< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم


العنوان: المشتق
قبل ذكر الادلة والمختار في المسألة نكمل كلام صاحب الكفاية (ره) وقد جعل المقدّمة السادسة لبحث الأصل في المسألة وهي: إذا شككت بأن المشتق العنوان، هل هو موضوع لخصوص المتلبس أو للأعم من المتلبس وما انقضى عنه التلبس؟
وذكرنا أننا تارة نتكلم في الاصل اللفظي واخرى في الاصل العملي، ونحن نعلم ان الاصل اللفظي يعتر قاعدة وهو مقدم على الاصل العملي الذي يجري عند الحيرة التامة ومع فقد الدليل.
ذكر صاحب الكفاية أن كيفية الاستدلال على الوضع هي بنفسها تدل على الاصل ولذا ولتحقيق الأصل في المسألة نستعين بما استدل به على الوضع للأعم فقد استدل لأصالة الوضع للأعم بأمرين:
الاول: أصالة عدم ملاحظة الخصوصية، أي عند اطلاق اللفظ فلا تلاحظ خصوصية معيّنة كخصوصية التلبس، مثلا: كلمة " جاهل " هل تطلق على خصوص الجاهل فعلا أو تشمله بعد العلم.
ردّ صاحب الكفاية (ره) هذا الدليل بأنه معارض أيضا بأصالة عدم ملاحظة العموم [1]. ونضيف على رده: بأن هذه الاصول هل هي حجة تنفعنا في تعيين الموضوعات؟ وقلنا سابقا أن الوضع لا يتعيّن بالأصول العدمية، بل يحتاج إلى أدلة أخرى، وذكروا أن للوضع علامات كالتبادر وصحة الحمل وعدم صحة السلب والاستعمال إلى اخره.
الثاني: ترجيح الاشتراك المعنوي على الحقيقة والمجاز إذا دار الأمر بينهما للغلبة.
وهو أن اشك في المشتق بأن اللفظ وضع للمعنيين أو للمعنى الواحد والآخر مجاز، أي إذا دار الامر بين الاشتراك والحقيقة والمجاز.
الاشتراك على قسمين: اللفظي والمعنوي.
الاشتراك اللفظي يكون اللفظ موضوع لكل منهما على حدة كلفظ " عين " وضع للباصرة وللنابعة.
والاشتراك المعنوي يكون موضوع لمعنى واحد وهو الكلي بينهما، ويكون اطلاق لفظ " الرجل " مثلا على فرد ما إطلاقا حقيقيا سواء كان في حال التلبس أو فيما انقضى عنه التلبس.
ومع القول بأنه موضوع للأعم يكون على نحو الاشتراك المعنوي، ومع القول بأنه موضوع للخصوص يكون استعماله في المنقضي عنه المبدأ على نحو المجاز، فيدور الامر بين أن يكون اشتراكا معنويا أو لفظيا.
ويشكل صاحب الكفاية (ره) على الدليل الثاني بإشكالين:
أ‌-صغرويا منع الغلبة.
ب‌-منع نهوض حجة على الترجيح بها.
والاشكالان تامان، إذ ذكرنا سابقا في مسألة ترجيح الحقيقة والمجاز على الاشتراك من أن الاشتراك يحتاج إلى مؤونة أكبر، قد ذكرنا أن هكذا لا دليل فيها على تعيين الموضوع له.
النتيجة: لا يوجد لدينا أصل لفظي في المسألة.
الأصل العملي: يختلف باختلاف الموارد [2]:
فتارة يجري الاستصحاب كالماء المسخن بالشمس ثم يبرد [3] في الحكم الثابت، هل يصدق العنوان على من انقضى عنه التلبس؟ فاستصحب اليقين السابق ببقاء الكراهة.
وتارة يجري أصل عدم الحكم مثل أصالة عدم إرث الأب الذي تغير جنسه إلى امرأة، حيث أن الإرث لم يثبت للأب فأن ابنه توفي بعد صيرورته امرأة فلا مجال للاستصحاب [4]، بل تجري أصالة عدم الارث.
وتارة تجري أصالة البراءة في مثل: " أكرم كل عالم " إذا ما انقضى العلم قبل الإيجاب. فهنا لا يوجد ثبوت للحكم فلا يمكن استصحابه.
المختار في المسألة:
هل اللفظ العنوان موضوع لخصوص المتلبس أو للأعم ويشمل ما انقضى عنه التلبس؟
أننا نختار الوضع لخصوص حال التلبس وفاقا لمتأخري الأصحاب والأشاعرة وخلافا لمتقدميهم والمعتزلة، كما يقول صاحب الكفاية ويدل عليه أمور:
1-التبادر لخصوص المتلبس بالمبدأ في الحال. وهذا الدليل وجداني، نعم هنا بعض الاشكالات على بعضها منشؤها المبادئ مثلا: " فلان قتيل " فالمبدأ المأخوذ ليس عملية القتل بل اخذ الاثر في المبدأ.
2-صحة السلب مطلقا عما انقضى عنه التلبس، تماما كصحة السلب عن المتلبس في الاستقبال، وذلك لوضوح التضاد بين المبادئ كالقائم والقاعد ولا يصدق المتضادان معا قطعا.




[1] استطراد: ذكرنا أن الوضع لا يتعيّن بالأصول العدمية، وهناك منحى تفكيري عند بعض الاصوليين وهو كالتالي: بانه مجرد أن اعجز عن الاستدلال على أمر أو وجود اشكال هو دليل على الطرف الآخر، كما عند الشيخ الانصاري (ره) كما في مقام المصلحة السلوكية، فالأمارات مأخوذة إما على نحو الطريقية أو على نحو السببية، والمعلوم أن طبيعة الامارة طريقية وليست سببا لإنشاء مصلحة، لكن فمجرد وجود الاشكال على الطريقية جعل من الشيخ الانصاري (ره) ينفي الطريقية ويذهب إلى المصلحة السلوكية. لكننا نقول: إن الاشكال على طريق لا يثبت الطرق الأخرى. نعم إذا ارتفع الاول يقينا فيمكن أن يكون دليلا على المطلوب. .
[2] تذكير بان الاصل العملي يجري عند انتفاء كل الادلة. .
[3] تذكير: في الاستصحاب تكون هناك حالة سابقة واشك في بقائها واستمرارها، اما في البراءة لا توجد الحالة السابقة بل الشك في التكليف، والاحتياط يكون عند الشك في الامتثال، والتخيير يكون عند دوران الامر بين امرين لا دليل على احدهما وعدم امكان الاحتياط. .
[4] وهنا حتى الاستصحاب التعليقي لا يجري وهو: إذا كان الحكم يثبت بناء على شرط. مثلا إذا قلنا ان الاب شرط انه رجل يرث لو مات ابنه، الحكم معلّق ببقاء اتصافه بالرجولة. .
بعض الطلبة قال: باستصحاب الموضوع وهو صدق الابوة، والاستصحاب جار لكونه ذي أثر شرعي. وكان الجواب: بوجوب إحراز وحدة الموضوع عرفا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo