< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

    1. هل تجري أصالة عدم التخصيص للحكم بأن الفرد المخصص ليس من أفراد العام لكونه محكوما بحكم مضاد؟

    2. كلام صاحب الكفاية ورفضه للجريان، وتأييدنا له.

    3. أصالة عدم التخصيص تجري عند الشك في خروج الفرد من حكم العام، لا من نفس العام.

    4. الظاهر في هذه المسألة هو انضواء الفرد المخصص تحت أفراد العام، لأن الشك حينئذ يدور بين أن يكون الاستثناء متصلا أو منقطعا، والظاهر حمل الاستثناء على المتصل دون المنقطع إلا ما خرج بدليل.

مسألة: عند الشك في صدق عنوان العام على الفرد المخصص، هل يمكن إجراء أصالة عدم التخصيص للحكم بعدم كونه فردا للعام؟

فمثلا: " أكرم العلماء إلا زيدا " الامر صدر بإكرام العلماء وزيد أشك في كونه عالما، وأعلم حرمة إكرامه، إذن هو لا ينضوي تحت العام وإلا لوجب إكرامه. فهل يمكن الحكم بان زيدا ليس بعالم لحرمة اكرامه، نوع من الإن؟ بعبارة أخرى فهل تجري اصالة عدم التخصيص؟ فلا يكون الفرد المخصص من أفراد العام لعدم أخذه حكمه؟

يقول صاحب الكفاية (ره) تحت عنوان: بقي شيء، وهو أنه هل يجوز التمسك بأصالة عدم التخصيص؟ في إحراز عدم كون ما شك في أنه من مصاديق العام، مع العلم بعدم كونه محكوما بحكمه، مصداقا له، مثل ما إذا علم أن زيدا يحرم إكرامه، وشك في أنه عالم، فيحكم عليه بأصالة عدم تخصيص ( أكرم العلماء ) أنه ليس بعالم، بحيث يحكم عليه بسائر ما لغير العالم من الاحكام.

إذن زيد لم يحكم بحكم العام " العلماء " الذي هو وجوب الاكرام، لكن إذا خرج عن كونه عالما فهل يحكم ببقيّة الاحكام التي تكون لغير العالم؟

يكمل صاحب الكفاية: فيه إشكال، لاحتمال اختصاص حجيتها (أصالة عدم التخصيص) بما إذا شك في كون فرد العام محكوما بحكمه، كما هو قضية عمومه، والمثبت من الأصول اللفظية وإن كان حجة، إلا أنه لا بد من الاقتصار على ما يساعد عليه الدليل، ولا دليل هاهنا إلا السيرة وبناء العقلاء، ولم يعلم استقرار بنائهم على ذلك، فلا تغفل [1] . انتهى كلامه رفع مقامه.

فأصالة عدم التخصيص جريانها في الشك في الحكم وليس الشك في الموضوع، بعبارة أخرى اصالة عدم التخصيص انما هي تجري في اثبات الاحكام وعدمها لا في اثبات الموضوعات وعدمها.

والحق أن ما ذكره (قده) سليم، إذ لا يوجد أصل عقلائي لإثبات عدم كون الفرد من أفراد العام لمجرد تعلّق حكم الخاص به. إذ يحتمل كون حرمة إكرام زيد في المثال لوجود ملاك التحريم فيه ككونه فاسقا أو عدوا مع وجود ملاك الإكرام فيه لكونه من أفراد العام [2] .

نعم، إذا علم ملاك وجوب إكرام العالم وثبت لنا عدم ثبوته في زيد وأن حرمة إكرامه لانتفاء هذا الملاك أمكن الحكم بعدم كون زيد عالما، ولكن أنّى لنا بإثبات ذلك. بل نزيد على ذلك ونقول ان الظاهر من التخصيص هو كونه من المتصل [3] وكونه من المنقطع هو الذي يحتاج إلى دليل. وعليه هذا الظهور اقوى من اصالة عدم التخصيص، فيظهر كون زيد من افراد العالم ويظهر فيه ان فيه ملاكا للتحريم مزاحما لملاك وجوب الاكرام.

 


[2] قلنا ان التخصيص يكون في عالم الثبوت وما قبل انشاء الحكم ويكون هناك تعارض ملاكين، وجود ملاك للعام ويأتي ملاك آخر ويكون اهمّ يزاحم ملاك حكم العام فيخرجه عن الحكم، إذن التخصيص هو تزاحم الملاكات في عالم المصالح أي في عالم الاقتضاء لا في عالم الانشاء. إذن تزاحم الملاكات هو الذي ينشئ التخصيص أي ان الفرد المخصص هو من افراد العام. بينما في باب التزاحم الاصولي يكون في مقام الفعلية والامتثال أي ما بعد الانشاء، فنقدّم الاهمّ. وفرق شاسع بين التخصيص والتزاحم.
[3] الاستثناء النحوي على قسمين: متصل ومنقطع. المتصل هو ما كان المستثنى بعضا من المستثنى منه " اكرم الناس إلا زيدا " وزيدٌ من الناس. المنقطع ما كان المستثنى ليس بعضا من المستثنى منه، مثل " رأيت الناس إلا حمارا " الحمار ليس من الناس. والظاهر من الاستثناء هو المتصل وكونه من المنقطع هو الذي يحتاج إلى دليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo