< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد: من المطلقات لام الاستغراق:

     لام الاستغراق: تدخل على المفرد والجمع.

     إذا دخلت على المفرد مثل: " احل الله البيع " دلّت على شمول الأفراد بمقدمات الحكمة، إذ تخصيص بعض الأفراد دون غيرها تخصيص بلا مخصص.

     إذا دخلت على الجمع فلا يبعد كون الشمول من شؤون الوضع وقد لوحظ الأفراد فيه.

     النكرة: الموضوع له هو الماهيّة المهملة، وقيد الوحدة من القرينة ولا يبعد ذلك في التوين.

ومن الفاظ المطلق لام الاستغراق:

وهي على قسمين: اللام الداخلة على المفرد: " أكرم العالم " و " احل الله البيع " ، وللام الداخلة على الجمع مثل: " أكرم العلماء " و " اوفوا بالعقود ".

اما الداخلة على المفرد فإن دلالتها على استغراق الأفراد تكون بمقدّمات الحكمة وليس بالوضع كما ذهبنا اليه سابقا، إذ المراد من اللام هو العهد الذهني، أي ماهيّة العالم، أي أكرم طبيعة العالم. فإكرام بعض الأفراد دون الآخر تخصيص بلا مخصص وهو قبيح لا يصدر من الحكيم.

واما الداخلة على الجمع " أكرم العلماء " فلا يبعد كون الدلالة على الاستغراق من شؤون الوضع، ولخصوصيّة الجمع بان المراد منه الالتفات للأفراد، وكأنه تأكيد على إكرام الطبيعة في جميع أفرادها، التفات وليس وضعا للأفراد وليس تعليقا للحكم بالافراد ايضا، لا يزال تعليق الحكم بالطبيعة لكن الإتيان بالماهيّة بصيعة جمع كأنه التفات للأفراد في مقام الامتثال.

هذه المسألة اخذت من الاصوليين مأخذا في كيفية الدلالة، والذي يهون الخطب ان " أكرم العالم " و " أكرم العلماء " تدل على العموم، واختلف في كيفيّة الدلالة، وإن كانت كيفيّة الدلاله لها ثمراتها. الاصولييون اختلفوا في كيفيّة الدلالة ولم يختلفوا في افادة العموم.

المختار والخلاصة: إن اللام موضوعة للعهد، وتعيين أي قسم من العهود يحتاج ويكون بالقرينة، ومدخول اللام هو اسم الجنس أي ان الموضوع له هو الماهيّة المهملة وليس الموضوع له اللا بشرط القسمي ولا اللا بشرط المقسمي، ويكون مستعملا في نفس ما وضع له، وتكون الدلالة على المعهود من باب تعدد الدال والمدلول، فاللام لها معناها، ومدخولها له معناه. ففي قوله تعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [1] ففي المصباح كلمتان: " ال " و " مصباح " وكلاهما قد استعمل في ما وضع له، فلا يوجد مجاز في البين، اللام استعملت في العهد، و " مصباح " استعملت في اسم الجنس الماهية المهملة، أي كلا اللفظين استعملا في المعنى الحقيقي لهما، نعم فهمنا العهد الذكري من قرينة خاصّة وهي قرينة لفظية وهي سبق اللفظ نفسه " مصباح ".

ثم إن اللام الداخلة على المفرد فيها إطلاق (بحسب اصطلاحنا) واستغراق، أي فيها إطلاق وعموم. مثلا قلت: " أكرم العالم " هل قولي عام أم مطلق؟

بحسب اصطلاح المشهور هو عموم لان اللام دلّت على عموم الافراد بالوضع. فالمشهور عرّف العام بانه ما كان دلالته على الشمول بالوضع، والمطلق ما كانت دلالته على الشمول بمقدمات الحكمة.

في قولنا: " أكرم زيدا " فهل زيد مطلق؟

بالنسبة للمشهور لا عام ولا مطلق لانه ليس له دلالة على الشمول، لذلك أشكل الشيخ الأنصاري على رجوع القيد للهيأة لا للمادّة، إذ يمتنع أن يكون للهيأة، والهيئة معنى جزئي والجزئي لا يقيّد ولا يطلق ولا يعمم ولا يخصص.

أما عندنا فهو ليس عاما لعدم وجود الأفراد، لكنه مطلق بحسب الهيئات والازمان، وقد يعبّر عنه بالاطلاق الأحولي والأزماني، وعندهم بالعموم الاحولي والازماني، ونستعمل هذا التعبير إذا كان للزمن حيثيّة ولاحظت افراد الزمن. فالفرق بين الاصطلاحين له ثمرات مؤثرة فنقول: أكرم العالم " مطلق ومقيّد.

أما الاطلاق فهو لعدم تقييده بأي قيد.

وأما العموم فلشموله لجميع أفراده وإلا كان تخصيصا بلا مخصص، والجمع المعرّف باللام فيه إطلاق وعموم كذلك (بحسب اصطلاحنا في الفرق بين الإطلاق والعموم).

ومن المطلقات النكرة:

والنكرة على قسمبن:

تارة نكرة معهود يكون في الفرد المعيّن عند المتكلّم المجهول عند المخاطب ومثاله الآية الكريمة كقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ [2] الشارع المقدس يعرف الرجل. وكذلك الأعمى في النكرة المقصودة: يقول " يا رجلُ خذ بيدي " وتارة يقول: " يا رجلاً " أي أي رجل كان.

وتارة نكرة غير معهودة ومعيّنة فيكون مأخوذا على نحو الوحدة كقوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [3] وفي هذه الحالة تستطيع أن تقول: لا تعتق رقبة، بل رقبتين، والظاهر أن قيد الوحدة مأخوذ من التنوين بقرينة وليس من الموضوع له.

فإن اسم الجنس موضوع للماهية المهملة. لكنه في عالم الاستعمال لا يخلو من حالات ثلاث:

إما ان يكون معرفا أي مدخولا لللام " الرجل ".

وإما ان منوّنا: " رجلٌ ".

وإما ان يكون مضافا: " رجل فلان أو القوم ".

تنبيه: إذا قلت: " رأيت رجلا " والرجل هو زيد، هل معنى ذلك اني استعملت لفظ رجل في زيد؟

الجواب: لا وان انطبق فقط على زيد. التطبيق شيء والاستعمال واللحاظ والدواعي والعلامة شيء آخر، عند التفكيك بين هذه الأمور في الذهن كثير من الأمور تتوضّح.

ولظهور المنوّن بالوحدة، كان الفرق بينه وبين مدخول اللام " الرجل " الذي فيه دلالة على الاستغراق عقلا، إذ يقبح على الحكيم ان يخصص بلا مخصص.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo