< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الهلال: بداية الشهر القمري.

     شاهد العدل الواحد.

     العدل الواحد مع اليمين.

     الفلكيون والمنجمون والحُسّاب.

نكمل الكلام في مثبتات بداية الشهر القمري التي تكون برؤية الهلال، والهلال معناه ان القمر يصل إلى مرحلة يمكن ان يراه عامة الناس بالعين المجرّدة، كما ذكرنا في بداية البحث.

ومنها:

شهادة العدل الواحد:

وفيه دليلان: الأول: بناء على ثبوت الموضوعات بخبر شخص واحد ثقة، وبناء على أن العدالة تتضمّن الوثاقة. ورؤية الهلال من الموضوعات فتثبت بالعدل الواحد، وهذا الدليل يثبت حجيّة خبر الثقة وفرق بين العدل والثقة.

الدليل الثاني: وقد يستدل أيضا بالروايات: ورد في الوسائل نفس المصدر في ح6: محمد بن الحسن بإسناده (معتبر)، عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن يوسف بن عقيل (ثقة)، عن محمد بن قيس (ثقة عين) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فأفطروا، أو شهد عليه بينة عدل من المسلمين. الحديث. [1]

ويعلّق الحر العاملي (ره) فيقول: العدل يطلق على الواحد والكثير كما نص عليه أهل اللغة فيحمل على الاثنين فصاعدا، ذكره بعض علمائنا بناء على سقوط لفظ بينة ومع وجوده أو وجود عدول كما في بعض النسخ لا شبهة فيه.

من حيث السند: فالرواية معتبرة.

ومن حيث الدلالة: فالرواية تدل على الواحد والكثير نأخذ منها بالقدر المتيقن وهو العدل الواحد، وهذه الدلالة ليست قوية لان كثرة الاحتمال تخفف من قوّة الدلالة.

لكن يمكن أن يقال: إن هذه الرواية تدلّ على عدم كفاية الواحد، لأنه إذا دار الأمر بين كفاية الوحد واشتراط الأكثر، فإن الظاهر عدم كفاية الواحد لأصالة عدم الحجيّة فيه.

ثم إنه لو سلمنا بدلالتها على كفاية الواحد فانه نعارض بما دلّ على اشتراط الاثنين بالمفهوم لانه ورد على نحو الحصر. أي يتعارض ما دلّ على كفاية الواحد، وما دلّ على اشتراط الاثنين. وليس التنافي على نحو المطلق والمقيّد، إذ لو كانت من باب المطلق والمقيّد لأمكن أن يقال: يبقى المطلق على إطلاقه ويكون المقيّد أفضل الأفراد، لأنهما من باب المطلق والمقيّد الإيجابيين، فيكون الواحد كافيا، والأفضل أن يكون الشهود اثنين أو أكثر.

ولكن التنافي هنا من باب التعارض بين المفهوم مع المنطوق، لأن روايات الشاهدين وردت على نحو الحصر والحصر له مفهوم ودلالته قوية لدرجة ان بعض الاصوليين اعتبره من المنطوق، فتتنافى مع روايات كفاية الشاهد الواحد، وتقدّم حينئذ روايات الشاهدين لكثرتها ولشهرتها ووقوع الإجماع المدّعى عليها، ودلالة الشاهد الواحد اضعف دلالة.

من الروايات الدالة على الشاهدين رواية ابي بصير والكلام في ابي بصير كما ذكرنا: ...عن أبي بصير(الاعمى الضعيف وهو احتمال يعتد به كما ذكرنا سابقا)، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا يقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر. [2] بمفهومها ان الشاهد الواحد لا يكفي.

الشاهد الواحد مع اليمين:

هذا أيضا لا يكفي، للحصر ولتقييد الرؤية بمفهوم روايات الشاهدين العدلين، وهي وردت كما ذكرنا على نحو الحصر أي أن غير الشاهدين لا يكفي في المقام، ومنه الشاهد مع اليمين وليس هناك أي رواية في الشاهد واليمين.

قول الفلكيين والمنجمين وأهل الحساب:

ثبوت قولهم بناء على العلم بانهم اصبحوا دقيقين جدا.

دليل من قال بعدم الاعتبار:

أولا: النصوص: ما في وسائل الشيعة: ح1: محمد بن الحسن بإسناده (الطريق قريب الاعتبار)، عن محمد بن الحسن الصفار (ثقة جليل)، عن محمد بن عيسى (ثقة) قال: كتب إليه أبو عمر: أخبرني يا مولاي إنه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان ولا نراه ونرى السماء ليست فيها علّة ويفطر الناس ونفطر معهم، ويقول قوم من الحساب قبلنا: إنه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر، وإفريقية والأندلس هل يجوز يا مولاي ما قال الحساب في هذا الباب حتى يختلف العرض (الفرض ظ) على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا، وفطرهم خلاف فطرنا؟ فوقع لا صوم من الشك أفطر لرؤيته وصم لرؤيته. [3]

من حيث السند: الرواية قريبة الاعتبار، مقبولة.

ومن حيث الدلالة: الجواب جاء من الإمام (ع) انه إذا شككت فلا تفطر، فهي تدل على عدم الاعتبار عند الشك، أما مع الاطمئنان وما يسمّى بالعلم العرفي فهي لا تدل على عدم الاعتبار، بل لحن الكلام يشير إلى الاعتبار.

ولا يدل الجواب على أن قول الفلكي ليس دليلا بل أعطاه الامام (ع) قاعدة وهي أن العلم والقطع الذي هو الأساس، مهما كان مصدره، لان القطع حجته ذاتية.

الحديث الثاني من نفس المصدر: ح2: جعفر بن الحسن السعيد المحقق في (المعتبر) عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما انزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم. [4]

وهكذا كل الروايات الواردة في عدم جواز أخذ قول المنجمين.

من حيث السند: الرواية ضعيفة بالإرسال.

وفيه: من حيث الدلالة أن المراد بالتنجيم هو ادعاء الغيب، وليس العلم العملي المبني على أسس علميّة صحيحة، والتي هي ليست من ادعاء الغيب، بل هي من الحضور، تماما كالإخبار عن الأحوال الجويّة في المستقبل.

وهذه لو أنتجت اطمئنانا لكفى.

ثانيا: إن روايات ثبوت الهلال بالرؤية وبالشاهدين ومرور ثلاثين يوما تدل بمفهوم الحصر على نفي غيرها، فبالمفهوم تدل على أن قول الفلكي باطل.

والجواب: هذا مع عدم حصول ما يسمّى بالعلم العرفي والقطع، والذي وردت فيه عدّة روايات مرّ ذكرها.

والنتيجة: قول الفلكي يؤخذ به مع حصول العلم العرفي من قوله، دون ما لم يحصل.

دليل من قال بالجواز:

ما يمكن الاستدلال به على كفاية قول الفلكي:

أولا: أنهم من أهل الخبرة، والعقلاء يرجعون إلى أهل الخبرة، وهذا مسلك عقلائي لم يرد عنه نهي.

والجواب: هذا مسلّم، إلا أن العقلاء يأخذون بقول أهل الخبرة عند حصول العلم العرفي عندهم، ومع الشك لا يأخذون.ألا ترى ان الناس يأخذون بقول الطبيب، فإذا شكّوا في علاجه لا يأخذون حينئذ، فإنهم لا يأخذون به إلا عند الاطمئنان إلى مهارته.

ثبوت الشهر القمري بتطوّق الهلال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo