< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فصل: إذا دار الامر بين التخصيص والنسخ؟ .

     ان يكون الخاص المتأخر واردا بعد حضور وقت العمل بالعام:

     نقل كلام السيد الخوئي (ره) من لزوم الذهاب في هذه الحالة إلى الخصيص لان النسخ يلزمه نسخ اكثر العمومات في القرآن والسنة وهذا مقطوع بخلافه.

     الغرض من انفصال المخصص:

     محاولة الشيخ الانصاري في التفصي عن الاشكال، وملخصه ان العموم قد ورد على نحو ضرب القاعدة، فالنسخ ورد على الحكم الظاهري دون المراد الجدي، وجوابه.

 

الصورة الثالثة: ان يكون الخاص المتأخر واردا بعد حضور وقت العمل بالعام، وهذه المسألة موجودة كثيرا، بل اكثر العمومات القرآنية خصصت بعد حضور وقت الحاجة، مثلا: قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [1] وهذه الآية شاملة لكل الغنائم من الحرب وغيرها، ثم بعد ذلك بسنين طويلة ورد عن الائمة (ع) مخصص وهو ان لا خمس في المهور والإرث، وهنا قد تأخر البيان عن وقت الحاجة. فهل مثل هذا الخاص يكون مخصصا أو ناسخا؟ فيه وجهان.

والامر الذي دعا الأصوليين للتردد هو مسألة وجدانية: هل يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة؟ الجواب: بلا شك انه لا يجوز وهو قبيح من الحكيم.

سأنقل هنا كلام السيد الخوئي (ره) في المحاضرات: فذهب جماعة إلى الثاني (النسخ) بدعوى أن تأخير البيان عن وقت الحاجة قبيح، وعليه فيتعين كونه ناسخا لا مخصصا، ولكنهم وقعوا في الاشكال بالإضافة إلى عمومات الكتاب والسنة حيث إن مخصصاتها التي صدرت عن الأئمة الأطهار ( ع ) قد وردت بعد حضور وقت العمل بها، ومع ذلك كيف يمكن الالتزام بتخصيصها بها، والالتزام بالنسخ في جميع ذلك بعيد جدا بل نقطع بخلافه، بداهة ان لازم ذلك هو نسخ كثير من الأحكام المجعولة في الشريعة المقدسة، وهذا في نفسه مما يقطع بطلانه، لا من ناحية ما قيل من أن النسخ لا يمكن بعد زمن النبي الأكرم ( ص ) لانقطاع الوحي، وذلك لان الوحي وان انقطع بعد زمانه ( ص ) إلا أنه لا مانع من أنه صلى الله عليه وآله: أوكل بيانه إلى الأئمة الطاهرين ( ع ) كبيان سائر الأحكام، بل من ناحية أن نسخ تلك الأحكام بتلك الكثرة في نفسها لا يناسب مثل هذه الشريعة الخالدة التي تجعل من قبل الله تعالى، وأَمَر رسوله ( ص ) وأوصيائه ( ع ) ببيانها، ولأجل ذلك يقطع بخلافه (أي بعدم النسخ في هذه الحالة).

ومن هنا قد قاموا بعدة محاولات للتفصي عن هذا الاشكال أحسنها ما ذكره صاحب الكفاية ( قده ) تبعا لشيخنا العلامة الأنصاري ( قده ) من أن هذه العمومات التي وردت مخصصاتها بعد حضور وقت العمل بها قد صدرت بأجمعها ضربا للقاعدة يعني انها متكفلة للأحكام الظاهرية فيكون الناس مكلفين بالعمل بها ما لم يرد عليها مخصص، فإذا ورد المخصص عليها كان ناسخا بالإضافة إلى الاحكام الظاهرية ومخصصا بالإضافة إلى الإرادة الجدية والأحكام الواقعية. [2]

وقد أشكل السيد الخوئي (ره) على صاحب الكفاية (ره).

ونقول: من قال ان العمومات من باب ضرب للقاعدة فهذا يعني انه يرجع اليها في مقام الشك ويعني انه ملحوظ، فلا يكون حكما على موضوع، وكأنه أصل عملي، العمومات ليست قاعدة بل هي حكم على امر عام. عندما يقول: " اوفوا بالعقود " لا يلحظ الشك فلا يكون ضربا للقاعدة.

والتحقيق وهذا ما أراه: ان الأحكام قد نزلت في اللوح المحفوظ دفعة واحدة ليست لا عام ولا خاص ولا مطلق ومقيّد، نعم هذا العام والخاص انما يكون عند بيان ما في اللوح المحفوظ على لسان رسول الله (ص) سواء كان في القرآن الوحي أو السنّة، أو لسان الائمّة الاطهار (ع)، ثم وردت في مقام الاثبات والبيان على نجوم، وكان تأخير بيانها لمصلحة تقبل الناس لها، هذا التدرج بالأحكام لا بد ان يكون لمصلحة وحكمة.

الغرض من انفصال المخصص:

فلننظر إلى الموالي العاديين، لماذا يطلقون حكم العام ثم بعد ذلك بفترة يطلقون الخاص؟

أفلا تكون هناك حكمة؟ والمفروض ان الآمر حكيم، فإما ان تكون المخصصات كلها متصلة، او ان يكون في بعضها مصلحة للانفصال.

وهذا بنفسه ينطبق على الشارع المقدّس فهناك حكم كثيرة في تأخير البيان في بعض الأفراد [3] ، بل وفي بعض الأحكام أيضا، ألم يرو أن بعض الاحكام تكون عند الامام المهدي (عج) لا يظهرها إلا عند ظهوره، وكذلك في الخمس الذي كان موجودا زمن رسول الله (ص) وعلي (ع) الأئمة (ع) بعده وأخر بيانه وتفصيله لزمن الكاظم (ع) ومن بعده في الائمة (ع).


[3] وأكرر ان التخصيص اخراج لأفراد ولا دخالة له بمفهوم المتعلّق، عندما أقول: " أكرم العالم إلا الفاسق " متعلق الحكم هو العالم وخرج بعض الافراد، وليس ابدا معناه " اكرم العالم العادل " منزلق بعض الأصوليين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo