< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد: من المطلقات المعرّف باللام:

     التعليق على كلام صاحب الكفاية.

     النقطة الاولى: صحيحة كبرويا غير تامّة صغرويا.

     النقطتان الثانية والثالثة مترتبتان على النقطة الاولى.

     النقطة الرابعة غير تامّة، فاننا نجد من أنفسنا ان التعريف والعهد هو من اللام، وليست تزينا.

 

لخصنا كلام صاحب الكفاية (ره) في نقاط:

الأولى: أن " اللام العهديّة " لو كانت موضوعة لما هو متعيّن ذهنا لزم عدم انطباقه على الخارجيات لان المدخول أصبح الماهيّة المتميّزة المتعيّنة في الذهن، وما لا يكون جزؤه إلا ذهنيا لا يكون الكل إلا ذهنيا.

الثانية: إذا كانت الاستعمالات في الخارجيات ثابتة قطعا، فلا بد حينئذ من التصرّف في الموضوع له وتجريده من اللحاظ الذهني، أي لا بد من التأويل والتجريد عن جزئه.

الثالثة: إذا كان الاستعمال دائما مجازا في الخارجيات فهذا يقتضي لغويّة الوضع للماهيّة المتميّزة في الذهن، وهذا لا يصدر عن الواضع الحكيم، هذا ليس من الحكمة.

الرابعة: هذا يؤدّي إلى أن " اللام " تدّل على التزيين فحسب، وليست موضوعة للدلالة على التعريف والعهد والتمييز والتعيين الحقيقي.

وتعليقنا على هذه النقاط الاربعة:

أما الاولى: فما ذكره في الكبرى صحيح وهو: " ان ما لا وجود له إلا في الذهن لا يمكن وجوده في الخارج، ولا يحمل على الخارج ". لكن تطبيقها على ما نحن فيه غير تام، أي أن الاشكال في الصغرى. ذلك اننا قلنا سابقا أن اللحاظ واخذ التميّز والتعيين لا يكون دائما جزء المفهوم أو جزء الموضوع له، أو جزء المستعمل فيه، أو جزء المشار إليه. بل قد يكون من باب الداعي، أو من باب الاشارة إلى ما انتزعته من الأفراد الخارجيّة، لذلك المفهوم الموضوع له الماهيّة المهملة، وهي كذلك يمكن ان تنطبق على الخارج.

نعم لو كانت الاشارة إلى الماهيّة وعهدها وتمييزها جزءا من الموضوع له، أي الماهيّة الذهنيّة فهذا لا موطن له إلا في الذهن. إذن صاحب الكفاية (ره) طبق الكبرى الصحيحة في غير محلها.

بعبارة أخرى: نوافقه في الكبرى لا في الصغرى.

اما الثانيّة: إذا كانت الاستعمالات في الخارجيات للشيء الذي جزؤه ذهني ولا موطن له إلا في الذهن ثابتة، إذن يجب ان احذف الجزء الذهني حتى استطيع التطبيق، إي يجب ان أجرده عن جزئه، والاستعمالات الخارجية ثابتة قطعا ككلمة " رجل "، فإذا كان الاستعمال في " أكرم الرجل " واللام عهديّة و " الرجل " لا تكون إلا في الذهن، كموضع له ومعنى حقيقي فإذن لا بد من التجريد من الجزء الذهني، ومع التجريد يصبح مجازا. هذه النقطة صحيحة لكنها مترتبة على النقطة الاولى الباطلة، فإن تمّت الأولى فهي تامّة، لكننا بيّنا عدم تماميّة الأولى.

واما الثالثة: فهي صحيحة في ذاتها إذ ليس من الحكمة ان اضع لشيء واستعمل في شيء آخر، وهي تامّة لو تمّ ما قبلها وهي انك طبقت كليّه كبرى مسلّمة على صغرى غير مسلّمة.

واما الرابعة: فإننا لا نسلّم كون اللام للتزيين، فانه قد رتَب هذه النتيجة على النقاط السابقة، خصوصا النقطة الأولى، وقد بيينا بطلانها.

رد نظرية التزينيّة: ذلك باننا ندرك بالوجدان الفرق بين التزيين وبين العهد، فالمتبادر من قوله تعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [1]

ان لام المصباح هي للعهد الذكري، وليست مجرّد لام تزينيّة وان وجودها وعدما سواء، من جهّة التعريف والعهد، الذي يلزمه ان التعريف أصبح من القرائن وليس من اللام. نقول: لا، لولا اللام لما كان " المصباح " في الآية المباركة هو المصباح المعهود الاول ولكان المراد أي مصباح آخر. [2]

النتيجة: إن اللام العهديّة موضوعة للمشترك المعنوي وهو العهد، ثم يعيّن نوع العهد بالقرائن، فالعهد ناشئ من اللام. والتعريف والتعامل معاملة المعرفة ناشء من العهد.

الا ترى ان المنادى النكرة المقصودة تعامل معاملة المعرفة فتقول: " يا رجلُ " أي بني على ما يرفع به وهو الضمير هنا، أن اردت رجلا بعينه، أي معهودا بالعهد الحضوري أو الذهني أو الذكري، وأما المنادى النكرة غير المقصود فلا يبنى على ما يرفع به، بل يكون مفعول به منادى منصوب.

 


[2] احيانا يكون التعيين بالقرائن، مثلا المنادى النكرة، الاعمى يقول: " يار رجلاً خذ بيدي " واحيانا يقول: " يا رجلُ خذ بيدي " ما الفرق بين اللفظين: فإذا كنت اريد " رجلا " معينا خاصا اقول " يا رجلُ " النكرة المقصودة تبنى على ما ترفع به، بينما إذا قلت " يا رجلاً " نكرة غير مقصودة أي أي رجل غير معيّن. التعين وعدمه ادى إلى اختلاف في الحكم في الاعراب.ونذكر بمسألة انه احيانا المعرفة قد يتبعها الوصف، ما الفرق بالمعنى بين " أكرم زيدا الماشي " زيدا معرفة و " أكرم رجلا ماشيا " رجل نكرة. فالنعت إذا كان مقيّدا للنكرة كان مخصصا ومقيّدا، اما إذا كان نعتا للمعرفة كما في زيد الماشي يكون تعيينا وتوضيحا لاي زيد، عبّر عنه بالقيد التوضيحي. ففرق شاسع في المعاني والاحكام بين التوضيح والتخصيص.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo