< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. لو ورد مطلق مقيّد.

     وجه حمل المقيّد على أميز الأفراد في المتوافقين.

     وجه استبدال كلمة أفضل الأفراد بـ " اميز ".

     من المؤيدات: اصالة التطابق بين المراد الجدي والمراد الاستعمالي.

 

ذكرنا انه إذا اتفقا في السلب والإيجاب، اما ان نحمل المطلق على المقيّد أي نرفع اليد عن الاطلاق، وإما ان نحمل الفرد على كونه اميز الافراد، وذكرنا الدافع الذي دفعنا للتعبير بأميز الأفراد وليس أفضل. وبيّنا وجه حمل المطلق على المقيّد.

وجه حمل المقيّد على الفرد المميّز: مثلا ورد: " كل مشي عبادة " ثم قلنا: " المشي إلى بيت الله عبادة "، فهل نحمل مطلق المشي على خصوص بيت الله، أو يبقى على اطلاقه وبقاء التخيير، وحمل المقيّد على كونه أميز الأفراد.

ان المشكلة حتى في الإيجابيين هي في التنافي بين المطلق والمقيّد، لان المطلق يدلّ على الوجوب التخييري ففي مثال " أعتق رقبة " انت مخيّر بعتق أي رقبة، وتطبيق المفهوم على افراده عقلي لا علاقة للشرع فيه والامتثال تخييري كذلك. وإذا قلت " أعتق رقبة مؤمنة " أكون قد عينت نوع الرقبة، والتعييني ينافي التخييري، هذا التنافي كيف ارفعه؟

ولرفع التنافي قلنا انه يكون بأحد طريقين: إما ان نجعله اميز الافراد أو حمل المطلق على المقيّد.

ومع الحمل على اميز الافراد يرتفع التنافي. وقد يكون للتمييز ليس لأنه أفضل الافراد، بل لأوامر أخرى، كأن يكون مهمشا أو ان يكون ممن إذا كرّمته يؤثّر بلوازم أخرى او تسليط الضوء عليه، أو غير ذلك من دواعي التمييز، وذكرنا مثال العطف في " أكرم العلماء وأكرم زيدا " مع ان زيد فرد من العلماء. فما الداعي لذكر زيد؟ قالوا ان عطف الخاص على العام لغو إلا إذا كان لغاية عقلائيّة كالإضاءة عليه وعدم تهميشه وقد يكون اخس الافراد او للوازم فيرتفع اشكال اللغوية.

ويؤيّد الحمل على اميز الافراد من دون وصوله مرحلة الدليليّة:

     إن الدواعي لذلك كثيرة جدا، ومستعملة كثيرة جدا، وذكرنا مثال على ذلك روايات عبادية المشي المطلقة، ثم أتت روايات مقيّدة بزيارة الحسين (ع)، وبالحج، والعمرة، وصلاة الجماعة، والاستسقاء، وعيادة المريض مشيا. كثرة الأفراد من باب تسليط الضوء عليها بالذات أو لمزية خاصّة سلبا أو إيجابا أو لأمر آخر.

     ان الأصل التطابق بين المراد الاستعمالي والمراد الجدّي [1] ، فإذا كان المراد الاستعمالي هو الماهيّة غير مقيّدة، فالأصل ان يكون المراد الجدّي كذلك إلا إذا كان هناك قرينة على ذلك. وبهذا فالأصل أن يبقى المطلق مطلقا حتى يثبت تقييده، وجعل المطلق المراد منه خصوص حصّة خاصة يحتاج إلى دليل، وبذلك يبقى المطلق على إطلاقه ويحمل المقيّد على الفرد المميّز.

وهذان مؤيدان لذلك نقول لو جاء مطلق ومقيّد إذا كانا ايجابيين نحمل المقيّد على أنه الحصّة الأميز.

هذا كلّه في التكليفيات.

اما في الوضعيات [2] : ...

 


[1] استطراد، التذكير بجواز العمل بالخبر الواحد: الخبر الواحد لا يكون حجّة إلا إذا أجرينا أربع أصالات: اصالة السند، اصالة الجهة، اصالة الظهور، اصالة التطابق. اصالة السند لطرد احتمال السهو والنسيان والخلل عن الراوي. واصالة الجهة أي جهة الصدور هل مراده جديا أو لا، لطرد التقيّة أو الامتحان أو لكل غاية لا اريد منها الأمر الواقعي. واصالة الظهور أو وعبّر عنها بأصالة الدلالة، كأصالة العموم والاطلاق والحقيقة كل الظهورات. واصالة التطابق تعني التطابق بين المراد الجدّي والمراد الاستعمالي ولا يكون المراد مجرّد امتحان أو حصّة خاصّة ويمكن إرجاع الأصالة الأخيرة إلى الثالثة. وهذه الاصالات التي ندرسها كثيرة نجدها في حياتنا العمليّة.
[2] التذكير بمعنى الحكم التكليفي والوضعي: من نفس اللفظ نفهم المعنى التكليف هو دفع أو زجر للعمل أو لعدم العمل، ولذلك قسّموا الأحكام التكليفيّة إلى خمسة، واشرنا في درس سابق إلى السنن. انما معنى الوضع هو انشاء وضعيّة معيّنة لم تكن موجودة كالزوجية والاخوّة والابوة والبنوة، والشرطية والجزئية، فالركوع جزء من الصلاة فالجزئية حكم وضعي لعدم وجود الدفع فيه، وكذلك الاستقبال الذي هو شرط في الصلاة الشرطية فيه حكم وضعي أيضا، نعم الأوضاع تكون مصبا للأحكام الزوجيّة وهي عقلائية وليست اختراعا شرعيا، فان الناس لوجود الاحكام المتناثرة لتنظيمها اخترعوا أوضاعا متعددة لها احكام، ولذلك الاحكام الوضعيّة لم تقسّم إلى الوجوب والحرمة والاستحباب والاباحة والكراهة كما قسّموا التكليفيات، قسموا الوضعيات إلى الجزئية او الشرطية او المانعية او القاطعيّة أو الرافعيّة أو الصحّة أو الفساد لانها أوضاع لها احكام تكليفيّة. لذلك فلنسمّ الوضعيات بالمجعولات فلا تكليف فيها ولا دفع للعمل. أما إذا كان الحكم بمعنى الجعل فيشملها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo