< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد.

     خلاصة ما بحثنا في بحث المطلق والمقيّد.

     المطلق بحسب اصطلاحنا بمعنى الإرسال ويقابله العام بمعنى الشمول للأفراد.

     اسم الجنس أي النكرة موضوع للماهيّة المهملة.

     علم الجنس موضوع للأفراد على نحو الوضع العام والموضوع له الخاص. ومن هنا نشأ تعريفه.

     لام التعريف موضوعة للعهد وتعينه يحتاج إلى قرائن.

     استعمال النكرة استعمال حقيقي وليس مجازا، وفرق بين الاستعمال والتطبيق وبين الفناء والعلامة.

خلاصة ما وصلنا إليه في المطلق والمقيّد في سطور:

    1. المطلق بحسب اصطلاحنا هو بمعنى الإرسال الذي هو المعنى اللغوي ولا له علاقة بالأفراد إلا من باب التطبيق، ويقابل المطلق العام وهو بمعنى الشمول للأفراد. ولذلك من النتائج يمكن ان يكون المفرد مطلقا، ولا يمكن ان يكون عاما.

    2. من المطلقات:

     اسم الجنس أي النكرة: مثل: رجل، وهو موضوع للماهيّة المهملة، وليس للماهيّة المطلقة، ولا الماهيّة على نحو الا بشرط المقسمي أو المقسمي. من النتائج ان الاطلاق ليس له علاقة بالوضع ولا ناخذه من الموضوع له اصلا، بل نأخذه من قرائن خارجيّة منها مقدمات الحكمة التي تجعل لكلمة " الرجل " الاطلاق، فعندما اضع للفظ معنى معيّن اتصوره كما هو وأضع له، لا اتصور معه شيء اخر كاللحاظات وغيرها.

     علم الجنس موضوع على نحو الوضع العام والموضوع له الخاص، ومن هنا عومل معاملة المعرفة رغم انه يمكن استعماله في كل فرد كالنكرة، ولكن بشروط ذكرها النحاة. والعلم الجنسي فيه تعريف حقيقي وليس مجرد تعريف تزييني لفظي كما ذكر صاحب الكفاية (ره). [1] وتعريف العلم الجنسي نشأ من الموضوع له، فالفرق بين اسامة واسد: والمشترك بينهما انهما يستعملان لكل فرد، اما الفرق في تنكير الاسد وتعريف اسامة انه تعريف من الوضع، تصورنا الكل ووضعنا للأفراد. ونذكر بانهم قالوا ان الاوضاع اربعة: الوضع الخاص والموضوع له خاص، الوضع عام والمضوع له عام، والوضع عام والموضوع له خاص، والوضع خاص والموضوع له عام. هذا التقسم ناتج من ملاحظة اللغة وكيفية المعاني ووضعوا على اساسها. فالوضع بالاساس لاجل بيان المعنى، وقلنا ان الاصل في المعاني ان توجد بنفسها ولما كان يستحيل ان توجد بنفسها غالبا اخترعنا الاوضاع، فالإتيان باللفظ اتيان بالمعنى، ولذلك الاستعمال هو عبارة عن فناء كما عبّر عنه صاحب الكفايّة (ره) وليس مجرّد علامة، فلا يجوز استعمال اللفظ في اكثر من معنى كما قالوا لان العلامة يمكن ان تكون لاكثر من معنى. فوضع كلمة " اسامة " للأسد هو لاني اريد انه اهتم بالأسد ولا اريد ان اتركه نكرة فقد يكون ايجابيا كـ " اسامة " وقد يكون سلبيا مثل " أم عريط للعقرب".

علم الجنس موضوع على نحو الوضع العام والموضوع له الخاص، بخلاف النكرة وضع عام وموضوع له عام، نفس المتصور ونفس الموضوع له، كلمة " اسد " اتصور اسد واضع لنفس المعنى، اما في " اسامة " اتصور معنى الاسد واضع لأفراده. ومن هنا عومل العلم الجنسي معاملة المعرفة، تقول: " هذا اسامةُ مقبلا " منصوب على انه حال، وإذا أردت أن تنعته تقول: " هذا اسامة المقبلُ "، لانه يشترط في النعت والمنعوت المطابقة، ولا تقول: " هذا اسامةُ مقبلٌ "، بينما تقول: " هذا اسدٌ مقبلٌ " نعت مرفوع.

     لام التعريف موضوعة للعهد، وتعيينه من عهد ذهني او ذكري أو خارجي يحتاج إلى قرينة خارجيّة وليس اللام للتزيين فحسب.

وهناك بعض النحاة يقول ان كل المعرفات الستة: من العلم إلى اسم الاشارة إلى اسم الموصول المضاف إلى احد المعارف المعرّف بالام الضمائر، بعضهم قالوا ان التعريف بالجميع ناشئ من العهد.

     النكرة مستعملة في الماهيّة الموضوع لها، أي الماهيّة المهملة، اما استعمالها في بعض الأفراد فإن كان استعمالا بمعنى الفناء فقد صار مجازا. وإن كان تطبيقا فهو حقيقة. ولا فرق في ذلك بين كون الفرد المنطبق عليه لفظ النكرة معلوما عند المخاطب وغيره. مثلا: عندما اقول " اكرم رحلا عالما " كلمة " رجل " لخصوص بعض الافراد وهو العالم وليس المراد كل " الرجل " ولا مطلق الرجل، فهل استعمال لفظ " الرجل " في خصوص بعض افراده استعمال مجازي؟

لذلك ذهب بعض القدماء إلى ان المقيّد " الرجل العالم " استعمال مجازي لان " العالم " قرينه على المجاز، ومنشأ هذا القول ان اللفظ موضوع للماهيّة واستعملتها في فرد او في البعض، فالمقيّد مجاز. ونحن قلنا ان هذا غير تام لان كلمة " عالم " مستعملة في نفس ما وضع له، وكلمة " عادل " مستعملة في نفس ما وضع له، لذلك قالوا ان المراد الجدي من كلمة " عادل " هو بعض العلماء الذي اتصوره من المجموع المكوّر أي من تعدد الدال والدلول. فالنتيجة ان كلمة عالم المستعمل فيه نفس الموضوع له ولذلك هو حقيقة وليس مجازا. ولذلك حال التطبيق إذا قصد شخصا ما بعينه صار شبه كالنكرة المقصودة في قول الاعمى: " يا رجلُ خذ بيدي " ومرة يقول " يا رجلا خذ بيدي " أي رجل. فمع القصد والعهد والتعيين " رجلُ " عومل معاملة المعرفة منادى مبني على الضم في محل نصب، اما " رجلا " منادى منصوب، لكن في عالم الاستعمال واحد استعمال حقيقي وليس مجاز، وفي التطبيقات اختلف.

لذلك لا فرق بين من اعرفه كمخاطب او من لا اعرفه كمخاطب، او لا فرق بين من يعرفه المخاطب ومن لا يعرفه المخاطب بالاستعمال.

مثلا قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ [2] وفي آية اخرى ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ [3] هناك استعمالان هل هناك فرق بينهما. نقول: لا فرق في الاستعمال بين كون النكرة معروفة عند المخاطب أو المخاطب وغيرهما، فالاستعمال هو في الماهيّة المهملة.

 


[1] الفرق بين النكرة والمعرفة: النكرة تنطبق على كل فرد يشبهها بينما المعرفة لا تنطبق إلا على هذا الفرد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo