< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. مقدمات الحكمة.

     المشهور ان الأصل في المتكلّم ان يكون في مقام بيان.

     بيان رأي السيد الخوئي (ره) في التفصيل بين ان يكون الشك ان المتكلّم في مقام بيان أصل التشريع أو بيان تمام المراد، أو ان يكون الشك في بيان تمام المراد وجهته، فالسيرة العقلائية بنظره ثابتة في الأول دون الثاني.

     بيان كلام صاحب الكفاية (ره) في ثبوت السيرة العقلائية على كون الأصل ان يكون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد. واستدل عليه بثبوت ذلك عند أهل المحاورة، واستبعد كون الشمول لجميع الافراد بسبب الوضع.

 

نكمل الكلام فيما لو شككنا ان المولى الآمر في مقام بيان تمام المراد أو في مقام الإهمال أو شككنا في جهة أو من كل الجهات.

نقول: ان محور الكلام في هذه المسألة هو انه إذا كان هناك سيرة عقلائيّة على ان الأصل ان يكون في مقام بيان تمام المراد فنعمل بها، فلو لم تكن هناك سيرة عقلائية فلا دليل على ذلك. [1]

فلنستعرض كلام السيد الخوئي (ره) وكلام صاحب الكفاية (ره) في المسألة:

صاحب الكفاية قال بانه ثبتت سيرة عقلائية على ذلك، لان المولى الحكيم ونشك انه في بيان تمام المراد، فالأصل ان يكون في مقام بيان تمام المراد، النتيجة هذا يؤدّي إلى ظهور في الاطلاق.

يقول السيد الخوئي (ره) في المحاضرات: فالمعروف والمشهور بين الأصحاب هو استقرار بناء العقلاء على حمل كلام المتكلم على كونه في مقام البيان إذا شك في ذلك، ومن هنا قالوا إن الأصل في كل كلام صادر عن متكلم هو كونه في مقام البيان (تمام المراد) فعدم كونه في هذا المقام يحتاج إلى دليل.

ولكن الظاهر أنه غير تام مطلقا، وذلك لأن الشك تارة من جهة ان المتكلم كان في مقام أصل التشريع (يكون الكلام مهمل غير ناظر لبيان الأجزاء والشرائط) أو كان في مقام بيان تمام مراده كما إذا شك في أن قوله تعالى: " أحل الله البيع " في مقام بيان أصل التشريع فحسب كما هو الحال في قوله تعالى " أقيموا الصلاة " أو في مقام بيان تمام المراد ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك بالإطلاق لقيام السيرة من العقلاء على ذلك الممضاة شرعا، وأخرى يكون الشك من جهة سعة الإرادة وضيقها يعني انا نعلم بأن كلامه اطلاقا من جهة ولكن نشك في اطلاقه من جهة أخرى كما في قوله تعالى: " كلوا مما أمسكن " حيث نعلم بإطلاقه من جهة ان حلية أكله لا نحتاج إلى الذبح سواء أكان إمساكه من محل الذبح أو من موضوع آخر، كان إلى القبلة أو إلى غيرها، ولكن لا نعلم بأنه في مقام البيان من جهة أخرى، وهي جهة طهارة محل الامساك ونجاسته، ففي مثل ذلك لا يمكن التمسك بالإطلاق كما عرفت، لعدم قيام السيرة على حمل كلامه في مقام البيان من هذه الجهة.[2]

نتيجة كلام السيد (ره) انه ليس هناك سيرة عقلائية على أن يكون المتكلم في مقام البيان من كل الجهات.

اما كلام صاحب الكفاية (ره) المعارض تماما لكلام السيد الخوئي (ره) فيقول: بقي شيء: وهو أنه لا يبعد أن يكون الأصل فيما إذا شك في كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد، هو كونه بصدد بيانه، وذلك لما جرت عليه سيرة أهل المحاورات من التمسك بالإطلاقات فيما إذا لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها إلى جهة خاصة، (لذا ان القضية المهملة أي الموضوع له ينطبق على افراده قهرا) ولذا ترى أن المشهور لا يزالون يتمسكون بها، مع عدم إحراز كون مطلقها بصدد البيان، وبُعدَ كونه لأجل ذهابهم إلى أنها موضوعة للشياع والسريان،

(وكأن صاحب الكفاية هنا يقول ان العقلاء عندهم ان المتكلم في مقام البيان إذن الأصل ان نجري أصالة الاطلاق أي انه كلما انطبق اللفظ على فرد اخذ به، واشكل على كلامه بان الاطلاق هنا وشمول جميع الافراد ليس من السيرة العقلائيّة، بل لان اللفظ موضوع للإطلاق، أي ان الاطلاق جزء من الموضوع له، كلمة " رجل " مثلا ليست موضوعة للماهيّة المهملة، بل هي موضوعة للماهية المطلقة، فيكون الاطلاق جزءا من الموضوع له، ولما كان كذلك فشمول العنوان لجميع افراده يكون بسبب الوضع الذي هو انطباق قهري لا بسبب السيرة العقلائية).

يكمل صاحب الكفاية: وإن كان ربما نسب ذلك إليهم، ولعل وجه النسبة ملاحظة أنه لا وجه للتمسك بها بدون الاحراز والغفلة عن وجهه، فتأمل. [3]

نتيجة كلام صاحب الكفاية ان هناك سيرة عقلائية على ان الأصل في المتكلّم ان يكون في مقام بيان تمام المراد فالسامع يفهم حينئذ انه في مقام بيان تمام المراد فتجري أصالة الاطلاق عند الشك في كل جهة أشك فيها.

اما ما سنذهب اليه اننا سنفرّق بين الشارع المقدّس وغيره.

 


[1] استطراد: ذلك ان الظهور هو من الشؤون العقلائية، فتكون السيرة العقلائية هي المرجع. ومثال على ذلك: حجيّة خبر الواحد الذي اعتبره الشارع، ودليله كان السيرة العقلائيّة، إذن جميع اللوازم لخبر الواحد أيضا نرجع فيها للسيرة العقلائية. وكذلك في التعارض قلنا اننا نأخذ بالأرجح عقلائيا لان العقلاء يعملون بالأرجح عند التعارض، والدليل على ذلك ان العقلاء على ذلك. فتكون سيرة العقلاء هي المرجع في كل ما له علاقة بالخبر من مسائل وفروع وشككوك، مثلا: هل الخبر حجة للمشافهين والحاضرين أو يشمل غيرهم، فنرجع للسير العقلائية لانها هي الدليل والحجّة في الأصل وهو حجيّة خبر الواحد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo