< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه؟

     هل يمكن لمن وجبت عليه الكفارة أن يسقطها بالسفر قبل الزوال؟

     هل يجب القضاء على فاقد الطهورين بناء على سقوط الاداء عنه؟

وتبقى مسألتان المسألة الاولى وهي: هل يمكن لمن وجبت عليه الكفارة أن يسقطها بالسفر قبل الزوال؟

نقول: اجماعا لا تسقط الكفارة بعد ثبوتها. لكن هل يمكن ان يكون للسقوط وجه؟ هل يمكن ان تكون هذه المسألة من تطبيقات مسألة جواز أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه؟

قد يقال بكون هذه المسألة من ثمار تلك المسألة الاصولية أي " صحة أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه؟ " ومن ثمار القول بالكشف أو بالانقلاب. فإذا قلنا بالصحة ثبتت الكفارة لثبوت وجوب الصوم من أول النهار، فيصدق موضوع الكفارة وهو الافطار العمدي، وإن قلنا بعدم الصحة وعدم جواز أمر الآمر ثبت عدم وجوب الصوم من أول النهار ولو بالسفر متعمدا لإسقاط وجوب الصوم من أول النهار فتسقط الكفارة.

ولكن يقال: إن سقوط الكفارة بعد ثبوتها يحتاج إلى دليل. نعم لو كان وجوب الكفارة يدور وجودا وعدما [1] مدار الافطار العمدي طالما كان المكلف في الحضر لقلنا بسقوط الكفارة. اما مع عدم العلم بذلك فوجوب الكفارة يدور وجودا لا عدما، ومعه فسقوط الكفارة بعد ثبوتها يحتاج إلى دليل ولا دليل على السقوط.

ومن الثمرات: هل يجب القضاء على فاقد الطهورين؟

فإذا قلنا بصحة أمر الآمر حينئذ وجب الاداء وهل يجب القضاء؟ دليل وجوب القضاء هو إطلاقات القضاء وجوب القضاء، مثل: " اقض ما فات كما فات ". فان لم يتم إطلاق فالأصل عدم تبعية القضاء للأداء، فإذا كان هناك دليل على الاداء لا يعني أبدا ان يكون هو نفسه دليلا على القضاء، القضاء يحتاج إلى دليل. وإن قلنا بعدم صحة أمر الآمر مع انتفاء شرطه لم يثبت الاداء فلا يثبت القضاء إلا بدليل.

والمسألة أي ثبوت الاداء مسألة فقهية محل نزاع بين الفقهاء والاجلاء وليس هذا محلها.

فصل: هل الاوامر والنواهي يتعلقان بالطبائع أو بالأفراد؟ هذه المسألة انما تبحث لان لها ثمرات، وثمرتها الاساسية في مسألة اجتماع الامر والنهي، هل يجوز اجتماع الامر والنهي في واحد او لا؟ ملخص البحث ان الاحكام إذا كانت متعلقة بالطبائع يكون الامر والنهي فقط في الطبائع، واجتماع الطبيعتين في فرد لا يعني ابدا اجتماع الامر والنهي في واحد، فلا يكون مصداق لاجتماع الأمر والنهي في واحد، وهو ممنوع فان بعضهم يقول ان اجتماع الامر والنهي طلب للمحال، وبعضهم يقول ان اجتماع الامر والنهي طلبٌ محالٌ، أي انه محال ان يصدر امر ونهي في آن واحد بمتعلق واحد إن الامر يكون عن محبوبية والنهي يكون عن مبغوضية، فكيف يمكن ان يجتمع حب وبغض بشيء واحد في آن واحد.

وفرعت المسألة على هذا، فان قلنا إن الامر متعلق بالطبيعة والنهي ايضا متعلق بالطبيعة واجتمعا في فرد واحد كان ذلك اجتماعا مورديا، هذا لا مشكلة فيه، فإذن يجوز اجتماع الامر والنهي، واكثر الاصوليين على ذلك.

وبعضهم قال ان الامر والنهي يتعلقان بالأفراد، فهذا الفرد مأمور به وهذا الفرد بعينه منهي عنه، فهذا محال، فلا يجتمع الامر والنهي، وحينئذ، فالثابت إما الأمر وإما النهي.

نعود لمسألة هل الاحكام تتعلق بالطبائع أو بالأفراد؟ لا بد من تمهيد مقدمات:

الاولى: إن الأمور على أربعة أنحاء: اثنان متأصلان أي لهما وجود في الخارج، واثنان غير متأصلين.

اما المتأصلان فهما: الجوهر كزيد، والعرض كالبياض. والفرق بينهما ان الجوهر موجود لا في موضوع، واما العرض فيحتاج إلى معروض أي انه موجود في موضوع.

واما غير المتأصلين فهما: الاعتباري كالزوجية، والإنتزاعي كالفوقية. والفرق بينهما ان الاعتباري ليس له أي وجود أو منشأ وجود خارجي، ليس له أي منشأ هو اعتبار ومجرد اصطلاح محض. وقد يكون له سبب اعتبار، كالزوجية والبيع والملكية وغير ذلك، بل لا بد من سبب للاعتبار، إذا كان المعتبر حكيما، لكن السبب والداعي شيء وتأصل الأمر او منشأ انتزاعه شيء آخر.

والإنتزاعي وإن لم يكن متأصلا إلا أنه لا بد من التأصل في منشأ انتزاعه، كالفوقية التي هي صورة ذهنية منتزعة من واقع خارجي وليس لها وجود في الخارج ابدا، ولكن نفس المنتزع منه هو واقع خارجي، فان صورة الكتاب فوق الطاولة صورة واقعية خارجية متأصلة، أما الفوقية فليس لها وجود خارجي، نعم منشأ انتزاعها وهو الكتاب فوق الطاولة لا بد من تأصله خارجا.


[1] ذكر في الكفاية في مسألة المشتق: ان موضوع الحكم تارة يدور مداره الحكم وجودا لا عدما، وتارة يدور مداره وجودا وعدما، يعني إذا وجد الموضوع وجد الحكم وإذا انتفى الموضوع انتفى الحكم. من قبيل: " أكرم العالم " اكرمه إذا كان عالما فإذا كان عالما وجب الاكرام وإلا انتفى وجودا وعدما، واحيانا يدور الحكم حول موضوعه وجودا وعدما، من قبيل مثال صاحب الكفاية: " لا ينال عهدي الظالمين " واستدل به الصادق (ع) انه لا يجوز ان يتبوأ الامامة والخلافة مثل ابي بكر وعمر، لماذا؟ لانهما وإن اسلما بعد ذلك إلا انه صدق عليهما عنوان الظلم " ولا ينال عهدي الظالمين ". وقد يقال للصادق (ع) انهما كانا ظالمين والآن ليسا ظالمين. صاحب الكفاية (ره) يقول: ان هناك عناوين يدور الحكم مدارها وجودا وعدما، وتارة وجودا لا عدما، والحكم: " لا ينال عهدي " موضوعه الظالم، ويدور مداره وجودا لا عدما، فإذا ثبت وتلبس به ثبت الحكم، وإذا انتفى العنوان لا ينتفي معه الحكم، بل النفي يحتاج إلى دليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo