنة، حيث لا يمكن فصل الخصومة إلا بها، لأن اليمين على نفي الواقع لا تتجه على المدعى عليه لجهله به، ولا يمكن ردّ اليمين على المدّعى، لان الردّ فرع عن توجهها إلى المدعى عليه، فينحصر طريق الاثبات بالبيّنة لا غير، فيطلب الحاكم منه اليمين. فاليمين من المدعي من دون طلب الحاكم ولا طلب المنكر لا قيمة له.

فاثبات الحق يكون اما بالاقرار او بالعلم أو بالبيّنة أو باليمين كما ورد في الحديث: "انما احكم بينكم بالايمان والبينات"، وللتوضيح: هل الحكم يجب ان يكون ببيّنة ويمين ورد يمين أو ان الحاكم إذا انحصر تحصيل الحق باليمين يطلبه؟.

إذا انتفت كل وسائل الاثبات من العلم والاقرار، والبينة، ولم يبق سوى اليمين، فهل للحاكم ان يطلبها في مثل حالتنا من المدّعي حيث لا يمكن له إقامة البيّنة؟

ولكن هنا لا يمكن إقامة البيّنة، فلا بد من القول حينئذ بأن قولهم (ع): "البيّنة على من ادّعى" منصرف عن هذه الحالة.

وحينئذ لا يرد عدم درّ اليمين لان الردّ فرع ثبوت اليمين على المدّعي، وهنا لا يمكن توجيه اليمين، بل لاثبات دعوى المدّعي نردّ اليمين عليه، فان إثبات الحق ينحصر بأمور: بالاقرار، والعلم، والبيّنة، واليمين. فإذا انتفت الثلاثة الأول انحصر الاثبات باليمين وهو المطلوب.

وهكذا لو سكت المدعى عليه.

وإن انكر المدعى عليه: تتم إدارة المحاكم على الشكل التالي بشكل عام: إن لم يقم المدعي البيّنة لا يطلب الحاكم من المنكر اليمين، ولا يحق له ذلك إلا ان يطلب ذلك المدعي، إذ قد يكون للمدعي مصلحة في عدم طلب اليمين وتأجيله، مثلا أن يرغب في مصلحة أو تحصل بيّنة أو غير ذلك. فان طلب المدعي اليمين من المنكر أحلفه الحاكم فان حلف رُدّت الدعوى.

اما في مسألتنا فلا يمكن للحاكم طلب اليمين من المنكر الزوج لأنه لا يعلم، ولذا كما ذكرنا في الحالتين السابقتين السكوت ونفي العلم، إذا أصرت الزوجة على الدعوى فهنا اتجاهان: فإما أن تصدّق، وإما أن تحلف يمينا على مدّعاها، فلو حلفت وجب عليه أن يخلعها.

اما مع وجود دعوى والزوج يشك في وصولها لهذه الحالة وتريد ان تتخلص وقالت: " لن أطيع لك أمر ولاوطئن فراشك.. " من غير ان تعلّم كما ورد في الرواية وجب خلعها إذا صدقت أو تحلف.

النتيجة: المظنون قويا وجوب الخلع على الزوج لو تمّ موضوعه وبذلت الزوجة، ولذا، الاحوط وجوبا عليه الخلع.

وفي مقام إثبات وصول الزوجة إلى هذه المرحلة، فلو لم يصدّقها الزوج واقامت دعوى طلب الخلع يحق للزوج أن يطلب منها اليمين على حالتها، وإن أصرّت على الدعوى ولم يطلب الزوج اليمين حقّ للحاكم أن يحلفها، فإن حلفت وجب على الزوج خلعها وإن لم تحلف سقطت دعواها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo