< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. هل تجري قواعد المطلق والمقيّد في الواجبات كما تجري في المستحبات؟

     اشكال السيد الخوئي (ره) على صاحب الكفاية (ره) في بيان الوجه الأول للفرق من ان الغلبة لا يؤدي إلى ظهور.

     تعليق على كلام السيد الخوئي (ره).

     الوجه الثاني: ما ذكره صاحب (ره) أيضا من ان المستحبات مبتية على التسامح في ادلّة السنن.

 

تعليقنا على اشكال السيد الخوئي (ره) على صاحب الكفاية (ره) في ان الغلبة لا تؤدي إلى ظهور

يقول الفقير إلى رحمة ربه تعليقا على ذلك: ان الغلبة وإن لم تكن موجبا للظهور، ولكنها كثيرا ما تكون موجبة لعدم ظهور المطلق في إطلاقه أيضا بل للإنصراف أحيانا لكثرة الاستعمال، ويجمعها عدم الظهور في الاطلاق لانه مسألة عقلائية عرفيّة يفهمها الناس [1] ، فان الظهور أمر وجودي وليس بسبب الوضع بل بسبب الأمور العقلائيّة، والعقلاء عندما يرون ان أكثر الاستعمالات والمرادات في الاستحباب ومع القرينة المستحكمة واحتمال القرينيّة لا نستظهر الاطلاق ولا العموم ولا الحقيقة. وبالتالي المفروض ان لا يبقى المطلق على إطلاقه.[2]

نعم، لو قلنا ان الظهور هو من باب أصالة عدم القرينة فهذا يدل على الظهور في الاطلاق. لكن لما كان الاطلاق ليس من باب عدم القرينة بل من باب الظهور الامر الوجودي لا تنفعنا هنا اصالة عدم القرينة. وبالتالي المفروض ان لا يبقى المطلق على اطلاقه.

أو أن يدّعى بقاء ظهور المطلق على إطلاقه، ألا ترى ان اغلبيّة المراد من العموم هو الخصوص حتى قيل: "ما من عام إلا وقد خصّ"، ومع ذلك بقي العام عند عدم القرينة ظاهر في العموم. وأيضا هنا في المطلق والمقيّد نفس الشيء، المطلق استعمل كثيرا في المقيّد ومع ذلك عند عدم القرينة يبقى الاطلاق، وكذلك الامر في الحقيقة والمجاز، ولعلّ الاستعمالات المجازية كثيرة وخصوصا عند العرب، ومع ذلك عند الاطلاق يظهر اللفظ في المعنى الحقيقي.

النتيجة: ان غلبة الاستعمال لا تعني ابدا ظهورا في الغالب إلا إذا أدّت إلى انصراف.

الوجه الثاني: ما ذكره صاحب الكفاية في الفرق بين الواجبات والمستحبات أي في جواب التساؤل: لماذا في المستحبات تسالموا على عدم حمل المطلق على المقيّد والمقيّد عبارة عن أميز الأفراد، بخلاف الواجبات.

يقول صاحب الكفاية: " أو انه كان بملاحظة التسامح في ادلة المستحبات، وكان عدم رفع اليد من دليل استحباب المطلق بعد مجيء دليل المقيّد وحمله على تأكد استحبابه من التسامح فيها ". [3]

بيانه: ان قاعدة التسامح في ادلّة السنن: " من بلغه ثوابا على عمل كان له ذلك وان كان رسول الله (ص) لم يقله " الاستحباب يستند إلى التسامح، وهذه القاعدة كلّي مشكك تعني ان استحباب فرد خاص لا يقيّد المطلق، فالمستحب لا يوجد فيه وجوب تعييني وهو مبني هنا على التسامح بناء على قاعدة " من بلغه "، فلا تنافي وقد قلنا ان التنافي بين المطلق والمقيّد لان المطلق ظاهر في التخييري والمقيد ظاهر في التعييني، والتخيير يتنافى مع التعيين.

وقد فهم بعضهم ولعلّ السيد الخوئي (ره) منهم أن المراد هو قاعدة التسامح في أدلة السنن، أو قاعدة " من بلغه "، ولذلك قال في بيان هذا الوجه: " ثانيها أيضا ما ذكره (قده) وحاصله هو أن ثبوت استحباب المطلق إنما هو من ناحية قاعدة التسامح في أدلة السنن، فان عدم رفع اليد عن دليل استحباب المطلق بعد مجيئ المقيّد وحمله على تأكد استحبابه من التسامح فيها ". [4]

بيانه: ان حمل المقيّد على تأكد الاستحباب وبقاء المطلق على اطلاقه هو تسامح في ادلّة السنن. [5]

ولذلك أورد عليه ثلاثة ردود بناء على ان مراد صاحب الكفاية (ره) هو هذه القاعدة، وملخصها:

 


[1] لذلك عندما تأتي بعض الأوامر التي يستفاد منها بعض الاحكام الشرعيّة في الواجبات، ومع القول ان صيغة الامر ظاهرة في الوجوب، فان كثرة استعمالها في الاستحباب كما ورد في الروايات أدّت إلى عدم ظهور في الوجوب عند البعض في خصوص النصوص الشرعيّة. نحن قلنا ان الصيغة لم توضع للوجوب، بل هي موضوعه للنسبة الطلبيّة كمعنى حرفي في المشترك وهو يشمل الوجوب والاستحباب والاباحة، وظهور صيغة الامر في الوجوب ظهور عقلائي يحتاج للقرينة العقلية أو الحالية أو المقاليّة، وكثرة وغلبة الاستعمال في الاستحباب يمنع من ان يكون ظهور في الوجوب. لكن مع ذلك فإن الظهور هو في الوجوب، الا ان العموم يراد منه الخصوص غالبا حتى قيل: " ما من عام إلا وقد خص " ومع ذلك يبقى العموم على ظهوره ولذلك يتمسك به.
[2] استطراد بيّناه سابقا وهو يتعلّق بالمنحى التفكيري للشيخ الانصاري (ره) انه إذا دار الامر بين امرين وكان هناك اشكال على أحدهما، فيكون دليلا على ثبوت الثاني. وذكر امثلة على ذلك.
[5] تفريع على مسألة ادلة السنن: نقول ليس من التسامح في السنن أن أرفعها، كما انه ليس من المنّة في السنن أيضا أن أرفعها في المستحبات، نعم في الأمر الواجب أو المحرّم من المنّة أن أرفعه حتى ترتاح من التكليف. لان رفع الاحكام منّة لذلك قالوا في الحديث الشريف: "رفع عن امتي ما لا يعلمون وما لا يطيقون .... " قالوا لأجل المنّة على المكلفين، ولا تشمل المستحبات ولا المكروهات لأنه ليس فيها منّة. أما الأمر المستحب ما هي المنّة أن أرفعه؟ بالعكس أنت في الواقع تحرمني من فرصة الثواب إذا فعلت الأمر المستحب ولا خسارة في تركه، مثلا إذا قلت: " من صلى ركعتين كان له بيت في الجنّة " فاين المنّة في إسقاط هذا الحديث بالقول بعدم صحّته، فلا تكون هناك منّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo