< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

    1. ملّخص الدرس السابق.

    2. الاحتمالات الأخرى غير التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة، فيبطل ما اشتهر كون القدماء والسيد اليزدي في العروة يقول بالتمسك، لأن الاحتمال يبطل الاستدلال.

    3. ابطال هذه الاحتمالات.

تلخيص الدرس السابق: اشتهر بين القدماء القول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وذلك في المخصص المنفصل قياسا على التمسك بالعام في الشبهة المفهوميّة إذا دار الأمر بين الأقل والأكثر، العام له ظهور ثم جاء الخاص منفصلا فإذا دار الامر بين الأقل والأكثر، المشكوك هو الزائد، وظهور العام لا منافس له.

السيد الخوئي (ره) شكك في هذه الشهرة وقال لا أحد يصرّح بان القدماء قالوا بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة، كما نسب الجواز إلى السيد كاظم اليزدي (ره) صاحب العروة، وصاحب العروة لم يصرّح بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة لكن من خلال فتواه استكشف الفقهاء ان صاحب العروة كان يقول بجواز التمسك بالعام.

ثم يقول السيد الخوئي (ره) ان ما استدلوا به على أن صاحب العروة بنى فتواه عليه غير تام.

يقول السيد الخوئي (ره) في الفتوى التي ذكرها في الدم المعفو عنه في الصلاة: إذا كان الشك في انه دم حيض فالأصل العفو، اما إذا كان الشك في الأقل والأكثر من درهم فالاحتياط عدم العفو. قالوا ان هذا مبني على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، السيد الخوئي (ره) يقول ان هناك احتمالين آخرين لهذه الفتوى ومع الاحتمال يبطل الاستدلال. في فتوى العروة يقول انه إذا علم كون الدم اقل من الدرهم وشك في انه من المستثنيات – كدم الحيض والاستحاضة والنفاس – يبني على العفو، هذه الصورة الأولى. أما إذا شك في انه بقدر الدرهم او أقل فالأحوط عدم العفو هذه هي الصورة الثانية.

استدلوا في الصورة الأولى: " ان كل دم أقل من درهم يعفى عنه " ثم جاء مخصص منفصل " إلا دم الحيض " السيد اليزدي هنا تمسك بالعام " يجوز الصلاة بالدم إذا كان أقل من درهم " الخاص " هذا دم حيض ام لا " اشك فيه فيبقى على ظهور العام فيحكم بالعفو.

نكمل كلام السيد الخوئي (ره): " ولكن التوهم المزبور في كلتا الصورتين قابل للمنع اما في الصورة الأولى.. [1]

السيد الأستاذ: الصورة الأولى: " كل دم اقل من درهم فهو معفو عنه إلا دم حيض ".

فيحتمل أن يكون وجه فتواه بالعفو هو التمسك باستصحاب العدم الأزلي، لا حراز موضوع العام حيث إن موضوعه مركب من أمرين. ( أحدهما ) وجودي وهو الدم الذي يكون أقل من الدرهم. ( وثانيهما ) عدمي وهو عدم كونه من دم حيض أو نفاس أو استحاضة، والأول محرز بالوجدان، والثاني بالأصل وبضم الوجدان إلى الأصل يلتئم الموضوع المركب ويتحقق فيترتب عليه حكمه بمقتضى عموم تلك الروايات واطلاقها... " [2]

يقول الفقير إلى رحمة ربه: هذا الاحتمال من السيد الخوئي (ره) مبني على أن المخصص يكون قيدا للمتعلّق، أي ان التخصيص هو نفس التقييد ولذا جعل الموضوع مركبا من جزأين: الدم والوصف بعدم كونه حيضا. وقد بيّنا بما لا مزيد عليه أن الموضوع هو العام فقط أي الدم، وأن التخصيص لا يتصرف بموضوع العام، بل يخرج أفرادا ولم يتدخل في المفهوم.

يقول الفقير إلى رحمة ربه: الأصل عدم الزائد، أما أن المخصص أمر وجودي فينفيه نص صحيحة محمد بن مسلم: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: قلت له الدم يكون في الثوب عليّ وانا في الصلاة؟ قال: إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ في غيره، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعاده عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم، وما كان أقل من ذلك فليس بشيء، رأيته أم لم تره، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه [3]

فكأنه (ع) قال: إلا الزائد عن مقدار الدرهم وهذا عنوان وجودي. ونقول للسيد الخوئي ان الشك هو في عدم الزائد هو أمر عدمي حيث يقول في الرواية: " ما لم يزد " والأصل عدم الزائد.

ولذلك نفس الكلام الذي يطبقه السيد الخوئي (ره) في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين كما طبقه الشيخ الانصاري (ره) وغيره انه في الزائد الأصل العدم.

النتيجة: ان ما ذكره السيد الخوئي (ره) في الوجه الأول غير تام، لان السيد كاظم اليزدي (ره) لم يتكل على هذا الوجه في الفتوى بالعفو.

الاحتمال الآخر عند السيد الخوئي (ره): " أو يحتمل أن يكون وجه فتواه به هو التمسك بأصالة البراءة عن مانعية هذا الدم للصلاة بعد ما لم يمكن التمسك بدليل لفظي من جهة كون الشبهة مصداقية ".

يقول الفقير إلى رحمة ربه: كانه قال: " كل دم إذا كان أقل من درهم معفو عنه إلا دم الحيض "، هذا الدم الذي بين أيدينا مصداق مانع من الصلاة أو لا؟ الأصل عدم مانعيته.

نقول للسيد الخوئي إن هذا الوجه يجري بعينه في الصورة الثانية، وهي ما إذا شك في أنه بقدر الدرهم أو أقل، وقد حكم السيد بالاحتياط، ولو كان هذا هو الوجه الذي اعتمد عليه صاحب العروة لكان في الصورة الثانية أيضا.

ثم يكمل السيد الخوئي (ره): " وأما في الصورة الثانية فيحتمل أن يكون وجه احتياطه بعدم العفو هو أصالة عدم كون هذا الدم أقل من درهم نظرا إلى أن عنوان المخصص عنوان وجودي فلا مانع من التمسك بأصالة عدمه عند الشك فيه " [4] .

كأن السيد الخوئي (ره) يقول في الصورة الثانية " كل دم لا يجوز الصلاة فيه إلا إذا كان أقل من درهم " حيث افتى السيد اليزدي بالاحتياط أي عدم العفو، أي لا ينطبق عليه ما ينطبق على الصورة الأولى.

ونقول للسيد الخوئي (ره): ان الشك في المانع وهي الزيادة، فالأصل عدم الزائد وهو المشكوك. واما حكاية أن المخصص أمر وجودي فقد أجبنا عليه. وبالتالي فالمفروض أن حكم الصورة الثانية هو حكم الصورة الأولى.

ثم يكمل السيد الخوئي (ره): وكيف كان فلا يمكن استنباط أنه ( قده ) من القائلين بجواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية من هذين الفرعين [5] .

يقول الفقير إلى رحمة ربه: بل الظاهر ان السيد كاظم اليزدي كان يتمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة. ويعطي لذلك عدّة فروع استنباطات وكلها يمكن الرد عليها كمسألة ضمان اليد وغيرها. السيد الخوئي (ره) كان يريد ان يثبت أنه لا دليل على ان القدماء كانوا يقولون بجواز بالتمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة، إذن من زمن الشيخ الانصاري (ره) بدأ ينتشر القول بعدم التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة، فاصبح هناك شهرة جديدة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo