الموضوع: المطلق والمقيّد.

    • الفرق بين المتقابلين والمتخالفين هو التنافر المأخوذ في المتقابلين.

    • اقسام التقابل.

    • وجهة نظر من قال بان الإطلاق والتقييد من قبيل الملكة والعدم كالشيخ الانصاري (ره).

التذكير باستعمال النكرة، وقلنا ان النكرة مستعملة في الماهيّة الموضوع لها، أي الماهيّة المهملة، وهو استعمال حقيقي، وليس استعمالا مجازيا كما ذهب اليه بعض القدماء، والتطبيق على الافراد، وقد يكون هذا الفرد معلوما عند المخاطب ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾[1] وقد لا يكون معروفا مثلا:" يا رجلا خذ بيدي " في كل الحالات النكرة مستعملة فيما وضع له. وقلنا ان الاستعمال هو عبارة عن إيجاد المعنى اعتبارا لا حقيقة، ولذلك عبّر عنه صاحب الكفاية (ره) بان الاستعمال فناء وليس علامة.

التعريف في قولنا: " الرجل " او في قوله تعالى:﴿كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ﴾ [2]

أن لام " المصباح " في اسم النكرة الجنس هذا التعريف أتى من باب تعدد الدل والمدلول وهي للعهد الذكري، وليست مجرّد لام تزينيّة وان وجودها وعدمها سواء، و " رجل " تدل على اسم النكرة الجنس. وهنا ليس معناه ان اللام استعملت في غير معناها ولا ان كلمة " مصباح " استعملت في غير معناها وهو مجاز، بل هو مركب من باب تعدد الدال والمدلول.

انتهينا من التلخيص وننتقل إلى مطلب مقدمات الحكمة والإطلاق، ومطلب انه لو جاء مطلق ومقيّد فأيهما يقدّم على الآخر؟

هل الاطلاق والتقييد متقابلان أو متخالفان؟ ومن أي نوع من التقابل؟

الاطلاق والتقييد تقابلهما من باب تقابل الضدين:

لا شك في أن الاطلاق والتقييد لا يجتمعان في مكان واحد وفي زمان واحد ومن جهة واحدة، ولا شك أنهما من المتقابلين، فإن الأشياء التي لها هذه الصفات إما ان تكون متخالفة أو متقابلة.

الفرق بين التقابل والتخالف والمشترك بينهما:

التخالف كالطاولة والفرس، والتقابل كالوجود والعدم. يشتركان في كونهما لا يجتمعان في المكان والزمان والجهة الواحدة. ويفترقان في ان التقابل فيه تنافر بخلاف التخالف، فالسجادة والطاولة ليسا متنافرين، اما الوجود والعدم فهما متنافران.

ولقد أجاد المناطقة حين عرّفوا المتقابلين بانهما الأمران المتنافران اللذات لا يجتمعان في مكان واحد وزمان واحد وجهة واحدة. فالإطلاق والتقييد من المتقابلين للتنافر بينهما.

أقسام التقابل: قسّموا التقابل إلى أربعة أقسام:

الأول: النقيضان: المعنيان المتنافران وهما لا يرتفعان ولا يجتمعان كالوجود والعدم. والاطلاق والتقييد ليسا من هذا القسم.

الثاني: الملكة والعدم، وهما اللذان لا يجتمعان ولا يرتفعان فيما من شانه الاتصاف بهما، كالأعمى والبصير، فالحجر لا يسمى لا اعمى ولا بصير لانه ليس من شأنه ان يبصر. ولهذا ثمرة كبيرة لان الاطلاق والتقييد إذا كانا من الملكة والعدم الشيخ الانصاري (ره) فرّع فرعا خطيرا قال إذا استحال التقييد استحال الاطلاق، وادخلنا في العديد من الإشكالات كالاشكال على أخذ داعي الأمر وأخذ العلم وأخذ العناوين الثانويّة في العبادات.

الثالث: الضدان وهما امران، وجوديان متقابلان، متنافران، لا يجتمعان ويمكن ان يرتفعا كالأسود والأحمر، الالوان.

الرابع: المتضايفان امران وجوديان وهما اللذان لا يجتمعان بالإضافة إلى جهة واحدة، كالأبوّة والبنوّة.

ولا شك ان الإطلاق والتقييد ليسا من النقيضين فهما يرتفعان عن الحجر وغيره، فيدور الامر بين الثلاثة الباقيّة.

ولتنقيح المسألة لا بد من لفت النظر إلى ان الضدين امران وجوديان وكذلك المتضايفان، اما الملكة والعدم فهما أمران وجودي وعدمي.

وجهة نظر من قال بان الاطلاق والتقييد من قسم الملكة والعدم:

قال (الشيخ الانصاري (ره)) إن الإطلاق هو عدم التقييد فيما من شأنه ان يقيّد، فكما لا يصح أن يقال للحجر أعمى، لأنه ليس من شأنه أن يبصر، فيما فيه قابلية الاتصاف يكون فيه قابلية عدمه [3] .

غدا نكمل وجهة نظر الشيخ النصاري (ره) الذي قال بالملكة والعدم، وقال انه إذا استحال التقييد استحال الاطلاق أدى إلى الاشكال كيف يجوز اخذ داعي الامر في متعلّقه في العبادات، والذي ادّى إلى ما ذهب اليه النائيني (ره) من باب متمم الجعل. وهذه الثمرات ادّت إلى ثمرات فقهيّة.