< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، مساحة شمول الخطابات الشفاهيّة للمخاطبين؟

    1. القضيّة الخارجيّة يتوجه الخطاب الحقيقي لوجود المخاطبين.

    2. القضيّة الحقيقيّة يتوجه الخطاب الإنشائي حتى للمعدومين دون الحقيقي، إذ لا يكفي فيه افتراض وجود الأفراد.

    3. الخطابات القرآنيّة والحديث القدسي تشمل جميع الأجيال حتى المعدومين حاليا منهم لانهم موجودون فعلا في علم الله.

نكمل الكلام في الخطاب، وقلنا ان الثمرة الرئيسية في ظهور القرآن في زمننا إذا عارض ظهور المعاصرين للنزول نأخذ بهذا الظهور أو لا؟

وقبل بيان الثمرة لا باس بالإشارة إلى التفريق في الخطاب بين القضايا الخارجيّة والقضايا الحقيقيّة.

فالقضيّة الخارجيّة: وهي ما كان الموضوع هو الأفراد الخارجيّة في الماضي او الحاضر او المستقبل، أي مأخوذة على نحو تحقق وجود الافراد، فلا شك في جواز توجيه الخطاب إليها.

والقضيّة الحقيقيّة: وهي ما كان الموضوع هو الطبيعة على فرض وجودها خارجا ولو كان الافراد معدومين، فكيف أوجه الخطاب إلى معدوم؟! وقلنا انه يجب توجيه الخطاب وحضور ومشافة وإرادة وقصد، نعم حجيّة ظاهر الخطاب شيء آخر وتكون تامة حتى لغير المقصود. هناك فرق بين حجية الظواهر وإمكان التوجيه، فقد قيل بإمكان الخطاب في القضيّة الحقيقيّة للمعدومين إذ أنهم بحكم الموجودين لان وجودهم مفترض، وهذا يكفي في الخطاب لان كلامنا في امكان الخطاب وليس في حجيّة الظواهر.

ونقول: هذا لا يكفي لأنه يشترط في المخاطب القصد فضلا عن الحضور، وفضلا عن قابليّة المخاطب للخطاب،

أذ لا بد من قابليّة في الشخص المخاطب إلا على نحو المجاز فهذا شيء آخر.

يقول الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو نارا نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد

فهو يستنكر خطاب من لا يستوعب ولا يفهم.

هذا في الخطاب الحقيقي فهو خطاب انشائي بداعي الخطاب الحقيقي.

اما في الخطاب الإنشائي: فخطاب المعدوم ممكن، بمعنى أن افترض من أخاطبه قابلا للفهم والاستيعاب، ونحن نقحنا كثيرا من مشكلات مباحث الألفاظ بالفرق بين الخطاب الانشائي والخطاب الحقيقي، الموضوع له في كل من الامر والنهي والخطاب والنداء والاستفهام وغرها هو الانشائي، والانشاء خفيف المؤونة، ويكون حال الاستعمال بداع، فإذا كان بداعي التعجيز هو أمر انشائي بداعي التعجيز، وكذلك في الخطاب وغيره. هذه الأمور موضوعة للإنشائيات وتتلوّن بتلون الدواعي.

يوجد مثل عند العرب يقولون: هذا مثل جدي الأخفش.

وقصّته: أن الأخفش وهو النحوي المشهور كان لا يجد مباحثا له في درسه، فيأتي إلى جدي عنده يشرح له الدرس فيقول: يا جدي إما وإما وإما....

فالجدي ليس قابلا للخطاب، ومع ذلك فقد افترضه الأخفش قابلا وخاطبه، وهذا الافتراض كاف للخطاب الانشائي الحقيقي.

فالخطاب في القضايا الحقيقية انشائي ويتلون بتلون الدواعي.

النتيجة: - لا يجوز خطاب المعدوم أو الغائب بالخطاب الحقيقي عقلا.

    4. يجوز خطاب المعدوم بالخطاب الإنشائي الذي يتلون بتلون الدواعي.

    5. لا يجوز خطاب المعدوم في القضايا الخارجيّة.

    6. والظاهر جواز خطاب المعدوم الذي يفترض وجوده في القضايا الحقيقيّة، لان الموضوع مأخوذ على نحو الافتراض.

التفريق بين خطابات القرآن والسنّة والخطاب العاديّة:

في علم الله كل الأفراد والمكلّفين يمكن توجيه الخطاب إليهم فهي حاضرة في علمه في الماضي والحاضر والمستقبل، فإن القرآن يجري مع الليل والنهار، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ [1] والمقصود من الناس كل الناس حتى المعدومين زمن نزول الآية، نعم هم الموجودون إلى يوم يبعثون.

أما السنّة، فما كان منها حديثا قدسيا فكذلك، لان الحديث القدسي هو كلام الله، وينزل على قلب الرسول (ص) بألفاظه، والفرق بينه وبين القرآن الكريم أن القرآن نزل على نحو الإعجاز، والحديث القدسي نزل لكن ليس على نحو الاعجاز.

وما كان من السنّة غيره، فالأمر ليس كذلك، بل هو أحكام وإخبارات غيبيّة يقولبها رسول الله (ص) بلفظه الإنساني. فالخطاب من الرسول لا من الله عز وجل، ولذا إنما تكون الخطابات من الخطاب الإنشائي لا الحقيقي، لان الخطاب مأخوذ على نحو يكون المخاطب مفترض الحصول أي مأخوذة على نحو القضايا الحقيقية، والقضية الحقيقية كما ذكرنا يكفي فيها الخطاب الانشائي، اما الخطاب الحقيقي فليس مقصودا قطعا. نعم الأحكام من الله وهي مشتركة، " فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة "، أما الخطاب فالحقيقي منه مختص بالموجودين المقصودين، والإنشائي يشمل الجميع.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo