< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. لو ورد مطلق مقيّد.

     إشكال الفرق بين المتخالفين في السلب والإيجاب، والمتوافقين.

     الوجه الأول في الجواب: إن حمل المطلق على المقيّد جمع بين المتنافيين فهو أولى من الحمل على أفضل الأفراد، ويرد عليه: ان الثاني أيضا يرتفع به التنافي من دون الغاء أحد البيانين.

     إن رفع التنافي بكلا النحوين جمع بين المطلق والقيّد، لكن يقع الكلام في ان ايهما أولى: رفع اليد عن ظهور المطلق في إطلاقه، أم إطلاقه، أم رفع الأمر في المقيّد عن الظهور في الوجوب التعييني؟

ملخص ما مرّ: قلنا ان المطلق والمقيّد متنافيان سواء كانا مختلفين أم كانا متفقين في السلب والإيجاب.

البحث كيف نرفع هذا التنافي، أي كيف يرفع العرف اللغوي هذا التنافي وليس رفعا تبرعيّا. وقالوا ان رفع التنافي يكون بطرق متعددة، وقد ذكرنا انهم قد تسالموا على انه في المختلفين في السلب والإيجاب يحمل المطلق على المقيّد، أما في المتفقين فقد اختلفوا، بعضهم ذهب إلى حمل المطلق على المقيّد، وبعضهم الآخر ذهب إلى حمل المقيّد على كونه اميز الأفراد.

طرح السيد الخوئي (ره) اشكالا في محلّه وهو انه لماذا اتفقوا في المختلفين واختلفوا في المتفقين طالما انهما من وادٍ واحد، الصيغة واحدة ولا علاقة للسلب والإيجاب، فكما نحمل " أعتق رقبة " و " أعتق رقبة مؤمنة " في المتفقين في الإيجاب، على افضل الأفراد، أيضا في المتخالفين " اعتق رقبة " و" لا تعتق رقبة كافرة " فنحمل المقيّد على انه أخس الأفراد، فما الفرق بين القسمين؟

وأجيب عن ذلك بوجوه:

الوجه الأول: إن حمل المطلق على المقيّد أولى من حمل المقيّد على كونه أفضل الأفراد، أي تقييد المطلق وإرادة خصّة خاصّة منه اولى، لأنه جمع بين الدليلين، فإن الجمع بينهما وإبقائهما على الحجيّة خير من طرح الوجوب والإلزام في المقيّد. عندما أقول: " أعتق رقبة " ثم أقول: " أعتق رقبة مؤمنة " إذا حملت المطلق على المقيّد أكون قد جمعت بين الدليلين ابقيت المطلق على انشائه وفسّرته بالعموم، إذن الكلام في التفسير فقط، فيبقى المطلق على انشائه ودلالته والمقيد يبقى على دلالته، كلاهما منشأين وبقاؤهما افضل من الغاء أحدهما وترك الآخر، والسبب في ذلك قالوا لأنه إذا حملنا على افضل الأفراد فكأني ألغيت المقيّد، وحكمه موجود ضمن المطلق، فما فائدة المقيّد هنا؟

بتعبير أوضح: مشكلة المقيّد والمطلق هي في التنافي، مرّة ارفع التنافي برفع أحدهما وإلغاء أحد الطرفين، وتارة مع بقاء الأمرين الدليلين وبقاؤهما خير من أن ارفع التنافي برفع أحدهما.

الجواب: نحن إذا حملنا المطلق على المقيّد بقي البيانان والجعلان وفي نفس الوقت رفعنا التنافي، إذا حملت المطلق على المقيّد وكان المراد الجدّي هو الرقبة غير الكافرة، الرقبة المؤمنة، فلا أكون قد الغيت البيان ويكون المراد الاستعمالي شيئا والمراد الجدي شيئا آخر، ارفع اليد عن ظهور اللفظ في المراد الاستعمالي، والمراد الجدي هو خصوص حصّة معيّنة. هذا بالنسبة للمطلق. ورفع اليد عن المراد الجدّي ليس رفعا عن لأصل البيان.

ملخص الكلام في الجواب ان حمل المطلق على المقيّد جمع بين الدليلين مع رفع التنافي وبقاء الدليلين، ولذلك كان حمل المطلق على المقيّد حتى في الإيجابيين أولى.

وتعليقا على هذا الكلام نقول: انني حين حملت المطلق على المقيّد رفعت اليد عن إطلاق المطلق، أي تدخلت في الدلالة، وحين اجعل المقيّد أفضل الافراد أكون قد رفعتن اليد عن الوجوب التعييني للمقيّد وهو " اعتق رقبة مؤمنة " واصبح دليلا على الرجحان بدل الوجوب، فأكون قد تدخلت في الدلالة، وهذا التدخل كالتدخل في حمل المطلق على المقيد، هناك في حمل المطلق على المقيّد تدخلت في المراد من المطلق، وهنا تدخلت في دلالة الصيغة على الوجوب. فإذن كلاهما جمع وليس الغاء بل هو تدخل في المراد.

النتيجة: كما حمل المطلق على المقيّد يرفع التنافي وهو جمع بين الدليلين من دون الغاء أحدهما، أيضا حمل المقيّد على اميز الأفراد جمع بين الدليلين دون الغاء أحدهما.

نعم يقع الكلام أيهما أولى: رفع اليد عن المراد من المطلق أو رفع اليد عن الوجوب إلى الاستحباب؟

بعضهم قال باننا نرفع اليد عن الوجوب أولى لأن ظهور المطلق في الاطلاق اقوى من ظهور الصيغة في الوجوب. سنبحث ذلك في مقام الارجحيّة وسنصل إلى نتيجة انه عندما يكونا متوافقين ومع عدم القرينة نحمل الفرد المقيّد على أميز الأفراد وأبرزها، وقلنا ان التمييز لكونه أخس الأفراد أو للإضاءة عليه لأنه منسي أو مهمّش.

إذن الجواب الأول: إن حمل المطلق على المقيّد أولى من حمل المقيّد على كونه أفضل الأفراد، أي اننا خصصنا المطلق، لأنه جمع بين الدليلين، فإن الجمع بينهما وإبقاءهما على الحجيّة خير من طرح الوجوب والإلزام في المقيّد.

وأجيب: إن الحمل على أفضل الأفراد ليس طرحا للمقيّد، بل بيان لرجحانه، لم اطرحه بل تدخلت في الظهور والمراد، وبهذا يجمع بين الدليلين ايضا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo