< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فصل: إذا دار الامر بين التخصيص والنسخ؟.

     الثمرة بين النسخ والتخصيص. النسخ: إزالة للحكم من حين ورود الناسخ، أي يكون الحكم بالعام فعليا من حين صدوره إلى حين ورود الناسخ ويكون المراد الجدي من الأساس هو العام، أي يكون المراد الجدّي هو تمام المنسوخ. أما التخصيص فهو بيان للإرادة الجديّة ويكون الظاهر هو العام، أي المراد الاستعمالي هو العام والمراد الجدي من الأساس هو الخاص.

     البداء. سبب الاهتمام بهذه المسألة وهو ان أعداء مذهب أهل البيت (ع) ارادوها وسيلة للهجوم عليه بعد أن البسوها ثوبا قبيحا وهو نسبة الجهل لله تعالى.

     علم الله ثلاثة اقسام: قسم لا يعلمه إلا هو، والثاني: اطلع على بعض خلقه وهو ثابت لا يتغيّر، وقسم هو القضايا الشرطيّة، وفي هذا القسم يقع البداء دون الاولين.

في النهاية في مسألة النسخ والتخصيص والدوران بينهما نشير إلى الثمرة.

الثمرة بين النسخ والتخصيص:

قلنا سابقا أن النسخ إزالة للحكم من حين ورود الناسخ، أي يكون الحكم فعليا من حين صدوره والمراد الجدي من العام هو العموم من الأساس إلى حين ورود الناسخ، ويكون المراد الجدّي هو تمام المنسوخ.

اما التخصيص فهو بيان للإرادة الجديّة ويكون الظاهر هو العام، والتخصيص هو خروج المخصص من الأساس أي يكون المراد الجدي من الأساس هو الخصوص.

ويقول صاحب الكفاية (ره): " ثم لا يخفى ثبوت الثمرة بين التخصيص والنسخ، ضرورة أنه على التخصيص يبنى على خروج الخاص عن حكم العام رأسا، وعلى النسخ يبنى على ارتفاع حكمه عنه من حينه، فيما دار الامر بينهما في المخصص، وأما إذا دار بينهما في الخاص والعام، فالخاص على التخصيص غير محكوم بحكم العام أصلا، وعلى النسخ كان محكوما به من حين صدور دليله، كما لا يخفى ". [1]

البداء.

لا باس بالتعريج على مطلب عقائدي وهو البداء، الذي أخذ حيّزا أكثر من واقعه، وذلك إن كثيرا من أعداء مذهب أهل البيت (ع) غلّفوه بغلاف قبيح وهو ان الله يبدو له ما لم يكن يعلمه، فهو نسبة الجهل على الله تعالى، وبهذا الغلاف حاولوا تشويه سمعة المذهب ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.

هذه المسألة اخذت اهميّتها ليس من البداء بذاته بل من هجوم الآخرين عليها. [2] البداء موضوع اعتبره الكثير من أعداء أهل البيت (ع) مثلبة في التشيع، وكونها مسألة أصبح لها اهميّة وبُعدٌ عقائدي سنضطرّ لبحثها. سنلخّص الكلام فيها أولا، ثم نذكر كلاما للسيد الخوئي (ره).

ونلّخص الكلام في البداء في نقاط:

النقطة الأولى: لا شك في كونه تعالى عالما بما كان وما هو حالي وما سيكون، فهو العالم المطلق. [3]

النقطة الثانية: لا شك ان الله تعالى شأنه قادر مطلق: " كن فيكون ".

النقطة الثالثة: إن علم الله تعالى على ثلاثة أقسام:

الأول: ما لا يعلمه إلا هو، ولم يطلع عليه أحدا من خلقه حتى رسوله محمد (ص) أفضل الخلائق أجمعين، إذ لو اطلعه الله تعالى لا يتحملّه الرسول المخلوق. وهذا ثابت لا يتغيّر وقطعا ليس فيه بداء ولا ابداء.

الثاني: علم يطلع عليه بعض خلقه " من ارتضى من رسول " ولكنه ثابت لا يتغيّر ولا يقع فيه بداء ولا إبداء.

الثالث: أمور معلّقة على شروط فيتوقف حدوثها على حدوث شرطها، لوجود الملازمة بين الشرط والمشروط نحن نعلم في القضيّة الشرطيّة " إذا طلعت الشمس فالنهار موجود " صدقها لا يتوقف على وجود المقدّم ووجود التالي بل على صدق الملازمة. قد لا توجد القضية في الخارج أصلا لعدم ثبوت المقدّم، لكن صدقها بصدق التلازم.

مثلا: صلاة الليل تزيد في الرزق، فالرزق موقوف على الصلاة، والملازمة ثابتة صحيحة أزليّة، والتالي موقوف على تحقق المقدّم، وهذا القسم الأخير هو الذي يحصل به البداء، أي ان النبي (ص) يخبر بشيء فإذا تمّ شرطه يخبر بشيء آخر وهو المشروط، فهو في الحقيقة إبداء. ومثل أخر: " بر الوالدين منسأة في الاجل " هناك اجل محتوم واجل مخروم، مع الصدقة مثلا يزاد في عمره، هذا ليس بداء ولا تغيّر في علم الله، إذ الملازمة بين الصدقة والعلم تامة، وهذه الملازمة في علم الله عز وجل، فإخبار النبي (ص) إذا تمّ شرطه المقدّم يتم التالي. ونحن نتصوّر الحكم قد تغيّر والصحيح انه تمّ مقدّم الشرطيّة وهو في الحقيقة ابداء لما هو واقع الحال وهو القضيّة الشرطيّة الملازمية الثابتة، في هذا القسم الثالث يقع فيه البداء الذي ورد في النصوص.

غدا نستعرض كلام السيد الخوئي (ره)، والفرق بين النسخ والبداء.


[2] مثال على ذلك: كل مترة من الزمن نتعرض لحملة ضد الاسلام والمسلمين من جهة معيّنة، قديما اثاروا مسألة ان الإسلام ضد العلم مما اضطر مفكري المسلمين إلى الرد والكتابة في هذا الموضوع، وكذلك بعد أربعين سنة اثاروا مسألة المرأة وأن الإسلام ضدها، وكذلك نحن ننفعل ونشرع دفاعا عن الإسلام وذكر حقوق المرأة في الإسلام، وكذلك بعد زمن اثاروا مسألة ان الإسلام مع العنف وضد السلم، وشرعنا في الدفاع عن الإسلام والسلم فيه. موضوع البداء لا يحتاج إلى كثير من البحث والكلام، لكن يكتسب اهميّته من خلال هجوم الآخرين عليك.
[3] قد يقال ان الانسان يشترك مع الله عز وجل ببعض الصفات، بل في كل الصفات: العلم، القدرة، وغير ذلك لكن الفرق بين الانسان والله عز وجل ان الانسان محدود في كل الصفات، والانسان عندما ينسى محدوديته يقول انا ربكم الاعلى، مقابل لا محدودية صفات الله عز وجل. هؤلاء الجبابرة والفراعنه والطغاة يطغون عندما ينسون محدوديتهم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo