< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الأيمان

 

- أقسام اليمين وحكم اليمين الصادق واليمين الكاذب.

- القسم الاول: اليمين على تحقق أو نفي أمر، فالصادق منها مكروهكثرته، والكاذب محرّم، ومن المحرّم اليمين الغموس الفاجرة، وهي التي تكون في مقام الدعوى وتذهب حق الآخرين.

- يمين المناشدة، ولا أثر لها لا على الحالف ولا يجب على المحلوف عليه الاستجابة.

نكمل الكلام في أقسام اليمين، والكلام كلّه في اليمين على فعل أو ترك وترتب الكفارات عليه.

القسم الاول وهو اليمين على تحقق أمر ماض أو مستقبل، أو حاضر، بان تقول: "والله لم يأت فلان" أو "والله سيأتي فلان". فاليمين إما صادقة وإما كاذبة، فإن كانت صادقة فهي ليست محرّمة ولا كفارة عليها ولا يلزمها شيء، نعم هي مكروهة بحد ذاتها، واستدل على ذلك بروايات ذكرناها في البحث السابق مثل رواية ان النبي موسى (ع) امر اصحابه ان لا يحلفوا بالله كاذبين والنبي عيسى (ع) امر اصحابه ان لا يحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين.

قلنا أننا نستفيد من الرواية أن الأصل حجية عمل الانبياء السابقين علينا، لانه لا معنى أن يستدل الامام (ع) بقول النبي عيسى (ع) من دون ان يكون حجّة علينا ايضا.

قد يقال: أن قوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ﴾[1] تشمل باطلاقها اليمين الصادقة والكاذبة، وصيغة النهي تدل على الحرمة، فالمفروض أن الآية تدلّ على حرمة اليمين حتى الصادقة.

فإنه يقال: اولا: توجد روايات معارضة للحرمة، فقد روى في الوسائل في نفس الباب: ح 11 - أحمد بن محمد بن عيسى (ثقة) في نوادره عن ابن فضال (ثقة فطحي) عن يونس بن يعقوب (ثقة) قال: كان أبو عبد الله عليه السلام كثيرا ما يقول: والله[2]

من حيث السند: الرواية معتبرة.

ومن حيث الدلالة: فاتليمين انما تاتي في مقام التأكيد، أي هي تشمل الصادق ويستبعد جدا ان يمين الامام (ع) كانت كثيرة في مقام التقيّة.

ثانيا: أن الآية لسانها لسان إرشادي اخلاقي أن لا يكون ديدنكم جعل الله في اليمين، لا التحريم المطلق، والمراد أن يكون لله أهمية في نظركم، فلا تجعلوه في كل صغيرة وكبيرة.

وثالثا: هذا بالاضافة إلى شهرة عدم التحريم، بل لعلّه الاجماع على عدم التحريم. والشهرة ليست حجة في ذاتها لكنها قد توهن ظهور "لا تجعلوا" التي هي صيغة نهي في الحرمة، والشهرة في عدم الحرمة ادت إلى سقوط الظهور في الحرمة، لاننا قلنا مرارا ان الظهور أمر وجودي وليس أمر عدميا، فيجب إحراز الظهور في الحرمة كي يكون معتبرا، ولا يبعد اسقاط الشهرة للظهور إذا كانت الشهرة على خلافه، ولا بد من إحراز الظهور كي يعمل به.

     وأما إذا كانت اليمين كاذبة:

فالأصل أن تكون محرّمة، لحرمة الكذب، بل إن بعضها قد يكون من الكبائر في اليمين الغموس، وهي التي يحلف بالله صاحبها في مقام إقامة الدعوى ويضيع بها حق الناس، وسميّت غموس لأنها تغمس صاحبها في النار.

في الوسائل ح 10 - وبالاسناد عن علي بن حماد (ضعيف)، عن حريز (ثقة) عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اليمين الغموس التي توجب النار الرجل يحلف على حق امرأ مسلم على حدس ماله. [3]

من حيث السند: الرواية مرسلة ضعيفة.

نعم، قد تجب اليمين الكاذبة في حال توقف عليها دفع الظلم عن نفسه أو عن المؤمنين أو دفع قتل، أو دفاعا عن عرض أو نفس أو عرض مؤمن آخر، أو عن ماله. وان كان الاحوط في هذه الحال التورية إن أمكنت.

وقد روي عن الإمام الصادق (ع) على ما في بالي، ان احد الاصحاب سأله: أمر على العشَّار ويكون معي بعض العبيد أفأقول لهم كاذبا: هؤلاء اصحابي –كي يتهرب من دفع المكوس للظالمين- فاجابه الامام (ع): قل، ولو الجؤوك للحلف فاحلف لهم.

الرواية في الوسائل: ح 6 - محمد بن علي بن الحسين باسناده (الطريق موثق) عن ابن بكير (عبد الله ثقة) عن زرارة (ثقة) قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : نمر بالمال على العشّار فيطلبون منا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا ولايرضون منا الا بذلك، قال: فاحلف لهم فهو أحل " أحلى. خ ل " من التمر والزبد. [4]

نعم، هناك مسألة :هل تجب التورية أو لا؟ بعضهم قال بالوجوب، ونقول انه الاحوط وجوبا التورية، لسبب لان الدليل على حرمة الكذب أحد أمرين: إما النص القرآني أو الروائي على حرمة الكذب، وإما بناء وحكم العقلاء بقبح الكذب.

فإذا كان الدليل هو النص فالنص مطلق، فيحرم الكذب مطلقا، وحينئذ تجب التورية.

اما إذا كان الدليل لبيا وهو حكم العقلاء، فاننا نقتصر فيه على القدر المتيقّن، فإذن لا تجب التورية. ومن باب الاحتياط التورية أفضل من الكذب ما أمكن.

2- يمين المناشدة: مثل: "أسألك بالله أن تعطيني كذا"، "وناشدتك بالله أن تفعل كذا". وامثال ذلك مما يكون المراد حث المسؤول على فعل أمر ما.

وهذه اليمين لا أثر لها، لا على الحالف ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم انجاح ما سئل به.

نعم، لا يبعد كونها مكروهة لشمول قوله تعالى لها: ﴿وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ﴾ [5] .

3- يمين اللغو: وهي الواردة في قوله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ...﴾ [6] وقد اختلف في تفسير يمين اللغو على قولين:

احدها: ان المراد ما لا ينعقد عليه القلب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo