< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد: وضع العلم الجنسي:

     العلم الجنسي مثل أسامة للأسد، وفي ايامنا في لبنان كلمة " وطن " للجندي.

     السؤال هو: ما الفرق في المعنى بين لفظ الاسد ولفظ اسامة، حيث إنهما يستعملان لكل فر؟

     شروط استعمال العلم الجنسي: إما الحضور وإما الماهيّة.

 

ومن المطلق العلم الجنسي: مثلا: " اسامة للأسد، وثعالة للثعلب، ومثاله في زمننا هذا نقول للجندي اللبناني "يا وطن"، وفي العراق " يا ابا خليل " وللانكليزي " العم ناجي " وللامريكي " العم سام " وإلى غير ذلك .

والعلم الجنسي يطلق على كل فرد كما أن النكرة تستعمل لكل فرد، وهذه مشكلة، لأنها خصوصيّة أسماء الأجناس والنكرات، ومع ذلك فهو يعامل معاملة المعرفة [1] ، فيأتي الوصف بعدها حالا لا نعتا، فنول: " هذا اسامةُ مقبلا "، وهذا ما دفع البعض لبحث كيفيّة وضع الكلمة؟

لماذا يعامل " اسامةُ مقبلا " معاملة المعرفة، فيكون الوصف بعده " مقبلا " منصوب على انه حال من اسامة و " اسدٌ مقبلٌ " تعامل معاملة النكرة، فيعامل الوصف " مقبل " على انه نعت ؟

مع العلم اننا نعرف ان الفرق بين الحال والنعت في المعنى كبير جدا، كلاهما وصف، لكن الفرق بين " جاء زيدٌ الماشي " الماشي هو قيد لزيد نفسه و "جاء زيدٌ ماشيا " ماشيا قيد للفعل وهو كيفيّة المجيء، وهذا فرق فارق بينمها. ولذلك عندما يكون هكذا فرق موجودا لا تعود المسألة لفظيّة تزينيّة كما ذهب صاحب الكفاية (ره)، عندما يكون هناك فرق بالمعنى يكون الكلام من صاحب الكفاية وغيره غريب، ولذلك عومل اسم الجنس معاملة المعرفة.

السؤال: لماذا عومل معاملة المعرفة مع انه ينطبق على كل فرد؟ إذن ما الفرق بينه وبين النكرة؟

انا سابحث هذا البحث لسبب واحد ومع العلم انه ليس له ثمرة عملية كبيرة، لكن له ثمرة في فهم كثير من مباحث الالفاظ في علم الاصول. نحن كلامنا في هذا البحث العمومات وانتهينا منها والآن نبحث في المطلقات.

نقول ان الفرق في المعاملة بين " اسامة وبين " اسد " وايضا " وطن " وجندي " انك تقول "رأيت جنديا لبنانيا امس " هل تستطيع ان تقول: " رأيت وطنا امس "، يشترط في علم الجنس ان يكون حاضرا، وهذا قرق بينه وبين النكرة. قال النحاة في " قطر الندى " وكتب النحو: العلم الجنسي لتعامله معاملة المعرفة يجب ان يكون اما حاضرا حتى تقول " هذا اسامةُ " أو لنفس الماهية كما هي نقول: " اسامةُ اشجع من ثعالة " في هاتين الحالتين نستطيع استعمال " اسامة " كعلم جنسي، وهنا السؤال الكبير لماذا عومل " اسامة " معاملة المعرفة ما معناها وما هو الموضوع له بينما " اسد " تعامل معاملة النكرة؟ " اسد " الوضع عام والموضوع له عام من القسم الثاني من الوضع وهكذا كل النكرات واسماء الاجناس والكليات الطبيعيّة.

ونتسائل: " اسامة " من أين أتت معاملته كمعرفة؟ كان هذا البحث. الذي سينفع في توضيح عدّة مطالب، مثل النكرة المقصودة، ومثل تعلق الاحكام بالطبائع لا بالافراد، وغيرهما.

يقول صاحب الكفاية (ره): ومنها (الالفاظ المطلقة): علم الجنس كأسامة، والمشهور بين أهل العربية أنه موضوع للطبيعة لا بما هي هي، بل بما هي متعينة بالتعين الذهني ( قال ذلك لانهم احتاروا من أين اتى هذا التعريف لعلم الجنس) ولذا يعامل معه معاملة المعرفة بدون أداة التعريف.

مثلا كلمة " اسد " لا تعامل معامل المعرفة إلا مع " لام " التعريف، اما " اسامة " تعامل معاملة المعرفة من دون " لام "، قالوا جاء ذلك لانها وضعت للماهية بما هي متعيّنة في الذهن لذلك اصبحت معرفة.

جواب صاحب الكفاية: لكن التحقيق أنه موضوع لصرف المعنى بلا لحاظ شئ معه أصلا كاسم الجنس، والتعريف فيه لفظي، كما هو الحال في التأنيث اللفظي،

(السؤال: هل التعريف اللفظي ينشأ اختلاف معاني؟ كلام غريب منه (ره). في التأنيث اللفظي نقول: " هذه يدٌ " واليد ليست مذكر ولا مؤنث مؤنث لفظي فعوملت معاملة المؤنث، وكذا في " حائط " مذكر لفظي وليس حقيقيا).

وإلا لما صح حمله على الافراد بلا تصرف وتأويل،

(فلو كانت موضوعة اللحاظات والمتعينات كان يجب ان ازيل التعيّن حتى استعملها لكل فرد مع العلم اننا لم نزل أي شيء).

لأنه على المشهور كلي عقلي،

وهذا ردّ على انه متعينة بالتعين الذهني الاذي يصير اللحاظ جزءا من الموضوع له أي الماهية المعنيّنة بالتعين الذهني وإذا صار كذلك صار عقليا فقط، فإذا كان الجزء لا موطن له إلا الذهن صار الكل كذلك، فعبّر عنه انه لا يوجد في الخارج لانه اصبح كليا عقليا. وذكرنا في الدرس السابق ان صاحب الكفاية يستخدم الكلي العقلي في غير مصطلح المناطقة الذي هو الطبيعة المنطبقة على كثيرين، اما صاحب الكفاية عنده ان كل ما لا موطن له إلا الذهن، وحين قال بتعينها في الذهن أي بشرط شيء وهو التعيّن الذهني والذي لا يكون إلا في الذهن فكيف اطبقه واستعمله على الافراد الخارجيّة؟ فإذن اصبحت كليا عقليا ما يقتضي اني كلما اردت استعماله في أمر خارجي انزع جزء من المعنى الموضوع له واستعمله في جزئه الآخر وهو الماهية فقط، أي صار الاستعمال مجنزيا، وهذا قطعا لا يصدر من الحكيم ابدا فلا اضع لفظا لمعنى ثم استعمله في غير معناه.

لذلك استعمل هذا " اسامةُ مقبلا " من دون أي لحاظ.

صاحب الكفاية: وقد عرفت أنه لا يكاد صدقه عليها مع صحة حمله عليها بدون ذلك، كما لا يخفى، ضرورة أن التصرف في المحمول بإرادة نفس المعنى بدون قيده تعسف، لا يكاد يكون بناء القضايا المتعارفة عليه،... [2]

 


[1] الفرق بين المعرفة والنكرة: النكرة لفظ موضوع لمعنى يشمل كل ما اشبهه كـ " رجل " يشمل كل من له نفس الصفات حتى لو لم يكن في الدنيا إلا رجل واحد مثل " آدم " في زمن الأول على الارض. اما المعرفة ففي اللفظ الموضوع للمسمى بعينه غير متناول ما اشبهه كتسمية ابني " محمد "، إذن المعنى المعرفي متميّز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo