< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

عدم شمول العموم لمثل العدد والفاظ العموم:

     الاقوال في وضع " كل " وما شابهها.

     بيان وجه هذه الاقوال والاجابة عليها.

     المختار هو الوضع للعموم للتبادر.

عدم شمول العموم لمثل العدد:

يقول المحقق الخرساني (ره): " العموم هو شمول المفهوم لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه، ثم بعد ذلك، وبعد بيان منشأ التقسيم يقول: وقد انقدح ان مثل شمول عشرة وغيرها لاحادها المندرجة تحتها ليس من العموم لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كل واحد منها ".

ونقول: هذا الكلام متين، فان ليس كل ما فيه آحاد كان اللفظ الجامع عموما، فلو كانت الكفارة إطعام عشرة مساكين، وأطعم تسعة، فانه لا يكون مطيعا في التسعة وعاصيا في العشرة، فهو ليس عموما استغراقيا، ولا عموما مجموعيا ايضا، بناء على ما ذكره صاحب الكفاية (ره) حيث إن مفهوم لفظ (عشرة ) لا ينطبق على افراده، ولا بدليا كذلك، فان لفظ " عشرة " موضوع لهذا العدد بما هو عدد، لا بما هو آحاد.

الفاظ العموم:

لفظ " كل " وما يرادفها في كل لغات العالم وغيرها، مثل " جميع " و " أيّ ". وقد وقع الكلام في نقطتين:

الاولى: في دلالتها على العموم، والثانية: في كون الدلالة على الخصوص على نحو الحقيقة أو المجاز.

اما في النقطة الاولى: فلا شك في الدلالة على المفهوم للتبادر والارتكاز الذهني، فتكون " كل " موضوعة للعموم، ولكن وقعت في ذلك أقوال:

     منها: ما ذكر أي انها موضوعة للعموم، ودلالتها بالوضع، وهو المختار.

     ومنها: وضعها للخصوص، لانه القدر المتيقن من المستعمل فيه والموضوع له، والاصل عدم الوضع للزائد؟

ووجهة النظر في ذلك: ان العمومات تخصص حتى اشتهر قولهم " وما من عام إلا وقد خص "، فلو كان الواضع يعلم ان كلمة " كل " ستستعمل دائما أو غالبا في الخصوص، فما معنى ان توضع للعموم واستعملها غالبا في الخصوص؟ من قبيل: كلمة " اسد " الموضوعة للحيوان المفترس لكن استعملت غالبا في الرجل الشجاع، وفي المجازات الأخرى. فمن الحكمة أن اضعها في الاساس للمجازات. فليس هناك الفاظ خاصة موضوعة للعموم، بل الوضع للخصوص والعموم يحتاج إلى قرينة، من قبيل المجاز المشهور، ولذا قالوا لو دار الامر بين الحقيقة والمجاز يحمل اللفظ على المجاز المشهور، كما هو المشهور.

ثن انه لو شككنا ان لفظة " كل " موضوعة للعموم أو للبعض، القدر المتيقن هو الوضع للبعض، وأشك في الوضع للزائد فالاصل عدم الوضع له، فيتم الوضع للخصوص، وحينئذ فالعموم يحتاج إلى قرينة، أي صارت " كل " مجاز في العموم، لانه العام ليس هو الموضوع له، فيكون استعمال كل في العموم مجازا، لانه استعمل في غير ما وضع له.

     ومنها: وضعها للمشترك بين اللفظين الخصوص والعموم. يعني انها تستعمل كثيرا في العموم والخصوص إذن هي موضوعة للاثنين معا، وهذا يذهب اليه من قال ان الاستعمال علامة على الحقيقة – السيد المرتضى – ولما كان افظ " كل " استعمل في العام واستعمل في الخاص كان الوضع لكليهما.

فإذن هو موضوع حقيقة للاثنين معا، أي وضع للمشترك وليس كمشترك معنوي، أي المعنى الجامع مثلا: " زيد وبكر " المشترك المعنوي بينهما " الانسان " بينما كلمة " عين " النابعة والباصرة لا يوضع للجامع المشترك بينهما، بل يوجد لفظ مشترك بينهما.

الجواب: ان الاستعمال ليس استعمالا في الخاص، بل المراد الجدي هو الخاص، والاستعمال ما زال في العام، مثلا: " اكرم العلماء إلا زيدا " هنا " اكرم العلماء " استعمل في العام، والمراد الجدي هو الخاص كمشترك لفظي.

     ومنها: تفصيل بين اللغة والشرع، وضعها في اللغة للمشترك اللفظي بين العام والخاص، ولكنه في الشرع موضوع للعموم فقط، وهذا القول منسوب إلى السيد المرتضى (ره).

كما قالوا في صيغة الامر، بعضهم قال: ان صيغة الامر موضوعة للوجوب والاستحباب وللمشترك اللفظي وموضوعة للتهديد وعلى عدّة معاني. بعضهم قال إن استعمال الشارع لها يختلف عن اللغة، ففي اللغة هي موضوعة للوجوب لكنها في الشرع عام بين الوجوب والاستحباب بقرينة كثرة الاستعمال في الاستحباب وهكذا النهي، فصلّ بين الشرع واللغة.

     ومنها: التوقف في الدلالة. ما معنى التوقف؟ هو عدم التوصل إلى تصور واضح وموقف من الوضع والدلالة، فيتوقف فيه. ثمرته أن اقتصر على القدر المتيقن، فإذا قلت " اكرم العلماء "

يعني بعض العلماء وليس الكل، اقتصر على القدر المتيقن من الجمع لا توجد دلالة على العموم.

والتوقف معناه ان ارجع في المشكول إلى ادلة اخرى. فالتوقف نتيجته انه لا توجد دلالة وعند عدمها تصبح الشبهة مفهومية، وفي الشبهة المفهومية اولا: نطرق باب الشارع فان لم يكن نطرق باب العرف، فان لم يكن نطرق باب اللغة، فان لم يكن نأخذ بالقدر المتيقن، فان لم يكن اصبح الدليل مجملا ونبحث عن دليل آخر. هنا طرقنا باب الشارع في مفهوم " كل " لم نجد، فطرقنا باب العرف واللغة فلم نجد فنتوقف، ومعنى التوقف هو الاخذ بالقدر المتيقن في موضوع الحكم، فإذا لم يوجد قدر متيقن بُحث عن الادلة الاخرى. والدليل الآخر اما ان يكون أمارات اخرى وإلا فالاصل العملي، والاصل العملي إما براءة او احتياط أو استصحاب أو تخيير.

هذه الاقوال التي ذكرناها وان شاء الله غدا نكمل مستند الاقوال ثم النقطة الثانية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo