< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. مقدمات الحكمة.

     المقدّمة الأولى: ان يكون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد، وقد يكون من كل الجهات وقد يكون من بعض الجهات.

     إذا كان في مقام بيان من بعض الجهات فيكون الكلام مطلقا من جهة ومهملا من الجهات الأخرى.

بعد تلخيص ما مرّ نعود لمقدمات الحكمة:

المقدّمة الأولى: ان يكون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد، وليس في مقام إهمال أو إجمال، (والفرق بينهما هو عدم القصد في الإهمال، وقصد الإهمال في الإجمال) والمراد من كونه في مقام بيان ان يكون الآمر المتكلّم في مقام بيان تمام المراد بمعنى ان يكون ملتفتا إلى كل القيود، فإذا لم يذكره أدى إلى ظهور الكلام في الاطلاق ونفي القيد.

وحالة كونه في مقام البيان لها صورتان:

الاولى: ان يكون في مقام البيان من كل الجهات كما لو قال: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [1] ." اعدلوا " أمر ولو كان ارشاديا يشمل العدل في كل انحاء الحياة، العدل في القوم والبيت والمجتمع ومع الآخرين، العدل مطلقا في كل الجهات والحالات والامكنة من دون أي قيد.

الثانية: ان يكون في مقام البيان في بعض الجهات دون الأخرى، فيكون الكلام مطلقا في هذه الجهات لو لم يقيّد، أما من حيث الجهات الأخرى فيكون مهملا، واذكر مثالا على ذلك: في قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [2] الشارع في مقام بيان حكم أكل الطريدة من حيث أصل الحليّة، وليس من حيث الجهات الأخرى الطارئة، فتكون الآية مطلقة من حيث بيان أصل الحليّة، فأطرد كل قيد مشكوك بهذا الاطلاق. اما من الجهات الأخرى الطارئة كالنجاسة من فم الكلب أو الضرر الصحي أو غير ذلك فهي مهملة، لان الشارع ليس ناظرا إليها. فلو شككت انه هل تحل الطريدة لو اصطادها الكلب وقتلها من قدمها لا من الحلقوم، أو اصطادها بالعضّ في بطنها؟ بعبارة اخرى: هل يشترط ان يكون الاصطياد بالعض بالحلقوم؟

فحينئذ نقول: الآية في مقام بيان حليّة أكل طريدة كلب الصيد، ولم يبيّن الشارع محل الاصطياد، إذن الآية مطلقة، واطرد هذا الشرط المشكوك بالإطلاق.

اما لو شككت بجواز الاكل من جهة النجاسة، فلا أستطيع الاستدلال بإطلاق الآية، لأنها ليست في مقام البيان من هذه الجهّة، بل هي مهملة من هذه الجهة.

ومثال آخر: في مقام الجواب على سؤال علمي شرعي: هل يجوز إجراء عمليّة التلقيح الاصطناعي – ما يسمى بطفل الانبوب – وكان الجواب: نعم يجوز.

فأورد بعض الحاضرين على الجواب بأن إجراء العمليّة يستلزم النظر أو اللمس المحرميّن، وبالتالي تصبح العمليّة محرّمة.

والجواب: ان السؤال كان بلحاظ أصل الحليّة، فالإجابة تكون كذلك، اما الأحوال والكيفيات فليست ناظرة اليها، فتكون الإجابة في الواقع هكذا: أصل عمليّة التلقيح الاصطناعي جائزة من حيث هي، اما من الجهات الأخرى فتحتاج إلى بيان آخر.

مسألة: إذا شككت في كون المتكلّم في مقام بيان فما هو الأصل، هل الأصل البيان أو الإهمال؟

هذه المسألة لا بد من بحثها لان لها ثمرة ونتيجتها هي: هل الأصل الإطلاق في متعلقات الحكم أو عدمه؟

والجواب: إن للحكم ثلاث حالات:

إما ان يكون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد ولم يقيّد، فهذا لا شك في حصول الظهور في الإطلاق لو لم يقيّد.

واما ان يكون في مقام بيان وقد قيّد، فهذا لا شك في حصول التقييد.

واما ان نشك في كونه في مقام بيان من بعض الجهات، وحينئذ ما هو الأصل؟

سنصل إلى نتيجة ان شاء الله ان الشارع بالخصوص الأصل ان يكون في مقام البيان، وفرق بينه وبين الآمر العرفي. وهناك رأي للسيد الخوئي (ره) في هذه المسألة سنتعرض له.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo