الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
41/04/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: العام والخاص.
• جدوى تعريف العام.
• الفرق بين العام والمطلق الشمولي بحسب المشهور أن العام ما يدل على الشمول بالوضع، والمطلق الشمولي يدل على الشمول بالاطلاق ومقدمات الحكمة، لان شمول الحكم لبعض افراد الماهية دون الأخر تخصيص بلا مخصص.
انتهينا بحسب تقسيم القدماء من مقدمات مباحث الالفاظ، انتهينا من الاوامر والنواهي، والآن نبدأ بالعام والخاص، ثم المطلق والمقيّد، ثم المجمل والمبيّن. وبهذا تنتهي مباحث الالفاظ ونشرع بعدها بمباحث الحجة.
لفظة " عام " يتبادر منها الشمول وهذا هو المعنى اللغوي، وهل هناك لفظ خاص اصطلاحا للعام؟. الظاهر ان لفظ العام مستعمل في معناه اللغوي وهو الشمول الذي يشمل كل افراده. هل هذا اللفظ " العام " في الاصول بمعنى العام الكلي الذي ينطبق على افراده ويشمل جميع الافراد؟ هل هو صنف من اصناف العام؟ او لا يزال بالمعنى اللغوي الاشمل؟
النقطة الاولى: في جدوى البحث في تعريف العام:
يقول صاحب الكفاية (ره): المقصد الرابع في العام والخاص فصل:
قد عرّف العام بتعاريف وقد وقع من الاعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارة والانعكاس أخرى بما لا يليق بالمقام، فإنها تعاريف لفظية، تقع في جواب السؤال عنه ب ( ما ) الشارحة، [1] لا واقعة في جواب السؤال عنه ب ( ما ) الحقيقية، كيف؟ وكان المعنى المركوز منه في الأذهان أوضح مما عرف به مفهوما ومصداقا، ولذا يجعل صدق ذاك المعنى على فرد وعدم صدقه، المقياس في الاشكال عليها [2] بعدم الاطراد أو الانعكاس بلا ريب فيه ولا شبهة يعتريه من أحد، والتعريف لابد أن يكون بالأجلى، كما هو أوضح من أن يخفى. فالظاهر أن الغرض من تعريفه، إنما هو بيان ما يكون بمفهومه جامعا بين ما لا شبهة في أنها أفراد العام، ليشار به إليه في مقام إثبات ما له من الاحكام، لا بيان ما هو حقيقته وماهيته، لعدم تعلق غرض به بعد وضوح ما هو محل الكلام بحسب الاحكام من أفراده ومصاديقه، حيث لا يكون بمفهومه العام محلا لحكم من الاحكام. [3] [4]
ونقول وانا الفقير إلى رحمة الله: صحيح لا يوجد حكم من الاحكام موضوعه أو متعلقه مفهوم (العام ) لكن للمصطلح اثرا كبيرا في توجه السامع لفهم النص والاستنباط منه كما سنرى، مثلا في القرآن عندنا " ان هم إلا يظنون " " ان الظن لا يغني من الحق شيئا " في المنطق في حالة التصور وتصديقه يقسم: اما ان يقطع أو يظن أو يشك. فيأتي في بال السامع " ان هم إلا يظنون " الظن المنطقي الذي هو الرجحان ويكون خلاف ما قصد في القرآن. ومثلا في الروايات إذا شك بين الركعات، يقول ان ذهب وهمه إلى احد الطرفين فيعمل به. الوهم هنا هو الظن وقد يكون مخالفا للواقع، لكن في المنطق الوهم هو المرجوح دون الخمسين بالمائة.
النقطة الثانية: في الفرق بين العام والمطلق في الاصطلاح:
اكرر لا مشاحة في الاصطلاح والمفروض ان نأخذ بالمصطلح المتداول حتى يكون اسهل على الاذهان، ثم انه ليس هناك في ابحاث القدماء تعريفات بان العام ما هو؟ ومقابل العام هناك شيء اسمه المطلق، هما أمران أم أمر واحد؟ مفهومان أو مفهوم واحد؟
يقول السيد الخوئي (ره) عن المحاضرات:الثانية: ما هو الفرق بين العام والمطلق الشمولي كقوله تعالى " أحل الله البيع " و " تجارة عن تراض " وما شاكلهما حيث إنه يدل على شمول الحكم لجميع أفراد مدخوله [5] . أقول: الفرق بينهما هو ان دلالة العام على العموم والشمول بالوضع ودلالة المطلق على ذلك بالاطلاق ومقدمات الحكمة وتترتب على هذه النقطة من الفرق ثمرات تأتي في ضمن البحوث الآتية. [6]
هذا التعريف قد يكون أدى إلى بعض الخلل في بعض الاستنباطات الاصولية.
وهذا التفريق ذكره عدد من المتأخرين ايضا. ومعناه ان قولنا : أكرم كل عالم، هذا عام لان الدلالة بوضع " كل " للعموم، وقولنا: أكرم العالم " هذا حيث إن كلمة " العالم " موضوعة للطبيعة، فالحكم يتعلّق بالطبيعة، وكان الانطباق على جميع الافراد وإلا كان التخصيص بلا مخصص مطلقا لان دلالته على العموم بالاطلاق ومقدمات الحكمة. وبالتالي فالعام والمطلق في جوهرهما ومفهومها شيء واحد، وهو الشمول إلا أن الفرق في كيفية الدلالة على ذلك.