< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. هل تجري قواعد المطلق والمقيّد في الواجبات كما تجري في المستحبات؟

     الطائفة الثانية من روايات وقت صلاة الليل هي روايات جواز التقديم لعذر، وهي على قسمين:

القسم الأول: ما ليس له مفهوم.

القسم الثاني: ما له مفهوم، فهل تكون مقيّدة للمطلقات.

     يحتمل في القسم الثاني ان يكون لرفع الافضليّة لا لبيان شرط صحة الصلاة، أي يكون فضل الصلاة عند العذر في اول الليل كفضلها بعد انتصافه. وهو احتمال قوي خصوصا بعد ملاحظة روايات الافضليّة.

 

نعود للطائفة الثانية من الروايات وهي في ابتداء وقت صلاة الليل من اوله إذا كان لعذر وقد أورد صاحب الوسائل (ره) تسعة عشر حديثا بعنوان: جواز تقديم صلاة الليل والوتر على الانتصاف بعد صلاة العشاء لعذر كمسافر أو شباب تمنعه رطوبة رأسه أو خائف من الجنابة أو البرد أو النوم أو المريض أو غير ذلك.

هذه الروايات على قسمين: قسم ليس له مفهوم وقسم له مفهوم.

قسم ليس له مفهوم مثل: الوسائل: ح 4 – الشيخ بإسناده عن علي بن سعيد (ثقة، وثقه النجاشي والعلامة)، أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن صلاة الليل والوتر في السفر من أول الليل قال: نعم. [1]

من حيث الدلالة هذه الرواية ليس لها مفهوم إلا بناء على مفهوم اللقب، لكنه من أضعف المفاهيم، فلا تعني في غير السفر لا تكون في اول الليل.

وفي ح 1 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن مسكان (ثقة)، عن ليث المرادي (ثقة) قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل، فقال: نعم، نعم ما رأيت، ونعم ما صنعت، يعني في السفر قال: وسألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليل فقال: نعم. ورواه الشيخ أيضا بإسناده عن عبد الله بن مسكان مثله إلى قوله: صنعت. [2]

من حيث السند طريق الصدوق إلى عبد الله بن مسكان (من الاجلاء الكبار ثقة عين)، صحيح.

ومن حيث الدلالة كسابقتها ليس لها مفهوم ألا مفهوم اللقب فلا تدل على الحكم في غير السفر.

وقسم أخر له مفهوم وبه نقيّد الاطلاقات مثل:

في الوسائل: ح 2 – و(الشيخ) بإسناده عن الحلبي، عن أبي عبد الله (ع) قال: إن خشيت أن لا تقوم في آخر الليل أو كانت بك علّة أو أصابك برد فصل وأوتر في أول الليل في السفر. ورواه الشيخ بإسناده، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان عن الحلبي مثله. [3]

من حيث السند: طريق الصدوق إلى الحلبي صحيح.

ومن حيث الدلالة: فإن مفهومها مفهوم الشرط، والعرف يرى ان الشرط له مفهوم، فتعارض وتقيّد مطلقات وقت صلاة الليل بانه من اول الليل، فالعام والمطلق يقيّد بالمنطوق والمفهوم أو مقدمات الحكمة.

ونحن لم نرض ذلك وقلنا ان منشأ الظهور بلا شك أحيانا يؤدي إلى أقوائية الظهور لكن التقديم والتأخير قد يرتبط بمورد آخر، فالخاص بما هو خاص يقدّم على العام إلا مع وجود القرائن.

فإذن إذا كان عندي العام أو المطلق ثم جاء المقيّد أو المخصص، هذا المقيّد حتى لو كان بالمفهوم كما في مثالنا الخاص يقدّم على العام، والمقيّد يقدم على المطلق لان الخاص اظهر منه، والمناط في التقديم هو الأظهريّة، هنا في الرواية: " ان خشيت " مفهومها " ان لم تخش " لا يجوز لك تقديم الصلاة ولا تكون من اول الليل بل تبقى من المنتصف، أي ان هذا الحكم ينتفي مع انتفاء الشرط، فنعود إلى الروايات التي تقول ان وقت صلاة الليل من المنتصف.

لكن يمكن حمل الرواية وليس حملا تبرعيا محضا على رفع الافضليّة بعد انتصاف الليل عند السفر والعذر " فإذا خشيت " ترتفع الافضليّة، وهو احتمال قوي بعد ملاحظة روايات الافضليّة، فيصبح المفهوم هنا ليس مفهوما يدل على بيان وقت شرط الصحّة بل هو رفع افضليّة.

ولو تنزلنا وقلنا بالمفهوم، فان روايات ابتداء وقت صلاة الليل من أول الليل بالمنطوق، فتقدّم عليها بناء على أن ما بالمنطوق يقدّم على ما بالمفهوم. وان كنا لا نسلّم بذلك مطلقا، بل نقول بتقديم الاظهر وإن كان بالمفهوم كما لو كان أخص.

بالنتيجة ان الطائفة الثالثة، ليس لها ظهور في المفهوم وعدم صحة صلاة الليل من اوّله.

ففي الوسائل: ح 14 – وعنه (محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب)، عن محمد بن عيسى (ثقة من الاجلاء) قال: كتبت إليه أسأله يا سيدي روي عن جدك أنه قال: لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة الليل في أول الليل، فكتب في أي وقت صلى فهو جائز إن شاء الله. أقول (الحر العاملي): هذا محمول على العذر لما مر. [4]

من حيث السند: الرواية مقبولة معتبر.

ومن حيث الدلالة: فالرواية مطلقة، فالنص " في أي وقت " وهذا التعبير قوي في العموم. واما ذهاب الحر العاملي (ره) إلى تقييدها بالعذر فلعلّه من باب حمل المطلق على المقيّد في الإيجابيين، وهذا لا نقول به لأنه حمل تبرعي منه لا دليل عليه، بل نقول بكون المقيّد أفضل الأفراد، ويعضد هذا روايات الطائفة الرابعة.

 


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج3، ح4، ص182 (الإسلامية).
[2] المصدر السابق.
[3] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo