< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد:

     بيان الداعي لذكر الثمرة في بحث الموضوع له لفظ أسماء الاجناس.

     الثمرة.

     الفرق بين الدلالة على الشمول بالوضع والدلالة على الشمول بمقدمات الحكمة.

     إن كان اللفظ موضوعا للماهيّة المهملة أو اللا بشرط المقسمي كانت الدلالة على الشمول بمقدمات الحكمة، فلا بد من إحرازها. اما إذا كان موضوعا لللا بشرط القسمي فلا نحتاج إلى مقدمات الحكمة.

     لا دليل على أن الأصل ان يكون المتكلّم في مقام البيان.

     الأصل في الشارع المقدّس ان يكون في مقام البيان.

 

قدمت الكلام عن الثمرة في ما هو الموضوع له اسم الجنس النكرة الطبيعي مع ان ذكر الثمرة يكون عادة آخر المطاف لسبب، وهو: ان هذا اللفظ موضوع هل هو موضوع للماهيّة المهملة أو المبهمة أو المطلقة أو الماهية للا بشرط المقسمي أو الماهية للا بشرط القسمي؟

قدمت الثمرة لان بعضهم ظن انه ترف فكري، والبحث فيه مضيعة للعمر، فأحبتت ان اذكر الثمرة ليبقى لنا دافع وحماس لمعرفة لاي شيء موضوع اسم الجنس.

تحديد الثمرة: كل الثمرات في علم الاصول هي في المشكوكات، فإذا شككت في شمول لفظ لبعض الهيئات أو الافراد او الحالات، مثلا كلمة " يتيم " أو " ولد " أو كلمات متنازع عليها.

في حال الشك وانطباق اللفظ فإن اخذ في الموضوع له اللفظ الاطلاق، فبمجرد انطباق اللفظ شمل المشكوك بالوضع، وان لم يؤخذ الاطلاق في الموضوع له تكون الدلالة على الشمول بمقدمات الحكمة، وفرق شاسع بين الشمول بالوضع والشمول بمقدمات الحكمة، لان الانطباق إن كان بالوضع يصبح اللفظ فردا للعنوان بمجرد الانطباق، اما إذا كان بمقدّمات الحكمة فيجب علي ان احرز مقدمات الحكمة بعد انطباق العنوان: أن يكون المولى في مقام البيان وامكن ان يبيّن ولم يبيّن. فإذا شككت في احدى المقدمات مثلا هل هو في مقام بيان أو لا؟ مثلا: " المرأة عي وعورة " هل هو في مقام بيان حكم تشريعي أو ارشاد إلى واقع؟ هل هو في مقام بيان جميع الافراد، عورة في كل جسمها أو لا، أو بيان انها عورة اجمالا؟ فكون الشارع في مقام البيان هنا غير واضح، فإذا اختلّت احدى المقدمات، انتفت مقدمات الحكمة، وإذا لم تثبت مقدمات الحكمة جميعا لا استطيع ان آخذ بالمشكوك فأخذ حينئذ فقط بالقدر المتيقّن. من هنا كانت الثمرة في بحث لاي شيء اسم الجنس موضوع؟.

ذكرنا أمس أن الماهيّة تارة تأخذ مهملة أو مبهمة مقتصرة على الذات والذاتيات، وتارة تؤخذ بلحاظ أمر ما. وهذا للماهية اللا بشرط المقسمي، وهي عندما اخذ الماهيّة بلحاظ أمر ما، وأقول: أما تأخذ بشرط شيء، أو بشرط عدمه، أو لا بشرط، إذا لوحظ هذا المقسم صارت الماهيّة على نحو اللا بشرط المقسمي.

وقلنا ان هناك فرقا بين الاخذ في الحالتين، وهنا اختلفت الانظار لأي شيء موضوع اللفظ هل هي للماهية المهملة أو الماهية إذا لاحظناها بلحاظ الاطلاق وعدمه فهي تنقسم إلى ثلاثة، فبمجرد اللحاظ صارت مقسما لثلاثة اقسام: لا بشرط، وبشرط شيء، و بشرط لا. وهو اللابشرط الأخير هو الماهيّة اللابشرط القسمي.

ونكرر قبل ان نبدأ ببحث الموضوع له الفاظ الاجناس اسم الجنس الكلي الطبيعي ان ذكر الثمرة قبل البحث كي لا يتوهم انه مجرد ترف فكري، فإنني أضّن باعمار الاخوة الطلبة الشريفة عن تضيعها بما لا ثمرة فيه.

الثمرة نقول: ذلك ان لفظ " رجل " يشمول كل الافراد وكل الهيئات والازمنة والامكنة وهذا الشمول: هل هو بالوضع أو بمقدمات الحكمة؟

فإن قلنا انه بالوضع شمل كل من انطبق عليه عنوان " رجل ". فإذا قلت لك: " أكرم رجلا " شمل كل من ينطبق عليه لفظ رجل، فلو شككت في شمول الحكم لاحدهم أمكن إثبات الحكم له لانطباق العنوان عليه، والاحكام تابعة لعناوينها.

اما لو قلت بانه بمقدمات الحكمة، فلا بد حينئذ من احراز مقدمات الحكمة، وهي ان المتكلّم في مقام بيان، وامكن ان يبيّن، ولم يبيّن. ومع عدم إحراز واحدة منها لا يثبت الاطلاق، وبالتالي لا يثبت الحكم للمشكوك.

ومن هنا، لو شككنا ان المتكلّم في مقام بيان، فلا دليل على الأخذ بالإطلاق.

وعليه: فان كان موضوعا للماهيّة المطلقة، أو الماهيّة اللا بشرط القسمي، أي الماهيّة الملحوظة على نحو اللا بشرط كانت الدلالة على الاطلاق بالوضع، فينضوي المشكوك تحت حكم العام.

وإن كان موضوعا للماهيّة المهملة، أو للماهيّة على نحو اللابشرط المقسمي لم يكن الاطلاق مأخوذا في الموضوع له، أي في الدلالة، ونحتاج حينئذ إلى تماميّة مقدمات الحكمة، ومع عدم إحرازها نقتصر على القدر المتيقّن. مثلا في قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [1] في كلاب الصيد، قد يقال إذن ما اصطاده الكلب يجوز اكله بدون تطهير للأطلاق. اجاب الاصوليون ان الآية أو الشارع ليس في مقام بيان الطهارة والنجاسة وغيرها، هو يبيّن حليّة أو حرمة أكل ما اصطاده الكلاب من حيث الحليّة والحرمة دون غيرها من الحيثيات. فالإطلاق يحتاج إلى لحاظ وان يكون في مقام بيان.

نعم، هنا تتفرّع مسألة وهي:

إذا شككنا هل الأصل في المتكلّم أن يكون في مقام بيان؟

نقول: لا دليل على هذا الاصل وفرق بين المتكلّم العرفي لانه قد تخفى عليه اشياء كثيرة، ويكون همّه بيان ناحية واحدة، نعم بالنسبة للشارع المقدّس قد يختلف الأمر، فإن من شأن الشارع بيان الأحكام من كل جوانبها، ولا يجوز له إهمال بعضها، إلا إذا وجدت قرينة على ذلك.

فلنلاحظ العالم الآن، وانظروا المفكرين من البشر في جوابهم عن سؤال هو المحرّك الاساس للبشريّة؟ فرويد قال: انه الجنس، وآدلر من كبار علماء النفس قال: انه حب السلطة، وكارل ماركس قال: الاقتصاد. نحن نجيب ان كل هذا صحيح ولأن الانسان العادي محدود ولا يملك قدرة شموليّة يقع في الغلط ويتوجه نحو شيء معيّن دون غيره.

لذلك انا اقول المولى العرفي لا دليل على ان يكون الاصل فيه في مقام بيان كل الجهات.

اما اشارع المقدّس فوظيفته بيان الاحكام وجميع جوانبها وشروطها وشراشيرها إن كان لها دخل في الحكم. فلو اراد بيّن. لذلك يمكن ان يقال في النصوص الشرعيّة الاصل ان يكون في مقام بيان ما دام السؤال عن حكم احتاج إلى بيان كل ما له دخالة في موضوعه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo