< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد: من المطلقات المعرّف باللام:

     تتمّة الكلام في العلم الجنسي، قد يتساءل: ما الداعي لوضع الأعلام الجنسيّة؟

والجواب: هو الاهتمام بالأفراد سلبا مثل: أم عريط، أو ايجابا مثل: أسامة، مع كثرة الافراد بحيث لا يستطيع الوضع للجميع، ولذا تصور أمرا عاما ووضع للخاص.

     استعراض كلام صاحب الكفاية (ره) وهي أن العهد اللام ومدخولها لو كان ناشئا من اللحاظ الذهني للزم كون جزء المفهوم لا ينطبق على ما في الخارج، وللزم التجريد منه عند الاستعمال، وهذا تعسف مع كونه قبيحا من المولى.

     لذا ذهب الآخوند (ره) إلى كون اللام تزينيّة.

 

قبل ان نعود لكلام صاحب الكفاية (ره) هناك نقطة في العلم الجنسي تحتاج للبيان وهي: أن العلم الجنسي كما قلنا ان الوضع عام والموضوع له خاص، أي أن الفرد هو الذي أصبح مصبا للوضع والحكم والاهتمام ولذلك اصبح معرفة.

قد يقال ما الداعي الذي يدعو الواضع الحكيم ان يكون هناك وضع خاص ولفظ خاص؟

فيقال: أن هناك أمران: وجود داع ووجود ضرورة.

أما الداعي فهو الاهتمام بهذا الفرد أو الأفراد إيجابا أو سلبا، مثلا: " الأسد " أريد أن اهتم فيه وأن أجعل له كيانا، فعندما نسمي شيئا أكون قد جعلت له كيانا اسميه " أسامة " فكان الوضع عاما والموضوع له خاصا.

اما الضرورة فهي أني أريد الاهتمام بالأفراد، ولكن لكثرتها أو لكونها تحت نظري جميعها، اخترعت الوضع العام والموضوع له الخاص. وهو انني اريد ان اهتم بالفرد سلبا مثل أم عريط للعقرب، أو ايجابا مثل اسامة للأسد.

فـ " الأسد " مثلا اجعل له تسمية خاصّة، فلما لم استطع ان اتصور كل الافراد واضع لكل فرد اسما مستقل به اخترعت " العلم الجنسي " وهو معرفة لانّه مميّز وفيه اهتمام خاص وهو موضوع لكل فرد ولذلك صار معيّنا وصار مميّزا كما في قولنا للجندي في لبنان " يا وطن "، لذلك قال النحاة ان العلم الجنسي لا يجوز استعماله بالغائب فلا استطيع ان اقول: " رأيت وطنا أمس ".

نعود للام التعريف وقلنا ان محل الكلام هو العهد، وقلنا ان هناك وجوها في وضع اللام.

يقول الشيخ الآخوند (ره) في الكفاية:

ومنها: المفرد المعرف باللام، والمشهور أنه على أقسام: المعرف بلام الجنس، أو الاستغراق، أو العهد بأقسامه، على نحو الاشتراك بينها لفظا أو معنى، والظاهر أن الخصوصية في كل واحد من الأقسام من قبل خصوص اللام،...

في المعرّف باللام عندي مركّب " أكرم الرجل " اللام والطبيعة طبيعة الرجل.يقول صاحب الكفاية انها من باب تعدد الدل والدلول، فالمدلول هو عهد حضوري، كما في " الآن " مركب من " ال " و " آن " تعدد الدال، وتعدد المدلول، وهو العهد الحضوري.

كلام صاحب الكفاية: أو من قبل قرائن المقام، من باب تعدد الدال والمدلول، لا باستعمال المدخول ليلزم فيه المجاز أو الاشتراك، فكان المدخول على كل حال مستعملا فيما يستعمل فيه غير المدخول.

لانه إذا كان العهد من نفس المدخول لزم المجاز أو الاشتراك فإذا كان الوضع لكل معنى لزم الاشتراك، وإذا استعملنا الكلي في جزئه لزم المجاز. فإذا قلت: " أكرم الرجل " كلمة " رجل " و " الرجل "، " رجل " مستعملة في نفس المعنى مع اللام أو بدونها سواء دخلت اللام " الرجل " أو كانت بلا لام " أكرم رجلا "، ولأن الموضوع له واحد والمستعمل فيه واحد لا وجود للمجاز ولا للإشتراك بل الاستعمال في المعنى حقيقي.

ومن اين أتى العهد الحضوري والذهني والخارجي؟

والجواب: هو من باب تعدد الدال والمدلول، الدال هو " اللام " و " الطبيعة " والمدلول هو العهد الحضوري أو الذهني بقرائن. فالمدخول على كل حال طبيعة الرجل الموضوع له واحد والمستعمل فيه واحد، فإذن العهد والتعريف لم يأت ابدا من المدخول، اللام سواء كان دخلت عليه اللام أو لم تدخل، المدخول واحد وهو الطبيعة.

كلام صاحب الكفاية: والمعروف أن اللام تكون موضوعة للتعريف، ومفيدة للتعيين (أي العهد الخارجي والحضوري والجنسي والذكري) في غير العهد الذهني، وأنت خبير بأنه لا تعين في تعريف الجنس إلا الإشارة إلى المعنى المتميز بنفسه من بين المعاني ذهنا، ولازمه أن لا يصح حمل المعرف باللام بما هو معرف على الافراد، لما عرفت من امتناع الاتحاد مع ما لا موطن له إلا الذهن إلا بالتجريد، ومعه لا فائدة في التقييد، مع أن التأويل والتصرف في القضايا المتداولة في العرف غير خال عن التعسف.

هنا صاحب الكفاية (ره) يعيد ما ذكره سابقا وهو يعتبر أن اللحاظ لا وجود إلا له في الذهن ونحن سلمنا في ذلك، فإذا كان دخيلا في المعنى اصبح المعنى المجموع لا وجود له إلا في الذهن لان جزءه لا وجود له إلا في الذهن، فإذن المجموع لا وجود له إلا في الذهن. العهد الذهني عن صاحب الكفاية اضع للماهيّة بما هي مميّزة ومعيّنة في الذهن أي صار جزء من الموضوع له ذهنيا ولا موطن له إلا الذهن وعبّر عنه بالكلي العقلي.

وعليه، فالعهد الذهني لا يكون إلا في الذهن فكيف نطبّقه على الخارج مثلا، فكيف أكرم فلانا أو فلانا؟ إذا قلت: " أكرم العالم " والحال أن الطبيعة مقيّدة بالتميّز الذهني.

اجاب صاحب الكفاية إلا بالتجريد أي نزع لحاظ التميّز حتى اطبّق الماهيّة كما هي على الفرد، وإذا جرّدته صار مجازا هذا اولا.

ثانيا عند التطبيق احتاج إلى تجريده دائما من الجزء الذهني، فما الفائدة حينئذ من الوضع؟

وذكرنا سابقا أن الحكمة من الوضع هو البيان، وقلنا ايضا ان الاصل في القضايا ان تكون خارجيّة فعندما اقول: " زيد " الاصل أن آتي بزيد نفسه، لكن لما لم استطع دائما ان أتي به بنفسه اخترعت وسيلة وهي لفظ يدلّ عليه، فعندما أقول " زيد " فكأني احضرته ، ولذلك قلنا ان الاستعمال هو فناء وليس علامة.

نكرر هنا في المعرّف باللام فإذا كنت اعلم أن كلمة " الرجل " موضوعة للماهيّة بلحاظ كونها متميّزة وهذا لا وجود له في الخارج، لا أستطيع تطبيقها، فعند تطبيقها احتاج إلى حذف جزء منها فاكون قد استعملها دائما مجازا، فإذن لماذا وضعتها لذلك المعنى؟ فَلْأضعها لذلك المعنى المجازي مباشرة، فليس من الحكمة ابدا ان اضع لشيء واستعمل اللفظ دائما أو غالبا في شيء آخر، هذا لا يصدر من الحكيم.

كلام صاحب الكفاية: ولازمه أن لا يصح حمل المعرف باللام بما هو معرف على الافراد، لما عرفت من امتناع الاتحاد مع ما لا موطن له إلا الذهن إلا بالتجريد، ومعه لا فائدة في التقييد، مع أن التأويل والتصرف في القضايا المتداولة في العرف غير خال عن التعسف. هذا مضافا إلى أن الوضع لما لا حاجة إليه، بل لا بد من التجريد عنه وإلغائه في الاستعمالات المتعارفة المشتملة على حمل المعرف باللام أو الحمل عليه، كان لغوا، كما أشرنا إليه. (نتيجة الكلام عند صاحب الكفاية) فالظاهر أن اللام مطلقا يكون للتزيين، كما في الحسن والحسين، واستفادة الخصوصيات إنما تكون بالقرائن التي لابد منها لتعينها على كل حال، ولو قيل بإفادة اللام للإشارة إلى المعنى، ومع الدلالة عليه بتلك الخصوصيات لا حاجة إلى تلك الإشارة (لان الاشارة جاءت من القرائن فلا حاجة للام)، لو لم تكن مخلة، وقد عرفت إخلالها، فتأمل جيدا . [1]

غدا نعلّق على كلام صاحب الكفاية ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo