< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تخصيص العام بالمفهوم الموافق والمخالف.

    1. بيان إحدى قرائن تقديم العام على الخاص، وهي ما لو دار الأمر بين رفع اليد عن العنوان، أو رفع اليد عن إطلاقه، ولا شك نقدّم الثاني.

    2. بيان كلام الخوئي(ره) في المسألة والاشكال عليه وجوابه.

نكمل الكلام في تقديم المفهوم على العموم سواء كان مخالفا أم موافقا، ونتيجة الاقوال انه إذا كان هناك قرينة يقدّم الخاص على العام أو العام على الخاص، وإذا لم يكن هناك قرينة فإن كان بينهما عموم وخصوص مطلق قدّم المفهوم على العموم، وإن كان بينهما عموم وخصوص من وجه هو محل كلام، وذكرنا مثال " كل شيء يطير فبوله وخرئه طاهر " هذا العموم، و " ان كان مما يؤكل لحمه فبوله طاهر " مفهومها " ان كان مما لا يؤكل فبوله نجس " ماذا نفعل بالبجع والنسر وغيرهما من محلات الالتقاء.

من قرائن تقديم العموم على المفهوم: وهذه القرينة تارة تكون مقاليّة وتارة حاليّة وتارة عقليّة، ومن القرائن ما إذا قدمنا المفهوم على العام يكون خلاف حكمة المشرّع من قبيل مثال بول النسر، هذا المثال إذا قدّمنا المفهوم على العام وحكمنا بنجاسة بول النسر وخرئه حينئذ ينتفي موضوع العام، ومع انتفاء العام يقال لماذا بيّن هذا الحكم. وهذا ملخّص كل ما سيقوله السيد الخوئي (ره).

السيد الخوئي (ره) يقول في المحاضرات في هذه المسألة، مسألة تعارض " كل شيء يطير فبوله وخرئه طاهر " و مفهوم " ان كان لا يؤكل لحمه فهو نجس " لماذا قدّم العام على المفهوم رغم ان بينهما عموم من وجه أي لا يوجد واحد منهما اخص أو أعم من الأخر إلا من جهة فما السبب لتقديم واحد على الآخر؟:

يقول (ره): وثانيهما ما دل على طهارة بول الطير وخرئه مطلقا ولو كان غير مأكول اللحم كقوله (ع) في معتبرة أبي بصير ( كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه) معارض بما دل على نجاسة بول غير المأكول مطلقا ولو كان طيرا، ومورد التعارض والالتقاء بينهما هو البول من الطير غير المأكول ففي مثل ذلك لابد من تقديم دليل طهارة بول الطير وخرئه على دليل نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه (أي لا بد من تقديم العام لانه لو قدمنا المفهوم أي العكس) حيث إن العكس يؤدي إلى الغاء عنوان الطير المأخوذ في موضوع دليل الطهارة، نظرا إلى أن الحكم بتقيده حينئذ بما إذا كان الطير محلل الاكل.

ومن الواضح ان مرد ذلك إلى الغاء عنوان الطير رأسا وجعل الموضوع للطهارة عنوانا آخر - وهو عنوان ما يؤكل لحمه - وهو قد يكون طيرا وقد يكون غيره، وهذا بخلاف ما لو قيّد دليل نجاسة بول غير المأكول بما إذا لم يكن طيرا، إذ غاية ما يلزم هو رفع اليد عن إطلاق موضوعيته للنجاسة.

ومن الطبيعي أنه كلما دار الامر بين رفع اليد عن إطلاق موضوعية عنوان للحكم ورفع اليد عن أصل موضوعيته له رأسا يتعين الأول بنظر العرف (أي رفعها عن الاطلاق) ، وما نحن فيه كذلك، فان تقديم دليل نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه على دليل طهارة بول الطير يستلزم الغاء عنوان الطير المأخوذ في موضوع الطهارة رأسا، وأما العكس (أي إذا قدّمت العموم على المفهوم) فلا يستلزم الا تقييد إطلاق موضوعية عنوان غير المأكول للنجاسة، وهذا أخف مؤنة من الأول بمقتضى فهم العرف وارتكازهم. [1]

ملخص كلامه (ره) انه إذا كان عندي نصّان وعنوانان إذا قدّمت احدهما على الآخر انتفى الآخر كليا ولم يعد له وجود في مقام الاستنباط، وهذا يعني ان اصل الموضوعية انتهى فإذن لماذا بيّنه الشارع؟

أما إذا قدّمت المقيد على المطلق أو الخاص على العام لم ينتفي العام كموضوع بل يكون قد خصص، وإذا دار الامر بين رفع اليد عن إطلاق شيء أو عن أصله، فرفع اليد عن الإطلاق أهون.

قد يقال: ردا على قوله " وهذا أخف مؤنة من الأول " اننا قدر رجعنا إلى الاستحسانات بان الاخف مؤونة يقدّم وغير ذلك، كما ذكرناه في مباحث الالفاظ في مسألة ما لو دار الامر بين الاشتراك والمجاز، أي هل اللفظ هي مشترك بين اثنين أي موضوع لهذا المعنى ولهذا المعنى، أو انه موضوع لمعنى واحد ومجاز في الآخر، وقال الكثير من القدماء انه إذا شككت يقدّم المجاز على الاشتراك لأنه أخف مؤنة ، وان مؤنة الوضع الذي يؤدي إلى الاشتراك أشد من المؤنة المجازيّة، لان المجاز يحتاج إلى قرينة صارفة وقرينة معيّنة وهذا ليس كالوضع، الوضع أصعب ومؤنته أشد.

وقلنا ان هذه العبارات استحسانات وبنظره لا يؤدي إلى نتيجة، فهل هذا النوع أي إذا دار الامر برفع اليد عن الاطلاق ورفع اليد عن أصل العنوان إذا دار بينهما نرفع اليد عن الإطلاق لانه أهون وأخف مؤنة. مع العودة لهذا المثال الأول نقول لا ليس أخف مؤنة وليس مجرد استحسان، والسبب في ذلك ان رفع اليد عن أصل الإطلاق يؤدي إلى عدم حكمة من الشارع ولغوا منه وليس مجرد استحسان.

السيد الخوئي (ره) قال بأنه أخف مؤنة، بل نقول أنه أكثر مؤنة، وحينئذ نرجع إلى الاشكال الماضي اما إذا قلنا بانتفاء موضوع العام وتنتفي الحكمة من بيانه فيصبح اطلاق عنوان العام لغوا فهنا تتم القرينة، ولا بد من تقديم العموم، ولذلك افتى المشهور ان كل طير بأكمله بوله وخرئه طاهر.

اما الذي قال بتقديم المفهوم على العام ما هو دليله؟

لا بأس بالإشارة إلى دليل من قدّم المفهوم على العام، ودليل من قال بالعكس.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo