< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. هل تجري قواعد المطلق والمقيّد في الواجبات كما تجري في المستحبات؟

     تتمة استعراض الروايات التي استدل بها المشهور على كون منتصف الليل شرط في صحة صلاته.

     الطائفة الأولى لا تدلّ على ذلك.

     الطائفة الثانية: الروايات الدالة على جواز تقديم صلاة الليل على منتصفه في العذر.

     الطائفة الثالثة: الروايات الدالة على جواز تقديم صلاة الليل على منتصفه ولو لغير عذر، بل مطلقا.

نعود للتطبيق الفقهي: في الفرق بين المستحبات والواجبات، والسيد الخوئي (ره) اعطى تطبيقا على ذلك ابتداء وقت صلاة الليل، ذكرت ثلاثة روايات واحدة سندها صحيح والاخريين سندهما ضعيف، لكن دلالتها على ان وقت صلاة الليل من نصف الليل إلى آخره، وهي واضحة انها بالمفهوم بدأ صلاة الليل من منتصف الليل.

ومن الروايات:

ح3 - محمد بن الحسن بإسناده (معتبر) عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن عمر بن أذينة (ثقة) عن فضيل (ثقة)، عن أحدهما (ع) أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة. [1] (احدى عشر ركعة صلاة الليل وركعتان صلاة الفجر).

من حيث السند: الرواية صحيحة.

ومن حيث الدلالة: فالكلام فيها الكلام في الرواية الأولى بانه ليس هناك دليل واضح على عدم صحة صلاة الليل ما قبل منتصف الليل. إذ لعلّه في هذه الرواية يأخذ بأفضل الأوقات وانه ليس بوقت منحصر بل هو أحد الازمنة. وعمل المعصوم دليل لبيّ نقتصر فيه على القدر المتيقن وهو أن وقت الصلاة يشمل بعد انتصاف الليل.

إذن الروايات المعتبرة من جهة الدلالة إذا استثنين الروايتين الضعيفتي السند لا تدل صراحة وظهورا ولا بالمفهوم على ان وقت منتصف الليل هو وقت البداية للصلاة.

ومنها: ح 4 - وعنه (محمد بن الحسن بإسناده (معتبر) عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن صفوان (ثقة)، عن ابن بكير (ثقة فطحي)، عن عبد الحميد الطائي (بن عواض، ثقة، من أصحاب الكاظم (ع)، روى عنه ابن ابي عمير والبزنطي ويونس [2] وغيرهم)، عن محمد بن مسلم (ثقة)، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه فلا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل، لا في شهر رمضان ولا غيره. [3]

من حيث السند: فهو معتبر.

ومن حيث الدلالة: ما ذكرناه في الرواية الأولى ليس هناك دلالة على ان وقت صلاة الليل يبدأ بعد المنتصف، وان منتصف الليل شرط في صحة الصلاة.

إلى هنا لا توجد إي رواية تدل على ان منتصف الليل شرط في صحّة الصلاة إلا الروايات الضعيفة، وهذه الروايات لو دلّت على كون بدء صلاة الليل هو المنتصف لكانت مقيّدة لإطلاق قوله تعالى: ﴿قم الليل إلا قليلا﴾ [4] سنستعرضها بعد استعراض الطائفة الثانية والثالثة والرابعة من الروايات.

الطائفة الثانية: في جواز تقديم صلاة الليل وصلاة الوتر على انتصاف الليل بعد صلاة العشاء لعذر كمسافر أو شباب تمنعه رطوبة رأسه أو خائف من الجنابة أو البرد أو النوم أو المريض أو غير ذلك. وقد أورد صاحب الوسائل (ره) تسعة عشر حديثا معتبرا في ذلك يراجع.

الطائفة الثالثة: الابتداء من اول الليل مطلقا لعذر أو لغيره:

ح 14 – وعنه (محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب)، عن محمد بن عيسى (ثقة من الاجلاء) قال: كتبت إليه أسأله يا سيدي روي عن جدك أنه قال: لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة الليل في أول الليل، فكتب في أي وقت صلى فهو جائز إن شاء الله. أقول (الحر العاملي): هذا محمول على العذر لما مر. [5]

من حيث السند: الرواية مقبولة.

ومن حيث الدلالة: فالرواية مطلقة، فالنص " في أي وقت " قوي في العموم. واما ذهاب الحر العاملي (ره) إلى تقييدها بالعذر فلعلّه من باب حمل المطلق على المقيّد في الإيجابيين، وهذا لا نقول به لأنه حمل تبرعي [6] منه، بل نقول بكون المقيّد أفضل الأفراد، ويعضد هذا روايات الطائفة الرابعة.

الطائفة الرابعة: صريحة واضحة بان تجوز الصلاة قبل منتصف الليل وان ما بعد منتصف الليل أفضل، وهي صالحة للجمع بين الروايات التي ظاهرها التعارض، فنحمل الروايات على كونها أفضل الافراد وذلك لأنها من تطبيقات المطلق والمقيّد الإيجابيين كما درسنا في الاصول.

 


[2] في توضيح معنى قاعدة مشايخ الثقات: قلنا ان نفس رواية ابن ابي عمير والبزنطي تدل على وثاقته لان ابن ابي عمير والبزنطي عندما يرويان عن شخص من باب القاعدة يدل على وثاقته، وهذا العام يمكن ان يروي عن غير ثقة لكن يحتاج إلى دليل، فيكون عبد الحميد الطائي ثقة إلا إذا ورد دليل على التضعيف، أي ان التضعيف هو الذي يحتاج إلى دليل وليس التوثيق الذي يحتاج إلى دليل بعكس الرواة الآخرين التوثيق يحتاج إلى دليل. اما يونس قلنا انه ليس من هؤلاء الذين لا يرون إلا عن ثقة، بل يمكن ان يروي عن غير الثقة، لكن روايات يونس معتبرة، يسأل عبد العزيز بن المهتدي الامام (ع) " أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ قال: نعم"، وهذا يدل على ان ما يرويه يونس معتبر، يؤخذ عنه معالم الدين، ولا يعني ان يونس لا يروي إلا عن ثقة. النتيجة ان الرواية التي يرويها يونس امرنا الامام العمل بها.
[6] في الأصول ندرس ان الجمع التبرعي للخروج عن التعارض والتكاذب بين الروايتين ليس حجّة وليس دليلا، لكنه عمليا مشهور، وحمل الشيخ مجرّد خروج من التعارض المستحكم بنظره.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo