< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/10/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تخصيص العام بالمفهوم الموافق والمخالف.

    1. عناوين المسألة.

    2. مثال على ذلك.

    3. تذكير لبعض القواعد والمصطلحات.

هذه المسألة عنونوها بعناوين عدّة منها:

تخصيص العام بالمفهوم الموافق والمخالف.

وقد يعبّر عنها بتعارض المفهوم مع منطوق العموم، وهذا التعبير أولى إذا أردنا بالتعارض المعنى اللغوي أي التنافي لا المعنى الاصطلاحي، لأن المسألة تنتهي في نهاية الأمر إما إلى التخصيص وإما إلى التعارض بالمعنى الاصطلاحي ولذا حتى نجمع ويكون العنوان واقعيا فلنعبّر بـ : تنافي العام والمفهوم، فلم نلاحظ النهاية، بل المسألة كما نراها عند طرحها.

ولنعط مثالا لتوضيح المسألة: العام: " كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه " هذا عموم، وهذا النص ورد بسند صحيح: ح 9 – محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن عبد الله بن المغيرة (ثقة)، عن جميل بن دراج (ثقة)، عن أبي بصير (ثقة)، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه. [1]

المفهوم: " إن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شيء منه جائز إذا علمت أنه ذكي ".

وورد ما ينافي هذا الحديث وما يعارضه، لا منطوقا بل مفهوما، في حديث ذي سند موثّق: ح 1 – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن ابن بكير (ثقة فطحي) قال: سأل زرارة أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): أن الصلاة في وبر كل شيء حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وألبانه وكل شيء منه فاسدة لا تقبل تلك الصلاة حتى تصلي في غيره مما أحل الله أكل. ثم قال: يا زرارة هذا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاحفظ ذلك يا زرارة فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شيء منه جائزة إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح فإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شيء منه فاسدة ذكاه الذبح أو لم يذكه [2] .

وهذا النص منطوقه: " إن كان مما يؤكل لحمه فبوله طاهر، هذا لا ينافي العام، نعم مفهوم الشرط: " إن كان مما لا يؤكل لحمه فبوله نجس. وهذا المفهوم يشمل بعمومه الطير وغيره.

وبين العموم والمفهوم عموم وخصوص من وجه، ويجتمعان في الطائر المحرّم الأكل، كالبجع لأن صفيفه أكثر من دفيفه. فالبجع اجتمع فيه عنوانان: عنوان " الطائر " وهو يقتضي طهارة البول بحسب العام، وعنوان: " مما لا يؤكل لحمه "، وهو يقتضي نجاسة البول. فماذا نصنع هل نحكم بطهارته بناء على ترجيح العموم " كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه " او نحكم بنجاسته بناء على ترجيح المفهوم " انه غير مأكول اللحم فهو نجس "؟

وقبل البحث لا بأس بالتذكير ببعض المصطلحات والقواعد:

    1. دلالة اللفظ على العموم تارة تكون بالوضع مثل لفظ " كل " وتارة بالإطلاق ومقدّمات الحكمة مثل " المفرد المحلّى باللام " كـ " أكرم العالم "، ولا شك بأن العلقة الوضعيّة أقوى دلالة ولكن هل تقدّم دائما؟ واستنتج بعضهم أنها أقوى ظهورا، والاظهر هو الذي يقدّم. [3]

 


[2] الكافي، الشيخ الكليني، ج3، ح1، ص397.
[3] هذا التذكير لان بعضهم قال: ان كان العموم بالوضع والمفهوم بالمقدمات فلا شك ان الوضع مقدّم على المفهوم، وهكذا العكس أي لو كان العموم بمقدمات الحكمة والمفهوم بالوضع فالمفهوم يقدّم. فكان ترجيحه بحسب كيفيّة الدلالة. نحن نحترم كل الآراء لكنه عندنا غير تام. ونذكر بكلام القدماء: إذا دار الامر بين الاشتراك وبين المجاز ايهما يقدّم؟ وقد قالوا بان الاشتراك يقتضي الوضع للمعنيين، والمجاز يقتضي الوضع لمعنى والمجاز المعنى آخر. والاشتراك يقتضي الوضع كالمعنى والمجاز يحتاج إلى قرينة مجازية، والقرينة على الوضع اشدّ مؤنّة من القرينة على المجاز، فيقدّم المجاز على الاشتراك. استطراد: لعلّ أكثر فكر في العالم يعطي حريّة التفكير هو التشيّع، حتى العلمانيون واللا دينيون متعصبون متحجرون رجعيون، فما أدراك ببقية الأديان. وقلت مرارا ان القرن الثالث والرابع الهجريين كانا من أهمّ قرون التاريخ في التطوّر العلمي، العلم يحتاج إلى حريّة لا يمكن له ان يتطوّر بدون حريّة، ولذلك ما يقال انه في العلم الحديث ان الفكر البشري من مئتي سنة بدأ بالتطوّر أي في هذه السنين الأخيرة، هذا الكلام غير صحيح السنين الأخيرة من أقل سنين البشرّية تأسيسا للعلوم، بل اكثر العلوم تأسست في القرن الثالث والرابع هجري لان ذلك الزمن كان زمن السيطرة الحكومية الشيعيّة على انحاء العالم المتطوّر، كان البويهيون في الشرق والحمدانيون في الوسط والفاطميّون في الغرب، وطبيعة الشيعي حتى لو كان فاسقا في سلوكه لكن الجذور تؤثر، فطبيعته تعطي حريّة العطاء، لذلك باب الاجتهاد مفتوح، وفي كل العلوم مفتوح وليس فقط في باب الفقه والأصول. واقول ان عضد الدولة بن بويه كان سلطانا في بغداد لعلّه اكثر رجل في تاريخ البشريّة كحاكم وسلطان خدم العلم والعلوم وان لم يكن له إي اعلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo