< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

    1. الجواب على النقطة الثانية التي ذكرها صاحب الكفاية (ره)، وهي انه حتى على مبنى صاحب الكفاية وغيره من كون المخصص له مدخلّة في تقييد موضوع العام، فما الفرق بين المخصص الفظي واللبّي في عدم صدق موضوع حكم العام بعد التخصيص (أي العام المقيّد بالخاص) على الفرد المشكوك.

    2. النقطة الثالثة: ما ذكره الآخوند (ره) من خروج الفرد المشكوك عن عنوان المخصص.

    3. وجوابها: القضايا لا تثبت صغرياتها، ولا تلازم بين نفي الحكم ونفي الموضوع في الأمور الاعتباريّة.

إذن النقطة الثانية التي ذكرها صاحب الكفاية (ره) انه إذا كان المخصص اللبّي لا يكتنف الكلام كما لو كان من اجماع او من سيرة او من غلبة استعمال بحيث لا يلتصق بالذهن فحينئذ للعام ظهور والمخصص اللبّي لا يمنع العام من ظهوره، والشيخ الانصاري (ره) أيضا قال بإمكان التمسك بالعام لانه هناك ظهور مقابل لا ظهور، حينئذ يختلف عن المخصص اللفظي المنفصل.

يقول الفقير إلى رحمة ربّه: هناك مسألة أساسيّة يبنى عليها المطلب: هل المخصص له دخالة في مفهوم حكم العام او لا؟

نحن قلنا ان المخصص لا دخالة له، هم قالوا ان المخصص له دخالة في المتعلّق، لذلك السيد الخوئي (ره) قال ان " أكرم العلماء إلا الفساق " يعني " أكرم العالم المقيّد بغير الفسق " عندما ترجم هذه الترجمة اختلف الوضع فاختلفت النتيجة وكان الحق معه في عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

وانا لا اوافق على كلام صاحب الكفاية، إذ ما الفرق بين المخصص اللبّي واللفظي؟ حتى بناء على ما ذكروه من دخالة المخصص في مفهوم العام.

إذا كان المخصص يتدخل في مفهوم العام أي صار العام بقوّة " أكرم العالم غير الفاسق " سواء كان المخصص لبّيا أو لفظيا، صار العام مقيّدا، وحينئذ لا ينطبق هذا العنوان " العالم غير الفاسق " على الفرد المشكوك فلا اتمسك بحكم العام، إذن ما الفرق بين المخصص اللبّي واللفظي؟

بتوضيح اخر قال صاحب الكفاية (ره) أن ظهور العام في المخصص اللبّي يقابله عدم ظهور، لان المخصص لبّي، واللبّي لا يكتنف الكلام، يعني لا يمنع العام من ظهوره، فصار عندنا ظهور مقابل لا ظهور فأتمسّك بظهور العام. هذا الكلام غير تام وغير سليم، لأنكم قلتم في المخصص سواء كان متصلا أو منفصلا انه يتدخل في متعلّق الحكم وكأنه قال: " أكرم العالم غير الفاسق "، فما الفرق بين اللفظي واللبّي، وما الفرق بين المتّصل والمنفصل؟

لذا نقول: بناء على ما ذهب إليه القوم من كون الخاص دخيلا في المراد الجدي للعام، وأن يكون الخاص مقيّد للعام، وأنه لا فرق بين التخصيص والتقييد، فلم أفهم الفرق بين المخصص اللبّي واللفظي، إذ أن المخصص اللبّي عندما أدركه بالإجماع مثلا أو بغلبة الاستعمال أو بالتتبع وغيره يقيّد المراد الجدي للعام، وحينئذ لا أحرز انطباق العام المقيّد على الفرد المشكوك فلا يصح التمسك بالعام، نفس الكلام يجري هنا، نعم نقول ان المخصص اللبّي يختلف عن اللفظي من هذه الناحية، لكن من حيث التقييد ما الفرق بينهما؟ فإن ما ذكره من الفرق بينهما فرق فارق بالنسبة لمسألتنا.

بيان عدم الفرق: في المخصص اللفظي المنفصل: " أكرم العلماء" ثم بعد ذلك " لا تكرم الفاسق منهم " يكون المراد: " أكرم العالم المتصف بعدم الفسق " والفرد المشكوك لم أحرز فيه هذا القيد، فلا يجوز التمسك بالعام لعدم انطباق متعلّقه عليه.

في المخصص اللبّي: " أكرم العلماء " ثم بعد ذلك حصلت على إجماع على عدم إكرام الفاسق منهم.

فالنتيجة: أن العام قد قيّد لأن المحصّل هو: " أكرم العالم غير المتصف بالفسق " والفرد المشكوك لا أحرز انطباق هذا العنوان عليه، فلا يجب إكرامه.

إذن صاحب الكفاية والشيخ الانصاري ليسا محقين في هذه المسألة حتى على مبناهم إذ لا فرق بينهما أبدا على مبناهم من أن المخصص مقيّد لمتعلّق العام.

أما بالنسبة لنا نحن، فكذلك لا فرق، لعدم دخالة المخصص في متعلّق العام إلا من حيث الأفراد، كما بيّنا بما لا مزيد عليه.

والنتيجة: لا فرق بين المخصص اللبّي والمخصص اللفظي، سواء كان اللبّي مكتنفا للكلام أم لم يكن كذلك، وسواء على مبنى القوم من مدخليّة الخاص في متعلّق العام أم على مبنانا من عدم المدخليّة.

أما النقطة الثالثة: كما في المثال الذي ذكروه: " للهم العن بني اميّة قاطبة " هذا مخصص بالمؤمنين بدليل لبّي، ومثلا اشك في عمر بن عبد العزيز انه مؤمن أو لا، فهل يجوز لعنه؟ بالتمسك بالعام جاز لعنه سواء كان على مبنانا أو على مبنى القوم من انه مخصص غير مكتنف بالكلام، فإذا كان كذلك جاز لعنه، فإذا جاز لعنه هل استطيع ان اقول انه ليس مؤمنا؟ في النقطة الثالثة هل يمكن اثبات انه ليس بمؤمن؟.

ومثال آخر: استدل بعضهم على كون سن اليأس عند المرأة خمسين سنة بعمومات الأمر بالصلاة مثل: ﴿أقيموا الصلاة﴾ [1] فلديّ عموم أزمان، أي في كل الازمان، خرج من تحت العموم ما اتيقّن خروجه ككون المرأة حائضا، وأشك في خروج المرأة بين الخمسين والستين، فتنضوي في هذا العمر تحت العام وهو وجوب الصلاة عليها. ثم نقول: " كل من وجب عليها الصلاة فليست بحائض " فأثبت كونها ليست حائضا.

نقول: فإن القضايا لا تثبت صغرياتها كما مرّ، فإني لا أستطيع من خلال ثبوت الحكم أن أثبت الموضوع، فإن التمسك بالعام يعني ثبوت الحكم، لكن ثبوت الحكم لا يعني ثبوت الموضوع ولا نفيه. مثلا: كل دم نجس، وشككت في كون هذا السائل الأحمر دما، فانفي الحكم، أي أنفي النجاسة، وهذا لا يعني نفي كونه دما، فلا أستطيع أن أقول: هذا السائل ليس دما، بل أنفي النجاسة، ولا مانع من أن يقول الشارع: " الحائض تترك الصلاة قبل الخمسين ولا تتركها بعد الخمسين" لان الحكم اعتبار بيد الشارع. وأما عدم الدميّة فأثبته بالأصل العملي، أي أصالة عدم كونه دما.

انتهينا من الكلام من ناحية الظهور اللفظي عالم الامارات غدا ان شاء الله نبحث هل يمكن التمسك بالاصل العملي وتكون نفس النتيجة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo