< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. هل تجري قواعد المطلق والمقيّد في الواجبات كما تجري في المستحبات؟

     الطائفة الرابعة تجعل من منتصف الليل زمانا للأفضليّة وليس شرطا لصحة الصلاة.

     هذه الطائفة صالحة للجمع بين الروايات، ويكون جمعا ظهوريا لا تبرعيا.

     مع الآية الكريمة: " قم الليل إلا قليلا ".

 

بعد مناقشة الطوائف الثلاث السابقة سندا ودلالة وقلنا انها معتبرة، الطائفة الأولى تدل على ان وقت صلاة الليل بعد المنتصف. وناقشنا هذه الدلالة ولم نسلّم بها. والطائفة الثانية ما تدل على جواز الاتيان بالصلاة اول الليل لعذر، وقلنا انها قسمان: قسم له مفهوم، وقسم ليس له مفهوم وقد يقال انه يقيّد اطلاقات روايات الطائفة الأولى. الطائفة الثالثة ما دل على ان صلاة الليل بدوها من اول الليل.

قد يقال ان هناك تعارض بين الروايات التي تقول ان الصلاة بعد منتصف الليل وبين التي تقول من اول الليل.

فانه يقال: أولا: الطائفة الأولى لا دلالة فيها على اشتراط المنتصف، وثانيا: لو سلمّنا فانها معارضة بالطائفة الثانية، ويرتفع التعارض بالحمل على الافضليّة كما في الطائفة الرابعة.

الطائفة الرابعة: ما يدل على أفضلية الصلاة بعد المنتصف لا على البداية.

ففي الوسائل: ح 9 - وعنه (الطوسي عن الحسين بن سعيد)، عن محمد بن أبي عمير (ثقة)، عن جعفر بن عثمان (ثقة)، عن سماعة (ثقة واقفي)، عن أبي عبد الله (ع) قال: لا بأس بصلاة الليل فيما بين أوله إلى آخره إلا أن أفضل ذلك بعد انتصاف الليل. وبإسناده (الطوسي) عن محمد بن علي بن محبوب (ثقة)، عن محمد بن عيسى (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن جعفر بن عثمان (ثقة) نحوه. وبإسناده عن الطاطري (ثقة واقفي، وبعضهم قال ان الطاطري لا يروي إلا عن ثقة)، عن محمد بن عيسى مثله. [1]

من حيث السند الاول: هي موثقة سماعة، والرواية باسنادها التي ذكرت فهي مستفيضة معتبرة.

من حيث الاسانيد كلّها معتبرة. اما جعفر بن عثمان فيقول عنه الحر العاملي في خاتمة الوسائل: الرواسي الكوفي، من أصحاب الصادق (ع) روى الكشي عن حمدويه (ثقة): قال: سمعت أشياخي يذكرون أن حمادا وجعفرا والحسين بني عثمان بن زياد الرواسي وحماد يلقّب " بالناب " كلهم فاضلون خيار ثقات، ونقل العلاّمة نحوه.

واما من حيث الدلالة فهذه الرواية صريحة وتؤدي إلى ظهور، وهي صالحة للجمع بين روايات الطائفة الأولى والثالثة المتعارضة، حيث لا تتعارض مع روايات البدء بانتصاف الليل، لما ذكرناه من عدم دلالة تلك الروايات على شرطية الانتصاف فهي قرينة على ان المراد ليس شرطيّة الانتصاف بل التزام بالأفضلية من الرسول (ص)، وعمل المعصوم دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقّن وهو ان ما بعد المنتصف هو من وقت صلاة الليل، ولا يدلّ على ان ما قبل المنتصف ليس وقتها.

الحاصل عندنا في الطائفة الأولى اربع روايات روايتان صحيحتان ومعتبرتان على ان رسول الله كان يصلي بعد المنتصف، لكن هذا لا دلالة فيه على ان ما قبل المنتصف ليس وقت صلاة الليل، وروايتان مرسلتان ضعيفتان تدلان بمفهوم الحديد إلا ان الاشكال في السند.

إذن هذه الرواية من الطائفة الرابعة التي تجعل منتصف الليل أفضليّة وليس شرطا صالحة للجمع بين المتعارضات ولتفسير تلك الروايات وبيانها، ولا تتعارض مع الروايات الأولى ولا الثالثة. فيحصل ظهور في الجمع بين الروايات، وهذا الظهور إنما نشأ من ملاحظة الطائفة الرابعة، وهذا يكفي في حجيّته، فانه ليس جمعا تبرعيا.

وفي نفس المصدر: ح13 - وبإسناده (الطوسي) عن محمد بن علي بن محمد بن محبوب (ثقة)، عن إبراهيم بن مهزيار (يقول عنه الحر في الوسائل: من سفراء المهدي (ع) ذكره ابن طاووس في ربيع الشيعة ومدحه مدحا جليلا يزيد على التوثيق، ويفهم توثيقه أيضا من تصحيح العلامة [2] طريق الصدوق إلى بحر السقاء، والسيد الخوئي (ره) ذكر انه وقع في اسناد كامل الزيارات) وهذه القرائن مهمّة، لكن ان تكون دليلا فلا تكفي عندنا، ولكن لا يبعد انها تؤدي إلى اطمئنان نوعي بوثاقته)، عن الحسين بن علي بن بلال (مجهول)، قال: كتبت إليه في وقت صلاة الليل، فكتب: عند زوال الليل وهو نصفه أفضل، فان فات فأوله وآخره جائز. [3]

من حيث السند الرواية ضعيفة.

ومن حيث الدلالة: فهي كسابقتها صالحة للجمع بين الروايات المتعارضة وهي مؤيد لما نذهب اليه.

ومع الآية الكريمة: ﴿قم الليل إلا قليلا﴾ [4]

والبحث فيها في نقطتين:

الأولى: في إعراب كلمة " الليل "، فإما ان تكون مفعولا به لمضاف محذوف تقديره: " قم صلاة الليل " فالفعل " قام " فعل لازم لا يحتاج إلى مفعول به، قالوا من باب التوسع على غرار دخلت الدار، حيث إن دخل فعل لازم يتعدى بحرف جر.

وإما ان تكون ظرفا، أي منصوبة على الظرفيّة مفعولا فيه، فحينئذ لا دلالة فيها على خصوص صلاة الليل، بل التكليف هو القيام والعبادة، والتفسير بصلاة الليل يحتاج إلى دليل خاص.

 


[2] توثيقات العلامة عندي ليست دليل قويا على التوثيق وان كانت مؤيدا، فإذا كان التوثيق بناء على قواعده فلا آخذ بها لان التوثيق اجتهاد منه، اما إذا كان اخذه حسا وسماعا أو من كتاب فنأخذ بها، وإذا شككنا فعند من يقول بعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة المفروض عدم اعتبار توثيقه، نعم لو كانت مباني التوثيق هي نفس مباني العلامة جاز له ان يأخذ بتوثيقاته. اما عندما فيجوز التمسك بالعام بالشبهة المصداقيّة، ولذا يمكن الأخذ بتوثيقات العلامة عند الشك، إلا ان بعد العلامة عن زمن الرواة والكتب الرجالية القديمة يوهن احتمال كون التوثيق عن حس.
[3] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo