< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. هل تجري قواعد المطلق والمقيّد في الواجبات كما تجري في المستحبات؟

     الوجه الثاني في الفرق هو ما ذكره صاحب الكفاية ثانيا من ان الاستحباب مبني على التسامح.

     فهم السيد الخوئي للتسامح هو قاعدة التسامح في ادلّة السنن روايات" من بلغه ثواب.." فأجاب بثلاثة ردود:

     بيان الردود الثلاثة والتعليق عليها.

     جوابنا على كلام صاحب الكفاية في الوجه الثاني وهو ان الاستحباب مبني على وجود الملاكات لا على التسامح.

 

نعود لإيراد السيد الخوئي (ره) على صاحب الكفاية (ره) في الوجه الثاني بان المستحبات مبنيّة على التسامح، والتسامح بنفسه يدل على أميز الافراد وليس على الالزاميات التعيينيات.

وقلنا ان السيد الخوئي (ره) فهم من هذا التسامح قاعدة " من بلغ " التسامح في ادلّة السنن، القاعدة صحيحة بعدّة روايات لكن الكلام في القاعدة هل تثبت استحبابا أم تثبت ثوابا؟

ولذلك أورد عليه ثلاثة ردود وملخصها:

الردّ الأول: عدم صدق البلوغ على المطلق بعد ورود القيد، لأنه قرينة عرفا على أن ما عدا القيد ليس بمستحب.

بيانه: ان المطلق يشمل افراد متعددة ومنها الفرد المقيّد وبعد ورود القيد لا يصدق " من بلغه ثواب " في الافراد الاخرى، فالقاعدة لا تتم.

بتعبير اخر: هم قالوا ان قاعدة " من بلغ " هي التي أبقت المطلق على اطلاقه لكن بعد ورود المقيّد لا يصدق البلوغ في كل الافراد، بل أصبح في خصوص فرد معيّن، وهو المقيّد فالأفراد الأخرى لا تكون من مصاديق القاعدة فكيف تدل القاعدة على بقاء الاطلاق؟! فالاستدلال على بقاء المطلق على اطلاقه بالقاعدة إما مصادرة على المطلوب أو دور.

الردّ الثاني: إن مفاد القاعدة هو الثواب لا الاستحباب. أي ليس هناك جعل استحبابي، فلا يوجد تقييد أصلا.

الردّ الثالث: لو سلمنا الدلالة على الاستحباب فان استحباب المطلق ورد في دليل، واستحباب المقيّد بدليل آخر، لان ظاهر الدليل انه حكم وملاك وجعل خاص، فمن أين أتى كونه أفضل الأفراد؟

أقول: لكن يرد على الوجه الثالث انه لو لم يكن له ميزة فلا معنى لذكره، وهذا مرادهم بأفضل الأفراد، ومرادنا أميز الأفراد سواء كان من جهة الخسّة أو الإضاءة أو الفضيلة أو إلفات نظر.

وكلام السيّد (ره) كلّه يأتي من خلال فهمه لو فسّرنا هذا الوجه بقاعدة التسامح، لكن لم يصرّح صاحب الكفاية (ره) بذلك، بل ظاهره ان الاستحباب مبني على التسامح، هذا شيء والقاعدة شيء آخر.

حيث قال صاحب الكفاية: " أو انه كان بملاحظة التسامح في ادلة المستحبات، وكان عدم رفع اليد من دليل استحباب المطلق بعد مجيء دليل المقيّد وحمله على تأكد استحبابه من التسامح فيها ". [1]

والاصح في الجواب: ان السيد بنى كل الردود على ان مراد صاحب الكفاية هو قاعدة التسامح، والصحيح ان مراده هو مجرد التسامح في المستحبات بعكس الواجبات الإلزاميّة، ولذلك العرف في المستحبات لا يحمل المطلق على المقيّد، بل يبقى المطلق على اطلاقه.

والذي أراه هو عدم التسليم بالصغرى وهي أن الاستحباب مبني على التسامح، بل هو مبني على ملاك راجح دون الإلزام يؤدي إلى جعل لأنه من المجعولات. نعم الثواب هو المبني على التسامح.

بعبارة أخرى: كما ان الوجوب مبني على الملاكات أيضا الاستحباب مبني على الملاكات وليس على الثواب.

ولذلك ما ذكره صاحب الكفاية (ره) ان عدم حمل المطلق على المقيّد في المستحبات يحتمل ان يكون مبنيا على التسامح فيها.

والجواب: ان المستحبات ليست مبنية على التسامح بل هي مبنية على الملاكات، فإذا كشف عنها تمّ الاستحباب. وإلا فلا.

نعم الذي بني على التسامح هو بسبب القاعدة " من بلغه ثواب " وهو الانقياد لأجله الله يعطيك الثواب، لذلك حتى السيد الخوئي وصاحب الكفاية في القاعدة ذهبا إلى الثواب لا إلى الاستحباب، وكلامهما سليم نؤيّده وهو الدليل على الثواب انقيادا ولا تدل على ملاك وجعل وانشاء وان هناك مصلحة، قد تكون المصلحة فقط في الانقياد والامتثال لله عز وجل.

إذن الاستحباب لا يكون مبنيا على التسامح، بل هو مبني على وجود مصلحة في الجعل.

نعم، لا مانع في كون الثواب مبنيا على التسامح. ولذا ذهب الكثيرون إلى ان روايات " من بلغ " لا تدل على أكثر من الثواب، والظاهر كونه من باب الانقياد. ولا تدل على جعل استحبابي، بل بنظري لا يعقل ذلك، وهل بعقل نشوء مصلحة على طبق الخبر حتى لو كان باطلا، وهذا ما لا يقول به حتى القائل بالسببية والتصويب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo