< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/11/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظهار.

     هل الظهار صحيح أو هو إيقاع باطل والكفارة والعقاب على التلفظ؟

     ما يمكن ان يكون دليلا على بطلان الظهار: الأول: انه حقيقة لغوية، ولو كان صحيحا لكان طلاقا كما في الجاهليّة.

     نعود للكلام عن الظهار، هل الظهار صحيح أو هو إيقاع باطل والكفارة والعقاب على التلفظ؟

اشتهر [1] بين الفقهاء صحة الظهار، وأنه إيقاع أقرّه الشارع كبقيّة المعاملات، وهو صحيح رغم تحريمه، فهو إذن شاهد على أن النهي عن المعاملة لا يقتضي فسادها. فهذا الظهار صحيح ومنهي عنه، فالنهي لا يدل على فساد الظهار.

ذكرت في بعض المجالس العلمية ان النهي عن المعاملة يقتضي فسادها إذا كان بعنوانها لسبب واحد وهو ان النهي لا يكون عن مفسدة، فالاحكام تابعة للمصالح والمفاسد. فإذا كان المشرّع العادي كحاكم مدينة ما ووجد ان في القانون مفسدة لا يعمد إلى تشريعه، وهو مشرع عادي، فكيف بالله عز وجل المشرع الحقيقي والحكيم المطلق؟! ألا يقبح على الشارع الحكيم أن يشرّع ما فيه مفسدة. نعم لو كان النهي عن المعاملة بغير عنوانها وكان بعنوان آخر لا يقتضي فسادها.

والتحقيق: إن إحتمال فساد الظهار قويّ -بل أكاد اتبناه- ، وأما الكفارة فموضوعها التلفظ بقوله: "أنت عليّ كظهر أمي" قاصدا المعنى، كما عنون الباب الحرّ العاملي في وسائله في باب الظهار، فهو عقاب على التلفظ.

ونُذَكِّر أن في كل معاملة هناك سبب ومسبب وأثر. مثلا النكاح سببه الصيغة، وهي تؤدي إلى وضعية وهي المسبب وهي الزوجيّة، وهذا المسبب له احكام وآثار كجواز النظر والوطء والنفقة والإرث وغيرها من الآثار المنصبّة على الزوجيّة.

وهو بحث لم أجد من ذكره في أي كتاب، رغم أهميّته، ونقول وبالله الاستعانة:

ما يمكن أن يكن دليلا على عدم إقرار الشارع له، وعدم الاعتراف بصحته، وعلى بطلانه أمور:

الأول: ذكرنا في مسألة الحقيقة الشرعيّة، أنه ليس هناك حقيقة شرعيّة في المعاملات تقريبا اجماعا، أي ما كان عند الجاهليين، ما كان قبل الاسلام من الفاظ ومعان اقرّه الشارع، كالبيع والنكاح والطلاق والشراء والكفالة والوكالة وغيرها من المعاملات كانت موجودة عند الناس وأقرّه الإسلام، لكن تدخل في احكامها واجزائها وشرائطها، مثلا في النكاح والطلاق اشترط امورا، هذا لا يعني انه تدخل في أصل المفهوم، مفهوم النكاح والطلاق لم يتغير.

الظهار كان طلاقا في الجاهلية، ولازمه أن لا تكون المرأة بعد الظهار زوجة أي تصبح مطلّقة.

وذكرنا ان النقل من المعنى اللغوي إلى المعنى العرفي تمّ بكامل شراشيره أي بأسبابه ومسبباته نعم تدخل الشارع في الأسباب والمسببات نفيا واسقاطا ولم يتدخل فيها إثباتا إلا قليلا، فمثلا: تدخل الشارع في صيغة الطلاق فحددها بأحد لفظين: إما "انت طالق" أو " اعتدي" وغيرها من الالفاظ ليس طلاقا، كما ذكرنا سابقا في بحث صيغة الطلاق بخلاف الزواج فلم يحدده بأي لفظ. ومثال آخر الملكيّة لم يقل ان الخشب والحديد والحيوان والاعيان تملك، بل قال ان الخمر لا يملك أي اسقط استملاك الخمر.

بعد هذه المقدّمة فلو كان الظهار صحيحا للزم ان تكون زوجته مطلّقة، ولم تعد امرأته، لكن الامام (ع) عبّر بأنها امرأته على الأرجح كما في المعتبر الوسائل كتاب الظهار: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، وعن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)جميعا، عن ابن محبوب. عن أبي أيوب (الخزاز)، عن يزيد الكناسي (مشترك)، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قلت له: فإن ظاهر منها ثم تركها لا يمسها إلا أنه يراها متجردة من غير أن يمسها هل عليه في ذلك شيء؟ قال: هي امرأته وليس يحرم عليه مجامعتها، ولكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامع وهي امرأته، قلت: فإن رفعته إلى السلطان وقالت: هذا زوجي وقد ظاهر مني وقد أمسكني لا يمسني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر، فقال: ليس عليه أن يجبر على العتق والصيام والاطعام إذا لم يكن له ما يعتق ولم يقو على الصيام ولم يجد ما يتصدق به قال: فإن كان يقدر على أن يعتق فان على الامام أن يجبره على العتق أو الصدقة من قبل أن يمسها ومن بعد ما يمسها.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب وكذا رواه الصدوق إلا أنه قال : عن بريد بن معاوية (ثقة). [2]

من حيث الدلالة: الامام يقول: " هي امرأته" ويكرر ذلك، وتحريم الوطء ووجوب الكفارة من قبيل الزوجة في شهر رمضان لكن يحرم عليه وطؤها إلا بعد الغروب، وكذلك حال الاحرام في الحج، وفي حال الحيض، فكذلك هنا: يحرم وطؤها قبل ان يكفّر وإن بقيت زوجة له.

ومن حيث السند: بحث رجالي، في سند الرواية بحث وهو في يزيد الكناسي فهل هو نفسه يزيد أبو خالد القماط الثقة؟ أم انهما اثنان؟ فإن كانا اثنين فقففي اعتبار الرواية، فانه لم يرد توثيق بيزيد الكناسي، والكناسة محلّة بالكوفة.


[1] هل هذه الشهرة حجّة عليّ؟ احسن أدلّة حجية المشهور هو ان المشهور قريب من عصر الأئمّة وقد اتفق على فتوى ما، أن هناك قرائن خفيت علينا لا نعلمها وهم علماء قريبون من عصر الأئمة فلا يعقل الانتقال السريع من فتوى سائدة في زمن الأئمة (ع) إلى فتوى أخرى مغايرة لها. هذا في الشهرة الفتوائية، واما في الشهرة العمليّة فهي انهم لا بد انه يكونوا قد وجدوا قرائن على صحة الرواية قد خفيت علينا. ومع حسن الظن بهم فنقول بأن المشهور حجّة.الجواب: أن هذا تبرير كما يقول السيد الخوئي (ره)، فمن قال انهم استندوا إلى نص واحد، ربما اجروا اصلا عمليا، أو استندوا إلى رواية اخرى، ومن قال ان القرائن التي اتكلوا عليها هي واحدة وإذا وصلت الينا تكون قرينة عندنا. لكن نقول: ان مخالفة المشهور مشكل والعمل به أشكل، لأنه عمل بلا دليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo