< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام.

    1. ألفاظ المسألة.

    2. الفرق بين المتصل والمنفصل.

    3. المعروف عدم وجوب الفحص في المخصص المتصل، إلا مع احتمال عقلائي بوجود مخصص لم يصل إلينا.

    4. المسألة تشمل المخصص اللفظي واللبي.

فصل: هل يجوز التمسك بأصالة العموم قبل الفحص عن المخصص؟

وقد يعبّر عن المسألة بألفاظ متعددة مآلها واحد:

منها: عدم الأخذ بأصالة العموم إلا بعد الفحص التام عن المخصص واليأس عن الظفر به.

التركيز في هذا التعريف على اصالة العموم، وما هو معنى " الفحص التام " وما مقداره، أصبح البحث بالعنوان، وما هو معنى " اليأس عن الظفر ". فالتعريف أحيانا يوجه البحث.

منها: عدم جواز الأخذ بالعام قبل الفحص عن المخصص.

وهذا التعريف لم يلحظ اصالة العموم.

ومنها: عدم جواز الأخذ بأصالة العموم قبل الفحص عن المخصص.

والفرق في التعاريف عندما يقول " أصالة العموم " يجب أن نرجع للعقلاء قبل الفحص عن المخصص لان أصالة العموم أصالة لفظية عقلائية أمارة، يجب أن ارجع للعقلاء لأعرف مدى جريانها.

مثلا: هل أستطيع استكشاف وجوب الوفاء بكل عقد بمجرد آية ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [1] قبل البحث عن المخصص؟ ﴿ واحلَّ الله البيع ﴾ [2] و " النكاح سنتي " هذا عام ومطلق، وهل نكاح الشغار صحيح؟ وهل الزواج المدني صحيح؟ هل استطيع التمسك بعموم " اوفوا بالعقود " لتصحيح الزواج المدني.

نقول ان المخصص على قسمين: متصل ومنفصل، وهذا يختلف عن الاصطلاح النحوي: المتصل والمنقطع.

أما المتصل وهو ما ورد قبل نهاية الكلام بحيث يمنع العام عن الظهور في عمومه، والمنفصل ما كان بعد نهاية الكلام.

فقد ذهب صاحب الكفاية (ره) وغيره إلى عدم لزوم الفحص عن المخصص المتصل إن احتمل صدوره وعدم وصوله حيث يقول: " ثم إن الظاهر عدم لزوم الفحص عن المخصص المتصل، باحتمال أنه كان ولم يصل، بل حاله حال احتمال قرينة المجاز، وقد اتفقت كلماتهم على عدم الاعتناء به مطلقا، ولو قبل الفحص عنها، كما لا يخفى " [3] .

الكلام ان نفحص عن المتصل وليس ان يكون هناك تخصيص ثم ابحث عن مخصص آخر، مثلا: " أكرم العلماء " ابحث هل هناك " إلا زيدا " أو لا، أي ابحث عن المخصص، الكلام في البحث عن المخصص المتصل وهو اما لفظي مثل " إلا زيدا " أو قرينة معنوية حاليّة مثلا: " أكرم جيراني " هل انت تريد العدو أو لا، هذا المخصص لبي متصل لم اذكر فيه الأعداء او الفساق منهم. فالمتصل ما كان قبل نهاية الكلام فهل يجب الفحص عن المخصص المتصل او لا؟

يقول السيد الخميني (ره) في منهاج الوصول: ولا إشكال في أن البحث منحصر بالمخصص المنفصل دون المتصل، باحتمال عدم الوصول، لعدم اعتناء العقلاء به، لأن احتماله منحصر بسقوطه عمدا أو خطأ أو نسيانا. والأول مخالف لفرض وثاقة الراوي والأخيران مخالفان للأصل العقلائي [4] ، وسيظهر أن لزوم الفحص ليس في المتصل.

وهنا ملاحظة ان السيد اغفل المخصص اللبي، وحصر كلامه (ره) في المخصص اللفظي. واحتمال المخصص اللبي موجود مثلا: " اللهم العن بني اميّة قاطبة " عام يحتمل تخصيصه بمن لم يحارب أهل البيت.

السيد الخميني يكمل الكلام: " نعم بجب الفحص عن المخصص المتصل فيما احتمل وجوده احتمالا عقلائيا مثل ما لو كان قول: " أكرم كل عالم " في آخر سطر من الكتاب، وكانت الورقة منخرقة بحيث يحتمل وجود لفظ " عادل " سقط بانخراقها، فحينئذ يجب الفحص عنه في نسخ أخرى لهذا الكتاب حتى يتبيّن الحال [5] .

يقول الفقير إلى رحمة ربه والسداد: ما ذُكِر متين بالنسبة إلى عدم وجوب الفحص، إذ المسألة عقلائية، وفي المخصص المتصل والمنفصل لا فرق بينهما، إن كان العام في معرض التخصيص، واحتمال التخصيص متصلا كان او منفصلا يجب ان افحص، وان لم يكن في معرض التخصيص لا افحص عنه. ولذلك قلنا ان في المخصص المتصل لا يجب الفحص لانه في المتصل لا احتمال عقلائي لوجود المخصص لان الكلام انتهى. لذلك قلنا في أصالة عدم القرينة يجب ان ننتظر إلى نهاية الكلام.

وذكرنا في الشبهة المصداقيّة عندما أقول " أكرم العلماء إلا الفسّاق "، " اكرم العلماء " ظاهرة في عموم الافراد وأيضا ظاهرة في الاطلاق وعند ذكر " إلا " يتم الإطلاق باصطلاحنا وانتظر الافراد الخارجة، لا يشترط ان انتظر إلى نهاية الكلام لمعرفة ما بعدها لان الكلام انتهى. هذه المسألة دقيقة جدا اضأنا عليها مرّات متعددة، ولخطورتها كررتها، وهي بحث لم يذكر، الله هداني اليه لعلّى اقوّم المسار الاصولي في هذه المسألة.

فلذلك ما ذكره في عدم الفحص عن المتصل متين، ويشمل التقييد والتخصيص باصطلاحنا، قلنا ان التخصيص هو خروج افراد، والتقييد خروج حالات وازمان، والمشهور عن الاصوليين ان التخصيص والتقييد أمر واحد وهو الخروج، لكن التخصيص بالوضع والتقييد بمقدمات الحكمة. وهذا اصطلاح لا مشكلة فيه لكن الاصطلاح قد يوجهك دون ان تشعر.

فإن ما ذكر في المثال تقييد باصطلاحنا " أكرم كل عالم عادل " هذا تقييد وليس تخصيصا، ولا بأس بتفصيل بسيط: وهو أن الظهور هنا في العموم عند الشك في المخصص أو الظهور في الحقيقة عند الشك في المجاز هو من باب الظهور لا من باب أصالة عدم القرينة وهو أصل عدمي يرجع إلى الاستصحاب، والظهور أمر وجودي، امارة، ينتفي مع الاحتمال المعتدّ به عقلائيا. مثلا عندما أقول: " رأيت اسدا " الظاهر هو الأسد الحقيقي، وبأصالة عدم القرينة او بأصالة الظهور هو اسد حقيقي. وبعبارة أخرى: ظهور الأسد في الحيوان المفترس هل هو من باب اصالة الظهور فيكون الظهور امرا وجوديا، او من أصالة عدم القرينة، عدم وجود قرينة على المجاز فيظهر في الأسد حينئذ، ثبت الظهور في الحيوان المفترس عن طريق أصالة عدم القرينة التي هي أصل عقلائي، وأصالة الظهور أيضا أصل عقلائي.

إذن: إن كان احتمال وجود المخصص أو القرينة المجازية احتمالا معتدا به عقلائيا، لا يجوز العمل بأصالة العموم ولا بأصالة الحقيقة لعدم تحقق الظهور عقلائيا، ولعلّ منه ما ذُكر في مثال الكتاب المخروق مثال السيد الخميني (ره).

وأما إذا لم يكن احتمالا عقلائيا، فيجوز التمسك بالعام أو بأصالة الحقيقة وأصالة العموم، لأن المسألة مسألة مرتبطة بالعرف العقلائي أي ماذا تفهم عندما تسمع.

هذا كله في المخصص المتصل.

إذن النتيجة في المخصص المتصل: إذا لم يكن هناك احتمالٌ معتد به عقلائيا لا يجب الفحص، وهذه النتيجة نفسها سنصل اليها في المخصص المنفصل، واما في المخصص المنفصل نكمل غدا ان شاء الله.

 


[4] ذكرنا سابقا انه لا يمكن الاخذ بالخبر إلا بإجراء الأصالات الاربعة: اصالة الصدور، وأصالة السند، واصالة الظهور، واصالة التطابق. واصالة السند معناها ان الاصل في الثقة ان لا يسهو وان لا يخطأ وان لا يكذب إلى آخره.
[5] منهاج الوصول، السيد الخميني، ج2، ص274.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo