< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/05/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

    1. استدل بآية وجوب الغض على العموم لحذف المتعلّق.

    2. لا ظهور للآية في العموم لكثرة المخصصات وللتقييد بمحارم الله.

    3. السيد اليزدي جعل الشرط الوجودي لجواز النظر، فكأن الشارع قال: " يجوز النظر إلى المماثل" ، ولذا مع الشك لا يجوز النظر.

    4. ما نذهب إليه وجوب الغض هو المشروط، فكأن الشارع قال: " يجب الغض عن الأجنبيّة، إلا ما خرج بدليل "، ولذا مع الشك يجوز النظر.

    5. القضايا لا تثبت صغرياتها.

ثانيا: في المسألة الفقهيّة هل يجوز النظر إلى المشكوك؟

إننا ننفي دلالة الآية على عموم حرمة النظر، فإن الآية الكريمة: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾[1] لا تعني عموم وجوب غض النظر ليشمل كل شيء إلا ما خرج بدليل، بل هي مقيّدة بمحارم الله وهو القدر المتيقّن وليس فيها ظهور في اطلاق يشمل حرمة النظر لكل شيء. فإذا شككت بان هذا مماثل أو لا عندي عام وعندي مخصص وله مصاديق فاتمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة على ما ذهبنا اليه من المسألة الاصوليّة إذن يجب غض النظر، فلو تمّ هذا العام يمكن التمسك به ويجب غض النظر. أما على مشهور المتأخرين من عدم جواز التمسك بالعام فيشكل هذا الدليل.

بيان عموم وجوب غضّ النظر:

قالوا إن من الالفاظ الدلّة على العموم: كل، الجمع المحلى باللام، والمفرد المحلى باللام إلى اخره، وحذف المتعلّق يدل على العموم وظاهر في العموم " يغضوا من ابصارهم " الغض عن أي شيء. فإذن كأنه قال: " يجب غض البصر عن كل شيء إلا ما خرج بدليل، و " إلا " ليست مخصصا متصلا، بل مخصصا منفصلا بأدلّة اخرى كـ يجوز النظر إلى الخالة والزوجة الحيوان والشجر والحجر فاستفادوا من هذه الآية عموما، ولورود روايات تقول بغض النظر عن محارم الله.

وقد اعترف السيد الخوئي بعدم وجود العموم للآية حيث قال: " لا عموم للآية من هذه الناحية " يعني لا يمكن استفادة حرمة النظر من الآية الكريمة لاطلاقها.

 

بيان عموم جواز النظر:

وتعليقا على كلام السيد اليزدي (ره) الذي قال بان جواز النظر مشروط بوجود الموضوع الذي هو المماثليّة، نحن نقول بان حرمة النظر هي المشروطة بالموضوع فيجب أن اثبت انها أجنبيّة وليست مماثلة ولا زوجة ولا خالة فتثبت حرمة النظر.

قد ورد في روايات عديدة غض النظر عن محارم الله. إذن يصبح مفهوم الآية: يجب غض النظر عن محارم الله، فهي مقيّدة بمحارم الله، أو على الأقل لا إطلاق لها، ويؤيده أن الله عز وجل بيّن من يحرم النظر اليها لا من يجوز النظر اليها، ومع عدم إطلاق حرمة النظر نقتصر على القدر المتيقّن وهو ما ثبتت حرمته أي محارم الله، ولذلك لا يجب غض النظر إلا عند تحقق الموضوع وهو كون المنظور إليه من محارم الله كالاجنبيّة، ومع الشك لا يثبت الحكم لعدم ثبوت الموضوع فإن الأحكام تابعة لعناوينها وإن القضايا لا تثبت صغرياتها كما سنبيّن بعد قليل.

ثم إن السيد الخوئي (ره) استفاد من الآية حرمة النظر إلى المخالف وليس المماثل فتكون الحرمة مشروطة بأمر وجودي وهو المخالف، فإن تمّ ما إستفاده ذهبنا إلى الجواز أيضا لعدم تماميّة موضوع الحرمة حينئذ في المشكوك فيحرم النظر إلى المخالف، اما لو قلنا كما ذهب السيد اليزدي ان جواز النظر مشروط بالمماثليّة فنحكم بعدم جواز النظر لعدم ثبوت المماثلة أو المحرميّة أو الزوجيّة [2] .

والنتيجة: عند الشك في المنظور إليه في كونه من المحارم ومن يجوز النظر إليه، يجوز النظر لأن الآية لا عموم لها، فلا تشمل المشكوك.

القضايا لا تثبت صغرياتها:

القضايا الشرطية لا تثبت مقدّمها، القضية الحقيقيّة تتكفل في بيان الموضوع والمحمول، ولا تتكفل ببيان إثبات الموضوع، ففي قولنا: " الخمر حرام "، كان الحكم " حرام " على الموضوع " الخمر " على تقدير وجوده، فلو شككت في هذا السائل أنه خمر أو لا، فلا أستطيع اثبات خمريته بعموم " الخمر حرام "، كذلك العكس، فعندما أثبت حليّته بأصل البراءة لا أستطيع إثبات كونه ليس خمرا. نعم إنه مستغرب من الحكيم ان يصدر حكما على شيء لن يكون، نعم إذا اصدره على أمر يعلم بانه لن يكون لحكمة أو لعلّة فلا مانع من ذلك، وهذه أحد مخارج بعض الآيات والروايات الواردة التي استدل بها على عدم عصمة الأنبياء.

 


[2] رد السيد على سؤال: ماذا ينفع علم الاصول بالاستنباط: لان تغيّر الآراء لا تغير إلى خمسة بالمئة أو عشرة فلنراجع الروايات والاخبار وللنظر ماذا تقول. الجواب: ان الاصول يغيّر أكثر من السبعين بالمائة من الآراء والسبب في ذلك ان الحكم في المشكوكات يرجع إلى علم الاصول وإلى القواعد الاصوليّة، مثلا ما نحن فيه من جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة هذه قاعدة إذا شككت بالمصداق اخذ بحكم العام، وهذه ليست نصا ولا رواية بل هي أصول. وثانيا مسألة الاجزاء مسألة اصوليّة، هل يجزي الظاهر عن الواقع؟ حتى في الأخبار هنا مسألة اصوليّة رئيسيّة وهي مسألة حجية خبر الواحد، الخبر متى يكون حجة؟ هل هو خبر الثقة أو العدل أو المظنون أو عدم حجيّة الخبر كليا؟ ثمرة هذه المسألة بالأخبار، حتى الاخبار مرتبطة بالأصول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo