< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الهلال: بداية الشهر القمري.

     رؤية الهلال قبل الزوال.

     ادلة على كون اليوم من الشهر اللاحق من الروايات المعتبرة.

     في المقابل رواية غير تامّة السند، ودلالتها بالعموم الذي يمكن تخصيصه بالروايات السابقة.

     النتيجة: إذا رؤي الهلال قبل الزوال فاليوم من الشهر اللاحق.

من مثبتات بداية الشهر القمري:

رؤية الهلال قبل الزوال:

إذا رؤي الهلال صباحا، هل هو علامة أن هذا اليوم هو بداية الشهر؟

تكوينيا هذا ممكن لان القمر قد خرج من المحاق وبدا بالكبر. فلو رؤي صباحا قبل الزوال فيبنى على أن يوم الرؤية أول الشهر اللاحق. فلنحقق إن كان الشارع يعتبرها.

وفيه روايات منها:

ما في وسائل الشيعة: ح 6: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن حماد بن عثمان (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وإذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة.

ورواه الشيخ (الطوسي (ره)) بإسناده عن محمد بن يعقوب ثم قال: وهذان الخبران لا يصح الاعتراض بهما على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة، ثم حملهما على ما إذا شهد برؤيته شاهدان من خارج البلد ورأوه قبل الزوال.

ثم يقول الحر العاملي (ره): ويحتمل الحمل على الأغلبية وعلى التقية. [1]

من حيث السند الخبر صحيح.

ومن حيث الدلالة: فهو واضح في أن الرؤية قبل الزوال تدّل على أن اليوم من الشهر اللاحق.

واما الحمل من الحر العاملي على التقيّة فهي منفية بأصالة الجّهة أو أصالة الصدور. وذكرنا سابقا ان خبر الواحد لا يجوز العمل به إلا بإجراء أربع أصالات: أصالة السند لنفي السهو والنسيان، وأصالة الدلالة، واصالة الصدور أو الجهة، لنفي احتمال التقيّة، وأصالة التطابق. فإذا لم يتم إجراء أحدى هذه الأصالات ما جاز الاخذ بالخبر.

وأما الحمل على الأغلبيّة فلا يتمّ إلا مع الظهور في ذلك بقرينة، ولذا فحمل الحر العاملي بعيد.

ومثال ما ذكر بالحمل على الأغلبية: ﴿وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [2] فظاهر الآية تحريم ﴿اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ وان موضوع التحريم هو بنت الزوجة المتصفة بوصفين: الربيبة وان تكون في حجره، فلو لم تكن ربيبة ولا في الحجر بان كانت تسكن في بلد آخر فلا تكون مشمولة لدليل التحريم، لكن قالوا ان هذا الوصف " الربيبة أو في الحجر" محمول على الغالب، لكن هذا الحمل يحتاج لدليل، فبالنسبة للربيية هناك روايات لا باس باعتبارها وتدل على ان بنت الزوجة سواء كانت في حجر أو ليست في حجره تحرم عليه. والآية هنا تحدد موضوع الحرمة وليس مجرد الاستدلال بمفهوم الوصف حتى نقول ان الوصف ليس له مفهوم.

وخلاصة القول ان الحمل على الاغلب يحتاج إلى دليل.

ولذا حمل الشيخ الطوسي (ره) غير تام لأنه خلاف الظاهر ويحتاج إلى تكلّف.

ومثال آخر قوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً﴾ [3] "إن" في الآية تدل على الشرط، فان الزوج ان لم يرد الاصلاح لا يحق له ارجاع الزوجة، ذهب بعضهم على ان الآية محمولة على الغالب لانه غالبا يكون الزوج يريد الاصلاح، ودليلهم المشهور لان السنّة والشيعة يقولون بان الارجاع صحيح وان كان اثم بارادة الإضرار.

لكن نسأل ما الدليل على الحمل على الاغلبيّة مع، اننا لا نعتبر الشهرة دليلا؟

آية الربائب فيها دليل للحمل على الغالب وهو الروايات التي لا تخلو من اعتبار، فالمشهور على العمل بالروايات المطلقة. اما في الآية الثانية " بعولتنه احق بردّهنّ " حمل على الاغلبيّة هو من باب التفسير بالرأي المنهي عنه: " من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". [4] القرآن كتاب الله ظاهر في ان الارجاع مشروط بارادة الاصلاح.

وبالتالي يكون الحديث دليلا على أن الهلال لو رؤي قبل الزوال لكان يوم الرؤية من الشهر اللاحق.

ومنها: من نفس المصدر ح5: محمد بن الحسن بإسناده (صحيح)، عن سعد (ثقة)، عن أبي جعفر (الظاهر أنه الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي)، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت (ثقة)، عن الحسن بن علي بن فضال (ثقة فطحي)، عن عبيد بن زرارة (ثقة) وعبد الله بن بكير (ثقة جليل فطحي) قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال، وإذا رؤي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان. [5]

وذكر الصدوق (ره) في المقنع: قال أبو عبد الله (ع): وذكر الحديث بعينه.

من حيث السند: الحديث موثق معتبر، ومستفيض.

ومن حيث الدلالة: الدلالة نص واضح صريح.

ومنها: في المصدر السابق ح1: محمد بن الحسن بإسناده (صحيح)، عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن يوسف بن عقيل (ثقة) عن محمد بن قيس (ثقة، ابو عبد الله البجلي)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل " واشهدوا عليه عدولا " من المسلمين، وإن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل، وإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة (يوما) ثم أفطروا.

ورواه الصدوق بإسناده (معتبر)، عن محمد بن قيس مثله.

من حيث السند: صحيح، مستفيض.

ومن حيث الدلالة فان الرواية تدل بالمفهوم على أن رؤية الهلال قبل وسط النهار ترفع وجوب الصيام، فإن قوله (ع): "وإن غمّ عليكم" ظاهر في كون السؤال عن أول شوال بقرينة " فعدّوا ثلاثين يوما ثم أفطروا ".

ومنها: من نفس المصدر: ح 4: محمد بن الحسن بإسناده (صحيح) عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن محمد بن جعفر (ثقة)، عن محمد بن أحمد بن يحيى (ثقة)، عن محمد بن عيسى (ثقة) قال: كتبت إليه عليه السلام جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال، وربما رأيناه بعد الزوال، فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟ وكيف تأمر في ذلك؟ فكتب عليه السلام تتم إلى الليل فإنه إن كان تاما رؤي قبل الزوال. [6]

من حيث السند: الظاهر اعتباره.

ومن حيث الدلالة: فإن السؤال عن هلال شهر رمضان، أي أول شهر رمضان، ولذا، فإن الأمر بإتمام الصيام دليل على كون يوم الرؤية هو من شهر رمضان، أي الشهر اللاحق.

في المقابل في نفس المصدر، ح2: محمد بن الحسن بإسناده (صحيح)، عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن النضر بن سويد (ثقة)، عن القاسم بن سليمان (لم تثبت وثاقته عندنا وإن روى عنه اجلاء)، عن جراح المدائني (لم يثبت توثيقه عندنا)، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من رأى هلال شوال بنهار في شهر رمضان فليتم صيامه " صومه ".

من حيث السند: غير تامّ.

ومن حيث الدلالة: ظاهرة في الإطلاق الشامل للرؤية ما قبل الزوال وما بعده. لكن يمكن تقييدها بما مرّ من الروايات الصحيحة في التفصيل بين ما قبل الزوال وما بعده.

النتيجة: انه إذا رؤي قبل الزوال فهو دليل على كونه من الشهر اللاحق.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo