< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

العموم الاستغراقي والمجموعي والبدلي.

    1. منشأ تقسيم العام إلى الاستغراقي والمجموعي والبدلي، كلام صاحب الكفاية، وهو المؤيد.

    2. كلام السيد الخوئي (ره) في منشأ التقسيم.

    3. رجوع كلام السيد الخوئي إلى كلام صاحب الكفاية بناء على ان اختلاف اللحاظ يؤدي إلى اختلاف الموضوع.

إذن لا بد من تصويب كلام السيد الخوئي (ره) وكلام صاحب الكفاية (ره) بما ذكرناه في بداية البحث، من ان تعلق الاحكام هو بالطبائع بمعنى بما لها من أثر خارجي اي بملاحظة عالم الامتثال.

لا يقال: ان قولنا : " أكرم زيدا " قد تعلق الحكم هو وجوب الاكرام بزيد، وزيد فرد خارجي؟

فانه يقال: نحن سابقا ذكرنا انه إذا قلت:" أكرم زيدا "، الحكم وهو الوجوب، والمتعلّق هو الاكرام، وموضوع المتعلّق هو زيد. هنا الفرد الخارج هو موضوع المتعلّق. اما المتعلّق لا يزال هو الاكرام، اكرام زيد عندما يتشخص في الخارج صار جزئيا، لكن قبل تشخصه لا يزال كليا موجودا في الذهن. " اكرم زيدا " ليس متعلقا بالفرد الخارجي موضوعه الفرد الخارجي ومتعلّقه كلي وهو الاكرام، والشيء ما لم يتشخص لم يوجد، يجب ان تكون هناك مشخصات حتى يوجد وإلا بقي كليا.

لذلك نقول في توجيه كلام السيد (ره) : " اكرم العلماء " عام ومتعلّقه واحد وهو " الاكرام " بنحل إلى اكرام زيد واكرم بكر وهكذا، وهذا لا مانع منه عقلا، لان إكرام زيد عند تعلّق الأمر به لا يزال كليا في الذهن، وعندما يوجد في الخارج يكون جزئيا، لان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد، فلا يمكن تعلّق الحكم به لانه حينئذ من باب طلب تحصيل الحاصل. لكننا لا نسلم بان معنى " اكرم العلماء " هو نفس معنى أكرم زيدا وبكرا و .... بل الوجوب يتعلّق بالطبيعة الكلية لاكرام العالم، وإكرام زيد له حين الامتثال، وفرق بين التعبيرين، واول فرق ه وعدم إمكان تخصيص " أكرم زيدا وبكرا و.. " فلا تستطيع القول: " أكرم زيدا إلا زيدا ".

النقطة الرابعة: في منشأ هذا التقسيم؟

يقول صاحب الكفاية (ره): ثم الظاهر ان ما ذكر له من الاقسام من الاستغراقي والمجموعي والبدلي إنما هو باختلاف كيفية تعلّق الاحكام به، وإلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد، وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه [1] ، غاية الامر أن تعلّق الحكم به تارة يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم (استغراق)، واخرى بنحو يكون الجميع موضوعا واحدا بحيث لو أخلّ باكرام واحد في " أكرم كل فقيه " مثلا لما امتثل اصلا بخلاف الصورة الاولى فانه اطاع وعصى، وثالثة بنحو يكون كل واحد موضوعا على البدل بحيث لو أكرم واحدا منهم لقد اطاع وامتثل، كما يظهر لمن امعن النظر وتأمل. [2] انتهى كلامه رفع مقامه.

وهذا كلام متين، وقد أجاد الشيخ الآخوند فيه وملخصه: ان منشأ التقسيم هو موضوع الحكم، تارة يؤخذ الموضوع على نحو الاستغراقي وتارة على نحو المجموع وتارة على نحو البدل.

إلا أن السيد الخوئي (ره) لم يرتض هذا الكلام، وذهب إلى منشأ آخر، ملخص ما قاله (ره): " إن المولى في مرحلة جعل الحكم إما أن يلاحظ الطبيعة بما هي مع قطع النظر عن افرادها، إي من دون لحاظ فنائها فيه ولم يجعل الحكم عليها (أي على الافراد) كذلك، كقولنا: " الانسان نوع " واما ان يلاحظ افراد الطبيعة وفنائها فيه.

وعلى الثاني، فإما أن تلاحظ الطبيعة الفانية في افرادها على نحو الوحدة في الكثرة (أي الوحدة في المفهوم والكثرة في الافراد) فيجعل الحكم على الافراد، فيكون كل واحد منها موضوعا مستقلا، فهذا هو العموم الاستغراقي.

واما ان تلاحظ الطبيعة على نحو الوحدة في الجمع (أي الوحدة في المفهوم والجمع في الافراد) على نحو يكون المجموع موضوعا واحدا بحيث يكون كل فرد جزء الموضوع لا تمامه، فهذا هو العموم المجموعي.

واما ان تلاحظ الطبيعة في صرف وجودها في الخارج فهذا هو العموم البدلي.

ونقول: قد تبيّن فساد ما في هذا التعبير مما سبق، فان تعلق الحكم بالطبيعة بلحاظ افرادها ليس بمعنى فناها [3] فيها وبالتالي يتعلق الحكم بالافراد، لان الطبيعة عندما تفنى لا يبقى إلا الفرد، فيتعلق الحكم به، بل معنى ان الامتثال يتحقق بها ليس إلا.

ثم إن اللحاظ إذا كان من ضمن الموضوع بمعنى أن اختلاف اللحاظ يؤدي إلى اختلاف الموضوع وهو الاختلاف في الموضوع بين الاقسام الثلاثة، فيرجع كلام السيد الخوئي (ره) إلى كلام صاحب الكفاية حينئذ، فلا فرق بين كلام العلمين.

 


[1] العموم واحد، وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه. كلمة العلماء تنطبق على الجميع. هذه الكلمة علّق عليها بعضهم قال: مفهوم "العلماء" لا ينطبق على زيد العالم. العلماء جمع وزيد فرد.
[3] إذا قلنا فناء يصبح كاستعمال اللفظ في المعنى، نعم هو في عالم الامتثال لا يتحقق إلا بهذه الكيفية. انا اريد الطبيعة وعلقت الحكم على الطبيعة لكن في عالم الامتثال لا يمتثل إلا بالافراد في الخارج، فتتشخص الطبيعة بهذا الفرد. سواء قلنا بان الطبيعة موجودة في الخارج بوجود افرادها أو بمعنى وجود افرادها، امر منتزع لا اكثر ولا اقل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo