الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
43/06/06
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: المطلق والمقيّد. مقدمات الحكمة:
• الاطلاق والتقييد ضدان، ولا مانع من كونهما من المتضايفان ايضا.
• الثمرة من ذلك.
• مقدمات الحكمة موضوع ثبوت العنوان.
• مقدمات الحكمة باختصار ثلاث: 1- ان يكون المتكلّم في مقام بيان، 2- وأمكن ان يبيّن، 3- ولم يبيّن.
النتيجة: إن الإطلاق والتقييد هما متقابلان من باب الضدين، ولا مانع من كونهما أيضا من باب المتضايفين لا من باب الملكة والعدم. ولا مانع من كونهما أمرين يجتمع فيهما عنوانين متقابلين أي يكونان ضدين وايضا متضايفين. [1]
وقلنا ان الثمرة هي انه عندما لا يمكن التقييد هل يجب ان نذهب إلى الاطلاق؟ وتظهر الثمر تطبيقية في مسألة اخذ1 داعي الامر في متعلقه
هل داعي الأمر مأخوذ في متعلّق الأمر؟ مثلا: أصلي فرض الظهر بداعي امرها. الشيخ الانصاري (ره) واشكاله الشهير قال انه لا يمكن اخذ داعي الأمر في متعلّق العبادة. حيث ذهب بعضهم إلى ان العبادة لا تتم إلا بداعي الأمر. فإذا كان التقييد بداعي الأمر محالا يعني كل الاطلاق محالا بناء على كون الاطلاق من باب الملكة والعدم، وإذا كان الاطلاق ايضا محالا، فكيف أستطيع ان اقول ان الاصل في الاشياء التوصليّة وأحكم أصالة الاطلاق؟
ولذلك ذهب كل في طريق كما ذكرنا
الجواب: نذكر بالمسألة الاصوليّة وتطبيقاتها الفقهيّة الكثيرة: أننا لا نقول بان داعي الأمر له مدخلّة في مفهوم العبادة، بل العبادات مفاهيم مستقلّة عن الأمر بها وتكون في مرحلة سابقة على الأمر، وهكذا قصد التقرّب. وقلنا ان العبادة أمر موجود عند البشر وليست اختراعا شرعيا، وهي عبارة عن علاقة بين العابد ومعبوده حتى انها ليست بمعنى الدعاء كما درسنا، فحتى عابد الصنم عنده عبادة مع انه ليس هناك أمر من معبوده، فهو يصلي للصنم ويقدّم النذورات إليه ذلك من العبادات.
مقدمات الحكمة:
المقدمات تتلخّص في ثلاث جمل: ان يكون المتكلّم في مقام بيان، وأمكن ان يبيّن، ولم يبيّن.
فحينئذ بعد ثبوت العنوان ينعقد للكلام ظهور في الاطلاق.
وتلخيص هذه الكلمات ورد في ذهني منذ كنت طالبا في النجف الأشرف، وهي على بساطتها واضحة جليّة مفهومة، نعم توجد بعض المباحث التي لا بد من بحثها في كل منها.
وببركة مقدمات الحكمة وانعقاد الظهور تم عدم اشتراط التقييد وظهور الكلام في الاطلاق ببعض الأمور في المعاملات، بل وفي العبادات بناء على كونها معان لغويّة لا شرعيّة، أي بناء على الحقيقة اللغويّة في المعاملات والعبادات.
والاطلاق يكون بعد تثبيت العنوان لذلك قلت ان هناك قاعدة واحدة في كل الشكوك في الاجزاء والشرائط والموانع والقواطع والروافع، في كل العبادات والمعاملات:
على مستوى الاصل اللفظي وهي: انه إذا تم القول بعدم الحقيقة الشرعيّة بل الحقيقة اللغوية فإذا شككت في أمر ما هذا المشكوك اطرده بأصالة الاطلاق، مثلا سندات الخزينة، أو اشتراط اللغة العربيّة في عقد النكاح. فإذا أصالة الإطلاق على مستوى الاصل اللفظي جارية في كل اجزاء العبادات والمعاملات.
اما على مستوى الاصل العملي في العبادات فنجري مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ونتائجها، اما في المعاملات فنجري مسألة أصالة الفساد.
تطبيق فقهي: عندما يتم انطباق عنوان على عقد ما كالزواج المدني مثلا إذا كان زوجا لغة وعرفا، تمّ احكامه لان الاحكام تابعة لعناوينها، فإذا شككت في التقييد بقيد ما نستطيع طرد هذا الاشتراط بأصالة الاطلاق الناشئة من مقدمات الحكمة. وفي قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [2] وشككت في صحّة بيع الصبي، أي شككت في تقييد متعلّق الحكم " البيع " بكون البائع بالغا، أقول: بيع الصبي صحيح عرفا [3] ، أي عند الناس والعقلاء فينطبق عليه ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [4] والشارع لم يقيّد الحليّة بكون البائع بالغا، وهو في مقام بيان ولو أراد لبيّن، فالنتيجة عدم اشتراط البلوغ.
وهذه قاعدة عامّة لكل الشروط المشكوكة.
ومثال آخر في غير العقود: قوله تعالى: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ [5] لم يقيّد الله باي قيد وهو قادر على التقييد، فيكون متعلّق الحكم مطلقا، وأستطيع تحرير أي رقبة في مقام الامتثال.