< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/07/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/مقدمات /الوضع /
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 بعد الانتهاء من موضوع كل علم وأطللنا إطلالة على بعض المقدمات التي لابد منها في مباحث الألفاظ وحاولنا أن نقتصر على القدر النافع، لأن الأمور لا تختص بعلم الأصول بل في مطلق العلم. الكلام اليوم في الوضع الذي كثر فيه الكلام، سنطل إطلاله ونأخذ موقف من الوضع وسنستعرض الآراء ثم نأخذ المختار. في الوضع سنتكلم في جهات:
 الاولى: في المعنى اللغوي. الثانية: الحاجة للوضع. الثالثة: حقيقة الوضع. الرابعة: في الواضع. الخامسة: أقسام الوضع، نتكلم في تقسيمه إلى التعيُني و التعْيني، وتقسيم أخر بلحاظ الوضع والموضوع له.
 الجهة الاولى: المعنى اللغوي، لغة: وضع إي حط، ألقى " وضعنا عنهم أوزراهم " حططنا عنهم والقينا، ولكنه ليس هو المعنى الاصطلاحي.
 الجهة الثانية: في الحاجة إليه، إذا فهمنا هذه النقطة جيدا كل النقاط تفهم، ونفهم حينئذ التعريفات والاختلاف فيها، وسنستعرض بعضها، ما عند السيد الشهيد الصدر (ره) والسيد الخوئي (ره). في هذه النقطة: إن الناس بطبيعتهم يريدون التفاهم وبيان المعلومات وتبادلها والمحاورة فيما بينهم، ويريدون الإخبار وإنشاء أمور، يريدون التعبير، من هذه النقطة سننطلق: فكان في البدئ قضايا حملية وهي موضوع ومحمول " زيد قائم " وهناك نسبة بينهما، في الأصل أن يؤتى الموضوع بشخصه، أي عندما أريد أن أعبر عن زيد أنه قائم المفروض أن آتي بنفس زيد، الأصل في القضايا أن تكون مشخصة خارجا والأصل في الموضوع كذلك. والمقصود من الخارجية ليس بالمعنى المنطقي، في المنطق قسمت القضايا بلحاظ الموجود موضوعها إلى: عقلية، طبيعية، خارجية. بل المقصود أن يتشخص الموضوع نفسه، وطبعا أن آتي دائما أو قليلا بنفس الموضوع الخارجي هذا أمر شبه محال وإن كان أحيانا موجودا ولذلك اضطر الإنسان بما أودعه الله عز وجل في الفطرة أن يستبدل الإتيان عن الموضوع الخارجي برمز، فأتينا بالألفاظ، هذا اللفظ لهذا المعنى ولهذا الموضوع، وبذلك بدأت القضايا اللفظية بدل التشخيص فتطور الأمر إلى الألفاظ وصارت القضايا اللفظية الحملية أو الإنشائية والإخبارية والشرطية إلى آخره.وأيضا في الكتابة، الإنسان بحاجة إلى تثبيت معلومة أو نقل معلومة عبر شيء، الكتابة كيف بدأت؟ في البدايات بأن أرسم الموضوع كما هو، الطائر، أرسم طائر، الفيل أرسم فيل، أرسم نفس صورة الشيء. تطورت الكتابة فأصبحت رموز عن الصور، إنتقلت للحروف، تطورت الحروف الآن إلى لغة الكنبيوتر أصبحت أرقام ورموز تدل على معاني، فهذا يدلنا على تطور القضايا، إذن الحاجة للوضع هي في الأساس عدم تمكن البشر في محاوراتهم التي يريدون بيانها، من سبب عدم التمكن من الاتيان بالشخص الخارجي أتوا بالفظ، هذا هو الموضوع.
 الجهة الثاالثة: حقيقة الوضع، يقول صاحب الكفاية(قده) في حقائق الأصول ج1 ص 18:{ إن الوضع هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباط خاص بينهما ناشئ من تخصيصه به تارة، ومن كثرة الاستعمال أخرى، ولذلك بهذا المعنى صح تقسيمه إلى التعيين والتعيني كما لا يخفى}.
  هنا ننطلق إلى تعريفات الوضع، سنستعرض بعض التعريفات وسنجد أن كل التعريفات صحيحة، بمعنى أنها ليست تعاريف بل بمعنى أنها لوازم، ما معنى " نحو اختصاص " أي نوع، ما هو هذا النوع؟ لا نعلم.
  نلاحظ أن تعريف صاحب الكفاية فيه إبهام، ولكنه يركز على مسالة الاختصاص. كما نقول في العبادة أو معنى الصلاة، هي نوع من العلاقة، بينا العلاقة بشكل عام، ولكن في مقام التعريف لا تزال غامضة. السيد محمد باقر الصدر (ره) قال: " القرن الأكيد " هو كالاختصاص، بحيث لا ينفك هذا اللفظ عن تصور هذا المعنى. السيد الخوئي (ره) ذهب إلى نظرية التعهد، بمعنى أن الإنسان عندما وضع هذا اللفظ تعهد أنه لا يأتي به إلا إذا أردت هذا المعنى، ولذلك كان يقول يلزم ذلك أن كل مستعمل واضع.
  سنستعرض كل هذه التعاريف ونرى أنها لوازم، والوضع أمر معروف ليس هو التعهد فقط وليس هو نحو اختصاص كتعريف، وليس هو قرن أكيد، هذه لوازم للوضع، هم أرادوا أن يحولوا هذا الأمر الموجود في الوجدان إلى إظهار خارجي كتعريف، لذلك وقع الخلاف، هو واقع خارجي معروف كما نقول في علم الكلام، ما هو تعريف الوجود: هو الكون في الأشياء، هو الكون في الأعيان، وكلها أشكل عليها. لكن هو في النتيجة أمر أعرف من أن يُعرّف، لا أستطيع أن أبيِّن أكثر من ذلك، تعريف موجود في الوجدان، من قبيل كلمة " صلاة " قالوا أنها بمعنى الدعاء، الدعاء شيء آخر وإن تضمنت الدعاء، في كتابي الوسيلة قلت: إن الصلاة علاقة خاصة تزللية بين العبد وربه. ليس كل دعاء صلاة وليست أساسا بمعنى الدعاء، هو علاقة خاصة جدا، كما إذا عبد الإنسان صنما يصلي له، اليهودي يصلي، النصراني يصلي، تضمن دعاء أم لم يتضمن، تبقى الصلاة صلاة حتى لو لم تتضمن دعاء، بشرط أن يكون لها العلاقة الخاصة بين المخلوق وخالقه والعبد وربه، لا نستطيع أن نعبر عن هذا الخاص الذي هو موجود فينا.
 غدا سنستعرض التعريفات ونبين أن كل هذه التعريفات صحيحة وكلها لا تخلوا من شائبة ولذلك الوضع معروف في الأعماق أردنا أن نعبر عنه بتعريف كامل، عندما دخلنا في مسالة الماهية والحد، الحد التام في التعريفات وقعنا في هذه المتاهة، مثلا أحد تعاريف " البيع " أحد العلماء الكبار قال: مبادلة مال بمال على جهة. أي ليس كل مبادلة، كأنك ترجعني إلى الوجدان ولا يمكن التعبير عنه، عدم القدرة على التعبير لا يعني أنه ذلك، ولا يعني أنه هذا دون ذاك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo