< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص. تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده:

    1. معنى الاستخدام.

    2. محل النزاع.

    3. تلخيص محل النزاع بثلاث نقاط: ان لا يكون في حكم واحد، ثانيا: ان يكون كل من الحكمين مستقلا، ثالثا: هل يصح ان يكون قرينة او لا.

فصل: تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده:

مسألة قديمة من مسائل مباحث الالفاظ، ومعالجاتها بعضها حديثة.

الضمير إنما يستعمل للعود إلى الظاهر كي لا يلزم التكرار. هذا هو الأصل في الضمير، ولذا كان الأصل فيه تطابق المراد منه مع مرجعه، هذا ما نعبّر عنه بأصالة التطابق.

لكن إذا رجع الضمير إلى بعض ما هو له، مثل قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [1] فالمراد من الضمير هو خصوص المطلّقات الرجعيات، أي ان الضمير يرجع إلى بعض ما هو له، فهل يدلّ ذلك على أن المراد من مرجع الضمير " هنَّ " أي المطلقات هو خصوص الرجعيات أيضا، أم يبقى العام على عمومه؟ ويكون الاستعمال من باب الاستخدام، وهو عود الضمير – وليس الاستعمال - إلى غير ما هو له.

ولهذه المسألة ثمرات عديدة فإذا قلنا ان " المطلقات " تبقى على الاطلاق يكون الأصل اللفظي " ان كل مطلّقة عدتها ثلاثة أشهر إلا ما خرج بدليل " فإذا شككنا في العدّة كم هي فالأصل أن تكون ثلاثة أشهر. فمع الاستخدام تكون القاعدة ثلاثة أشهر، وبغير الاستخدام لا تكون كذلك.

وسيتبيّن مما ذكرنا أن الاستخدام خلاف الأصل.

الاستخدام: كما درسنا في مختصر المعاني: هو عود الضمير إلى غير ما هو له، سواء أكان بعض ما هو له كالمثال المذكور، أو مثل: " أكرم المسلمين وصلِّ خلفهم "، ونحن نعلم أن الصلاة لا تجوز إلا خلف العادل منهم، فالضمير من " هم " يرجع إلى بعض المسلمين لان " هم " خاصة بخصوص العدول، فهل الضمير يصلح قرينة على المراد من مرجعه؟

أم كان الضمير يرجع لغير الموضوع له، كما في " رأيت أسدا وتعلّمت منه " فهل كلمة " تعلمت منه " قرينة على ان المراد من " الأسد " رجل شجاع؟ عند الاطلاق " رأيت اسدا " ظاهرها الحيوان المفترس اصالة الحقيقة، هل يصلح " وتعلمت منه " ان يكون قرينة على ان المراد من الأسد خصوص الرجل الشجاع؟ أي غير ما هو له وليس بعض كما هو له كالمثال الأول. ففي قولنا " رأيت أسدا وتعلّمت منه " الضمير يرجع إلى شبيه الأسد وهو الرجل الشجاع.

فإن كان المراد من لفظ " الأسد " هو الحيوان المفترس أي المعنى الحقيقي فيكون الضمير رجع إلى غير ما هو له، كان ذلك من الاستخدام.

وإن كان المراد من الأسد هو الرجل الشجاع لم يكن استخداما، لأن الضمير رجع إلى مطابقه في المعنى.

ومحل النزاع: هل عود الضمير إلى بعض افراد العام يكون قرينة على رفع اليد عن أصالة العموم؟

بعبارة أخرى: إذا تعارضت أصالة العموم مع أصالة عدم الاستخدام فأيهما المقدّم؟ عن أي أصالة نرفع اليد؟

ونحن قلنا ان الاستخدام خلاف الأصل والأصل هو الظهور في العموم ورجوع الضمير إلى مرجعه وليس إلى بعض مرجعه أو شبيه مرجعه. فإذا بقي على الاستخدام بقي على العموم، اما مع عدم الاستخدام يخرج العموم.

طبعا هذا النزاع في حال وجود حكمين، لا في حال وجود حكم واحد، أحد الحكمين موضوعه الاسم الظاهر، والثاني موضوعه الضمير، مثل مثال المطلّقات السابق، فالحكم الأول هو: المطلّقات يتربصّن بأنفسهن ثلاثة قروء، والحكم الثاني هو: وبعولتهنّ أحق بردّهن، فصار عندي حكمان.

اما لو كان لدينا حكم واحد، كما لو قال: " المطلّقات يحق لأزواجهن ردّهنّ " " المطلقات" عام، والضمير في "ردّهنّ" يعود إلى بعض المطلقات، فهل ضمير " هنّ " في مثال الحكم الواحد هنا قرينة على ان المراد بعض المطلقات أي لا يوجد استخدام. أو انه ليس قرينة فيتحقق الإستخدام لان العموم بقي على ما هو عليه والضمير يرجع إلى البعض.

فإذا كان الحكم واحدا فلا شك في تخصيص العام ورفع اليد عن أصالة العموم وعدم تحقق الإستخدام، لظهور الضمير في كونه قرينة على المراد من الظاهر.

إذن محل النزاع ليس إذا كان لدي حكم واحد والضمير يرجع إلى بعض الموضوع، والكلام في حال كان عندي حكمان، هل يصلح الضمير أن يكون قرينة على ان المراد من الاسم الظاهر بعضه أو غيره؟

محل النزاع ان يكون هناك حكمان.

وهل يشترط ان يكون في كلام واحد أو يكون في كلامين؟

لا فرق بين وقوع الحكمين في كلام واحد أو كلامين طالما استقلّ العام بحكمه. اما مع عدم الاستقلال فقد صار قرينة على رفع أصالة العموم.

إذن محل النزاع: هل يصلح ان يكون الضمير قرينة على رفع اصالة العموم في العام إذا كان لدي حكمان وكانا مستقلين؟

فإذا كانا في حكم واحد تكون القرينية واضحة. وقالوا ان هذا هو محل النزاع لان بعضهم استدل على القرينية بأمثله ذات حكم واحد ويطبقها على مسألتنا.

تلخيص محل النزاع بثلاث نقاط: ان لا يكون في حكم واحد، ثانيا: ان يكون كل من الحكمين مستقلا، ثالثا: هل يصح ان يكون قرينة او لا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo