< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تخصيص العام بالمفهوم الموافق والمخالف.

    1. إن وجدت قرينة على تقديم العام أو تقديم الخاص عملنا بها.

    2. إن كان بين العموم والمفهوم عموم مطلق قدّمنا المفهوم سواء كان موافقا أو مخالفا.

    3. إن كان بينهما عموم من وجه دخل باب التعارض.

    4. مثال على تقديم العموم لقرينة عقليّة، وهو انتفاء عنوان العام مع تقديم المفهوم.

كان الكلام في تقديم العموم على المفهوم أو المفهوم على العموم، وقد بيّنا المفهوم الموافق والمخالف، وقلنا ان المفهوم الموافق له عدّة صور.

ونعود إلى المسألة: فإذا تعارض عموم ومفهوم، فالبحث تارة يكون في المفهوم الموافق وتارة في المفهوم المخالف.

تعارض العموم مع المفهوم الموافق، فإن كان في البين قرينة تقدّم أحدهما على الآخر عملنا بها، وإلا فلها حالتان:

فإما أن يكون بين موضوعي القضيتين عموم وخصوص مطلق. قدّمنا الخاص على العام لأنه من باب تقديم الأظهر على الظاهر وهكذا هو العرف اللغوي، وتقديم الخاص على العام حتى لو كان العام بالوضع والخاص بمقدّمات الحكمة، وقد يقدّم بعضهم الوضع على مقدّمات الحكمة، لكن حتى الذي يقدّم الدلالة بالوضع على الدلالة بمقدّمات الحكمة ينبغي أن يقدّم الخاص على العام لان تقديم الخاص على العام أقوى ظهورا.

وإما أن يكون بين الموضوعين نسبة العموم والخصوص من وجه، كما في المثال الذي ذكرناه " كل شيء يطير خرئه طاهر " وعندنا أيضا " ان كان مما يؤكل لحمه فهو طاهر " ومفهومها " ان كان مما لا يؤكل لحمه فهو نجس " اجتمع القضيّة المفهوميّة مع القضيّة العامّة في النسر مثلا، النسر لا يؤكل لحمه وهو طائر يطير، فبين الطائر وبين ما لا يؤكل لحمه عموم وخصوص من وجه يلتقيان في الطائر غير المأكول ويفترقان في الطائر المأكول. هذا الطائر غير مأكول اللحم هل نحكم بطهارة بوله أو نحكم بالنجاسة، هل نقدّم العموم أو نقدّم الخاص – المفهوم -؟

فإن وجد ما يوجب تقديم أحدهما على الآخر، كتقديم العام على المفهوم، أخذنا به وقدّمنا العموم، أي يبقى العموم على عمومه، وإلا أصبح من باب التعارض. وبعضهم قال انه من باب التزاحم.

تطبيق الفرق بين التعارض والتزاحم: ان التعارض هو في مقام الجعل والتزاحم في مقام الامتثال وليس هناك جعل جديد في التزاحم.

مسألتنا اننا نحن في مقام الجعل الموضوع غير معلوم الحكم انه طاهر أو نجس، وهذا هو باب التعارض، ولسنا في مقام اجتماع عنوانين، ثم في مقام الامتثال جهل الحكم. في التزاحم اجتماع العنوانين أمر ونهي ثم في مقام الامتثال أجهل الحكم. وليس هو من باب اجتماع عنوانين في مقام الامتثال.

لذلك قلنا على ما اذهب اليه نظريا وليس عمليا ان الوضوء في الماء المغصوب صحيح، وإن كان المكلّف يأثم بالغصب لأنه هذا وضوء وبعنوان آخر انه مغصوب، فالوضوء صحيح بناء على ما ذهبنا اليه ان النهي عن العبادة لا يقتضي الفساد إذا كان بعنوان آخر، اما إذا كان بعنوانه فلا يصح، وفي المعاملات نفس الشيء.

فهنا عنوانان اجتمعا في شيء واحد في عالم الامتثال أجهل الحكم، مثلا: " أكرم العلماء لا تكرم الشعراء " وجوب أكرم العلماء وعدم وجوب اكرام الشعراء اجتمع العنوانان في معنون واحد في " زيد " هو عالم وشاعر، هذا الفرد هل أكرمه أو لا أكرمه؟ ليس هناك جعل بخصوص هذا الفرد هذا من باب التزاحم.

أما إذا كان هناك جعل بخصوصه يصبح من باب التعارض، قالوا ان مسألتنا والمشهور عندهم انها من باب التعارض، وحينئذ أرجع إلى مرجحات وعلاج باب التعارض، ونحن ذهبنا في مرجحات باب التعارض إلى العمل بالمرجّح العقلائي.

اما في التزاحم فنأتي إلى الأهم ملاكا ومصلحة. فعلاج التزاحم هو الاخذ بالأهمّ، وعلاج التعارض الأخذ بالمرجحات.

فإذن هذه الحالة الأخيرة يمكن اعتبارها من القرائن الدالة في مثالنا على تقديم العموم، فتشمل تعارض العموم مع المفهوم الموافق أو المخالف.

نحن نقول: لا فرق بين المخالف والموافق وان كان بعض الأصوليين ميّز بين الموافق والمخالف. نقول ان هناك عام ومفهوم إذا كان هناك قرينة فالحمد لله، ومع عدم القرينة وكان عموم وخصوص من وجه صار من باب التعارض.

مثال على ما يوجب تقديم العام على المفهوم: لو قدّمنا المفهوم لانتفى عنوان العام، وحينئذ تكون قرينة حالية مكتنفة باللفظ تؤدي إلى تقديم العام.

مثال ذلك ما دلّ على طهارة بول الطير وخرئه مطلقا ولو كان غير مأكول اللحم، كقوله (ع) في صحيحة أبي بصير السابقة: " قال: كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه ". وهو معارض بما دلّ على نجاسة بول غير مأكول اللحم مطلقا ولو كان طيرا، ومورد التعارض والالتقاء بينهما هو البول من الطير غير المأكول من قبيل النسر والبجع.

السيد الخوئي (ره) له كلام سنذكره غدا هناك عموم وخصوص من وجه ولماذا قدّمنا العام على المفهوم؟

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo